"وطن يسكن فينا" هو عنوان درس في مادة اللغة العربية للصف الثاني الابتدائي، حذفته سلطات الاحتلال الإسرائيلي واستبدلته بقصة بعنوان "جارنا الجديد يوسي"، هكذا يقوم الاحتلال بتحريف المنهاج الفلسطيني وإعادة طباعته لتوزيعه على المدارس الأهلية والخاصة في مدينة القدس المحتلة لمحو القيم الوطنية من عقول الطلبة، وغرس فكرة التطبيع و"التعايش".
يقف طارق عكش، وهو ولي أمر ثلاثة طلاب يدرسون بمدارس الإيمان بالقدس المحتلة، متمترسًا على موقفٍ صلبٍ هو وبقية أهالي المدارس الأهلية والخاصة بالقدس برفض إدخال المنهاج المحرفة إلى تلك المدارس.
ويقول عكش لصحيفة "فلسطين": إن "المنهاج المحرف له هدف واضح وهو أسرلة الأجيال القادمة، بأن يعرّف الطفل الفلسطيني نفسه عندما يكبر على أنه عربي إسرائيلي وليس فلسطينيًّا، ويرى نفسه كجزء من دولة (إسرائيل) التي يتعاطف معها، وليس دولة ظلمته واحتلت أرضه".
وأضاف معلنًا رفض الأمر "هذا يتناقض مع هويتنا وعقيدتنا، ولن نسمح بتمريره، فصحيح أن الاحتلال يحاول التدرج بتطبيق المخطط بالبدء بحذف صورة أو نص أو بيت شعر صغير، لكن الهدف البعيد هو أن تعرف نفسك على أنك إسرائيلي تنتمي لدولة الاحتلال"، مؤكدًا أن الأهالي يُعرّفون الأطفال الحقيقة، لكن هذا لا يكفي لأن "دور المنهاج والمدرسة استراتيجي، فإذا كان المنهاج يبث رسائل مسمومة فسيكون له آثار سلبية".
صحيفة "فلسطين" رصدت جزءًا من تحريف سلطات الاحتلال للمنهاج الفلسطيني، إذ حذف الطابع الفلسطيني من كتاب التربية الوطنية للصف الثاني الابتدائي، وصفحة عن القضية الفلسطينية وصورة الرئيس الراحل ياسر عرفات من كتاب التاريخ للصف التاسع، والعلم الفلسطيني ومفتاح العودة من كتاب الرياضيات للصف الأول.
كذلك حذف الاحتلال بيت شعر من قصيدة بعنوان "إني أحبك يا ربوع بلادي" في مادة اللغة العربية للصف الخامس والبيت المحذوف "يضع الحواجز في طريقي دائما ليصدني عن عودتي لبلادي"، وآية قرآنية ونص متعلق بالجهاد من كتاب التربية الإسلامية للصف السادس، وتعريف بلاد الشام من التربية الإسلامية للصف الثاني، وفقرة عن اتفاقية "سايكس بيكو" ووعد بلفور واتفاقية "سان ريمو" من كتاب الجغرافيا للصف التاسع.
تشويه التاريخ
ويرى المختص في شؤون التعليم في القدس المحتلة زيد القيق، أن ما تسمى "وزارة المعارف" في حكومة الاحتلال تحاول فرض مناهج محرفة على المدارس الخاصة والأهلية بالقدس.
وبين القيق لصحيفة "فلسطين"، أن التحريف يشمل جميع القيم الوطنية والعربية والإسلامية والدينية، واستبدالها بدروس ونصوص تشتمل على التشويه للتاريخ وللصراع الفلسطيني في القدس وفلسطين عامة.
ولفت إلى أن أولياء الأمور من خلال الوقفات التي ينظموها لرفض تحريف المنهاج، يواجهون دولة بكامل وزاراتها تحاول فرض سيطرتها على كل مفاصل الحياة بالقدس بما فيها التعليم، وهو ما يرفضه الأهالي.
ورغم الموقف الثابت لمديري المدارس فإن الاحتلال يسلط سيف سحب التراخيص لفرض المناهج المحرفة، فعمد إلى تحويل ترخيص بعض المدارس من دائم إلى مؤقت وشمل القرار أربع مدارس، وألغى في تموز/ يوليو الماضي تراخيص ست مدارس يبلغ عدد طلابها 1755 طالبًا بدواعي التحريض، وفق القيق.
وتبلغ عدد المدارس الأهلية والخاصة والتي يستهدفها الاحتلال بفرض المنهاج المحرف 76 مدرسة وتضم 32% من عدد الطلبة، و49 مدرسة تابعة لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية وتضم 14% من عدد الطلبة، و6 مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وتضم 3% من عدد الطلبة.
ووفق القيق، فإن المدارس الخاصة والأهلية يدرس فيها 33 ألف طالب، والتي تتبع بلدية الاحتلال يدرس فيها 44 ألف طالب فلسطيني، أما المدارس التابع لوكالة "أونروا" فيدرس فيها 900 طالب، أما المدارس التي تتبع للسلطة فيدرس فيها 9 آلاف طالب.
مساران للمواجهة
من جهته، أكد المتحدث باسم اتحاد أولياء الأمور، رمضان طه، أن مواجهة فرض المنهاج المحرف، يسير بمستويين، الأول قانوني والثاني من خلال الوقفات الاحتجاجية في كل المدارس للتعبير عن رفض المنهاج المحرف، مشيرًا إلى وجود موقف وطني عام بالقدس تتبناه الهيئة الوطنية والإسلامية التي أعلنت عن إضراب شامل.
وأوضح طه لصحيفة "فلسطين"، أن أولياء الأمور نظموا جملة من الخطوات، بالإعلان عن رفض القرار، منها دراسة رفع دعوى قضائية في محاكم الاحتلال إن كان هناك جدوى، أو اللجوء للمحاكمة الدولية كون المواثيق الدولية تنص على حق الشعب الفلسطيني بأن يكون له منهاج خاص كما كل شعوب العالم.
ورصد طه الذي اطلع على الكتب التي وزعها الاحتلال على المدارس التي تتبع وزارة المعارف الإسرائيلية، تحريفًا كبيرًا في النصوص والمسميات وإدخال مفاهيم جديدة، تتعلق بالحدود والتقسيم الجغرافي الذي فرضه الاحتلال وكأنها حدود تفصل بين دول وليس أرضًا محتلة، مشددًا على أن القضية تحتاج إلى وقفة جماعية لمنع فرض القرار على المدارس الخاصة والأهلية.