لم يكن اعتقال أجهزة أمن السلطة للمطارد لجيش الاحتلال مصعب اشتية ورفيقه عميد طبيلة من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، الجريمة الوحيدة بحق المقاومين، بل سبقها سلسلة اعتقالات واسعة مماثلة.
ومنذ تأسيس السلطة عام 1994، بموجب اتفاقات أوسلو مع دولة الاحتلال، بدأت باعتقال كبار قادة المقاومة بدءًا من قادة حماس وجناحها العسكري، الشيخ أحمد ياسين، ومحمد الضيف، وصلاح شحادة، وعبد العزيز الرنتيسي، ورائد العطار.
كما شملت اعتقالات السلطة الأمين العام للجبهة الشعبية، أحمد سعدات، والمشاركين في عملية قتل وزير السياحة في حكومة الاحتلال آنذاك رحبعام زئيفي، وعاهد أبو غلمة ومجدي الريماوي وباسل الأسمر وحمدي القرعان، عام 2002، ليعتقلهم الاحتلال لاحقا من سجن السلطة في أريحا.
ويعكس استمرار السلطة لاعتقال قادة المقاومة، حرصها على التنسيق الأمني والتعاون مع سلطات الاحتلال في مطاردة المقاومين وإبطالها أي عمل مسلح بالضفة الغربية المحتلة.
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين، أن السلطة نشأت من أجل القيام بدور رئيس يتمثل في قمع العمل المقاوم وحماية الأمن لدولة الاحتلال.
ويقول عز الدين لـ"فلسطين": "مع ارتفاع موجة المقاومة في الأشهر الأخيرة وازدياد ظاهرة المطاردين للاحتلال بالضفة الغربية، كان من واجب السلطة وفق اتفاقية أوسلو أن تدعم وتساعد الاحتلال".
ويضيف أن السلطة تواصل مطاردة المقاومين وملاحقتهم وخاصة الأسماء التي تصلها من سلطات الاحتلال.
ويبين أن الفترة الأخيرة شهدت حالة من الضغط على السلطة بسبب عجزها عن وقف موجة المقاومة وفقدانها للسيطرة على نابلس وجنين، لذلك جاء اعتقال المطارد اشتية في محاولة إثبات للاحتلال أنها ما زالت جديرة بثقته.
ويلفت إلى أن ردة فعل الشارع العنيفة ضد اعتقال السلطة للمطارد اشتية وطبيلة، تؤكد هشاشة وضعف موقفها وأنه ليس بالسهولة إعادة سيطرتها على نابلس وجنين.
ويتابع: "ربما راهنوا على احتجاجات أضيق وأضعف لمدة يومين أو ثلاثة ثم تهدأ الأمور لكن الأوضاع تتفاقم بشكل كبير".
ويوضح أن التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال كان طوال الوقت على مستوى متقدم لكن ما حصل مؤخرًا أن تسارع الأحداث والإرباك الحاصل عند الاحتلال كشف حجم ومستوى التنسيق للعلن.
بدوره، يؤكد القيادي في الجهاد الإسلامي ماهر الأخرس، أن ملاحقة السلطة للمقاومين والمطلوبين للاحتلال، هو نهج قديم لأجهزتها تنفيذًا لاتفاقية أوسلو.
ويقول الأخرس لـ"فلسطين": "اعتقالات السلطة للمقاومين والمطاردين هي إهانة للشعب الفلسطيني، بهدف إرضاء (إسرائيل)".
ويبين أن اعتقال السلطة للمقاومين يأتي نتيجة الضغط المستمر عليها من قيادة دولة الاحتلال، والولايات المتحدة، لذلك تريد إثبات السلطة أنها تستطيع تطبيق الاتفاقيات الأمنية مع (إسرائيل).
ويضيف: "ستعمل أجهزة أمن السلطة من خلال محققيها إلى التحقيق مع المطاردين اشتية وطبيلة إلى الوصول لجميع المعلومات التي تتعلق بعملهم المقاومة، ثم ستقوم بتسليمها إلى الاحتلال".
ويوضح الأخرس أن الشعب الفلسطيني لا يقبل إيذاء السلطة وأجهزتها للمقاومين والمطاردين، لأنهم يقفون أمام الاحتلال ويردون على انتهاكاته المستمرة من استيطان، وقتل مستمر للمواطنين.