كما كل عام، يعيد محمود عباس رئيس السلطة خطابه ذاته وبنفس الكلمات، وتكاد تكون نفس المفردات القائمة على لغة الاستجداء من الاحتلال الاسرائيلي والولايات المتحدة التي تدعمه بشكل مطلق.
عباس يذهب للأمم المتحدة للمرة 17 ويلقي الخطاب ذاته في تشخيص لجرائم الاحتلال، وما يرتكبه من إعتداءات، بينما يغيب تمامًا عن خطابه دور السلطة في التعامل مع جرائم الاحتلال، والاكتفاء بتهديدات لم يعد يستمع لها أحد ترتبط بالتوجيه للمحاكم الدولية لمحاكمة قادة الاحتلال، وهذا نتاج التهديدات الاستعراضية التي تنتهي بانتهاء الخطاب، ولا يلقي أحد لها بالًا.
خطابات الاستجداء التي يلقيها عباس لم تعد تخدم القضية الفلسطينية ولا تفيدها شيئًا.
فهي خطابات قائمة على مبدأ الطلب والخضوع والرجاء والتمني للاحتلال الإسرائيلي ويغيب عنها أي موقف يقوم على مبدأ محاسبة الاحتلال الإسرائيلي وملاحقته، أو الدعوة لمقاومته وهي اللغة التي يجب أن تسود بين من يقع تحت الاحتلال في وجه المحتلين، وأن المجتمع الدولي لا يحترم إلا الأقوياء والقادرين على مقاومة ومواجهة المحتلين.
وكذلك ينسلخ عباس في مواقفه عن الموقف الوطني الجمعي الفلسطيني القائم على مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بكل الأدوات والأساليب وبينها وفي مقدمتها المقاومة المسلحة و توفير الحاضنة الشعبية ودعمها وأبطالها من أسرى، وليس إدانتها كما ما فعل عباس في الخطاب ذاته حينما وصفه ما قام به الأسير ناصر أبو حميد بأنه جريمة ولكن هو في الحقيقة هو عمل بطولي في وجه الاحتلال الإسرائيلي.
حديث عباس المتكرر عن الجرائم لن يوقفها ولن يمنعها بل يشجع الاحتلال الإسرائيلي عليها خاصة في ظل استمرار التنسيق والتعاون الأمني بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي.
فلا يستقيم الأمر بين الدعوة لملاحقة ومحاسبة (إسرائيل) على جرائمها، وبنفس الوقت ارتكاب نفس الجريمة بشكل مشترك بين الجانبين عبر الاعتقال والمطاردة والتعذيب للمقاومين في الضفة الغربية وملاحقتهم ومعاقبة الجرحى وعائلات الشهداء وحرمانهم من حقوقهم الوطنية.
عباس في خطابه السابع عشر أمام الأمم المتحدة يقدم إستراتيجية استجداء للاحتلال الإسرائيلي بشكل مهين.
يرجع ذلك أن محمود عباس يذهب إلى الأمم المتحدة منذ 15 عامًا وهو فاقد للشرعية الفلسطينية الوطنية ومستفرد بالحالة الفلسطينية، ويدير ظهره لكل المؤسسات والفصائل الوطنية التي تجمع على ضرورة إجراء انتخابات شاملة فلسطينية للمجلس التشريعي والرئاسة وإيجاد بديل عنه يمثل كل الفلسطينيين وانتخاب مجلس وطني ولجنة تنفيدية قادرة على النهوض بالمشروع الوطني والتوقف عن لغة الاستجداء من المحتل، و تبني مشروع المقاومة الاحتلال الإسرائيلي وفق رؤية وطنية فلسطينية.