فلسطين أون لاين

تقرير "تنظيف الأسماك" عمل مستحدث لسد رمق الجوع في غزة

...
تنظيف الأسماك - أرشيف
غزة/ رامي رمانة:

على طاولة خشبية مستطيلة الشكل، وبأدوات بسيطة، يزاول الشاب محمد بكر (37 عاماً) عمله اليومي في تنظيف الأسماك في ميناء غزة البحري مقابل أجر زهيد، يعينه على تأمين جزء من احتياجات أسرته.

وقال بكر لصحيفة "فلسطين":" في ظل ندرة العمل المتوفر في قطاع غزة، فإنني أحاول أن أتحصل على بعض المال من وراء هذا العمل، لا أجني الكثير لكن خير من الجلوس دون عمل".

وأضاف: "في الأساس مهنتي الصيد، لكن في الأوقات التي يشحُ فيها السمك، أمارس عمل تنظيف الأسماك، حيث أقدم الخدمة لمشتري السمك من سوق الدلالة في الميناء، وللمصطافين الراغبين في شواء السمك على شاطئ البحر، والحمد لله أجد القبول من جانب الذين يتعاملون معي".

ويتقاضى بكر أجرًا عن كل كيلو سمك ينظفه من شيقل إلى شيقلين، وقد ترتفع بعض الشيء حسب نوعية السمك، ليعود في نهاية عمله مجمعاً (20-25) شيقلاً لأبنائه الأربعة القاطنين في منزل لا يتعدى (60) متراً في مخيم الشاطئ للاجئين غرب غزة.

وتُعدّ مستويات البطالة في غزة من بين الأعلى في العالم بسبب الحصار الإسرائيلي، حيث وصل معدل العاطلين عن العمل خلال الربع الأول من عام 2022 إلى 46.6 % بالمقارنة مع المتوسط الذي كان يبلغ 34.8 % في عام 2006، وهذا الارتفاع يعد قفزة تتطلب برامج لتخفيضها وتقليصها قبل وصولها إلى مرحلة الخطورة المجتمعية.

ووصل معدل البطالة بين الشباب (15-29 عاما) إلى 62.5 % خلال الفترة نفسها.

وفي المكان ذاته، يتخذ الشاب محمد حجو (17 عاماً)، من تنظيف الأسماك عملًا يعينه على تغطية احتياجات والديه الكبيرين في السن، مبيناً أن أسرته وضعها المعيشي محدود جداً وأنه يعاونها على تأمين بعض الاحتياجات.

ولفت حجو في حديثه لصحيفة "فلسطين" إلى أن ظروفه المالية الصعبة تحول دون أن يستأجر محلاً لمزاولة تنظيف الأسماك، وأن يزود المحل بثلاجة لحفظ السمك لأطول فترة ممكنة لحين وصول صاحبها لاستلامها، مشيراً إلى أن أكثر الأسماك التي تمر عليهم هي الشعبية.

ويعدّ "تنظيف الأسماك" من المهن المستحدثة التي انتشرت في ميناء وأسواق قطاع غزة بفعل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وشح فرص العمل بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ 2007. 

كذلك الخمسيني أبو خالد، لجأ إلى ذلك العمل منذ ثلاث سنوات، بعد أن أُصيب بغضروف أقعده عن ممارسة مهنة الصيد قائلاً "حتى لا أعيش عالة على أحد، اضطررت إلى العمل، ليس عملي المفضل لكن الحاجة تدفعني إلى ذلك، في البيت من ينتظر أن أطعمه".

وحثّ أبو خالد المؤسسات الأهلية والخيرية أن تنظر بعين واسعة تجاه أوضاع المتعطلين عن العمل والصيادين الذين يعتاشون على المواسم، وأن ينفذوا لهم برامج تشغيل.

وحسب نقابة الصيادين، فإن نحو 4 آلاف صياد في غزة يعيلون أكثر من 50 ألف فرد تضرروا من جراء ممارسات الاحتلال، كما أن إنتاج الصيد البحري يتراوح (3-4) آلاف طن سنويًّا، يغطي (40%) من احتياج السكان.

ولتغطية الاحتياج في غزة برزت مشاريع الاستزراع السمكي خاصة في الأسماك الاقتصادية.

من جهته، أكد رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في قطاع غزة، سامي العمصي أن المواطن في قطاع غزة يحاول أن يتشبث بالحياة، وأن يؤمن قوت أطفاله في ظل مواصلة الاحتلال فرض حصاره.

وبيّن العمصي لصحيفة "فلسطين" أن قطاع غزة به طاقات شابة قادرة على الإنتاج والعطاء، لكن عدم توفر العمل يحول دون ذلك، داعياً المجتمع الدولي الضغط على سلطات الاحتلال لرفع الحصار، وتعويض المتضررين عن الحروب العدوانية السابقة ورفد القطاع بمشاريع إنتاجية.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" فإن 1.3 مليون فلسطيني من أصل 2.1 مليون في غزة (أي 62 % من السكان) بحاجة إلى المساعدات الغذائية.

وتفرض سلطات الاحتلال حصاراً بحرياً على قطاع غزة، منذ 2007، وتسمح للصيادين بالصيد لمسافة تتراوح ما بين (6 - 9) أميال بحرية فقط.