فلسطين أون لاين

تقرير "عنب الخليل".. شهد تمتد إليه عين "دببة الاستيطان"

...
عنب الخليل شهد تمتد إليه دببة الاستيطان
الخليل-غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

"الشهد في عنب الخليل -وربيعه ورد ونيل -ثلج على صيف الحقول" أبيات لطالما ترددت على ألسنة الفلسطينيين الذين ارتبط لديهم محصول العنب بشكل وطيد بمدينة الخليل، لكن الاحتلال الإسرائيلي وسلبه الأراضي واعتداءات مستوطنيه على المزارعين جعلت من الحفاظ على هذا الموروث أمراً شاقاً.

فعلى مقربة من مستوطنة "عتصيون" تعمل المواطنة اسمهان بريغيث (55 عاماً) جاهدة للحفاظ على محصول العنب وزراعته التي ورثتها أباً عن جد، في وجه اعتداءات المستوطنين الذين يسرقون المحصول، أو يقطعونه قبل النضوج.

تقول: "اعتداءاتهم لا تتوقف لكنني مصممة على زراعة المحصول الذي أحب إذ إن الظروف في الخليل تساعدنا على الحصول على منتوج مميز، فالتربة هنا طينية خصبة غنية بالمواد اللازمة للعنب، كما أن الطقس يساعد على "تعقيد" ثماره بسرعة".

وتشير إلى أن منطقة جنوب الخليل "ماهرون" في تسويق العنب والصناعات القائمة عليه، "نتغلب على انخفاض الأسعار أحياناً في بعض المواسم بسبب إجراءات الاحتلال، بصناعة منتوجات أخرى منه، منها التقليدية كـ"الدبس" و"الملبن" أو حديثة كالشوكولاتة".

وتضيف: "فإذا مُنعنا من التسويق نحوله لصناعات أخرى فنبيعه بسعر أعلى يُعوض خسارتنا، كما أننا نستفيد من شجرة العنب على مرحلتيْن، المرحلة الأولى هي بيع ورق العنب "الدوالي" في شهريْ مايو ويونيو".

وتلفت إلى أن المرحلة الثانية هي بيع الثمار في أشهر أغسطس وسبتمبر وأكتوبر، وهناك أنواع كالزيتي والحلواني يمكن تأخير قطفها أما أنواع أخرى كـ"الدابوقي" و"الجندلي" و"البلوخي" فيجب أن تُقطف في بداية الموسم.

وتبين أن زراعة العنب غير مكلفة كغيرها من الزراعات إذ إن الشجرة تعيش لسنوات طويلة وتحتاج فقط للحراثة والتقليم، على حين زراعة كالخضار تحتاج إلى توفير ظروف جوية وأسمدة وغيرها من الأمور.

وورثت بريغيث حب زراعة العنب عن أهلها إذ إنها تربت في ربوع كروم العنب، "كانت كل حياتنا في تلك الكروم، وبعدما تزوجت فإن أهل زوجي هم الآخرون يعتمدون على العنب مصدر دخل رئيسًا لهم ويهتمون بكروم العنب أيما اهتمام".

والحفاظ على هذه الزراعة أمرٌ ليس بالسهل -وفق بريغيث- في ظل وجود الاحتلال الإسرائيلي الذي يمكن أن يحتجز المحصول في أثناء تصديره للداخل المحتل ويتركه في السيارات حتى اليوم الثاني فيتلف.

وتتابع: "قد يقطع المستوطنون الثمار وهي "حصرم" غير ناضجة فنُضطر لطحنها وتحويلها إلى مادة شبيهة بالسماق طعمها حامض، تضاف للطعام كتوابل فتكسبه طعماً شهياً".

وكل المضايقات السابقة جزءٌ بسيط من إجراءات المستوطنين الذين تفتح شبابيكهم على أرض "بريغيث" فيراقبونهم ويضايقونهم، كما أنهم خربوا السيارات و"التراكتورات" مراراً، وخطوا شعارات عنصرية أبرزها "العربي الجيد هو العربي الميت".

صاحب الأرض

ولا يختلف الحال كثيراً عند المزارع يوسف محمد حسين (53 عاماً) المصمم على مواصلة زراعة العنب رغم قرب أرضه من المستوطنات، موقناً بأن المستوطنين يجب أن يخافوا منه لا العكس، لكونه صاحب الأرض وهم طارئون.

ويبين في الوقت ذاته أن كثيراً من مزارعي العنب الملاصقة أراضيهم للمستوطنات يخشون الذهاب إليها ما أدى لتلف أشجارهم، "فأنا مثلاً أرضي فيها أشجار عنب عمرها أكبر من عمري، فكيف أتركها؟!".

ويلفت إلى أن شجرة العنب تعطي محصولاً ممتازاً لقرابة 25 عاماً ثم بعد ذلك يمكن أن تقل جودة المحصول أو تتلف فيُضطر المزارع لزارعة شجرة أخرى بدلاً منها، "وهناك أنواع من العنب نزرعها في الخليل منذ سنوات طوال كـ"الشيوخي" و"البلوطي" و"الحلواني" والبيروتي.

ويداوم المزارع حسين مع زوجته وأولاده على الذهاب للأرض والعناية بها حتى لا يتركها نهباً للمستوطنين، ويعتني بها خاصة في موسم العنب، الذي تكون له طقوس عائلية جميلة.

ولكن هذه الأجواء الجميلة يعكرها إجراءات الاحتلال التي تحول دون تسويق ذلك المحصول غالباً وتؤدي لتلفه، كما أن المستوطنين أصبحوا يزرعون العنب في الأراضي التي صادروها في الخليل على مرأى المزارعين الفلسطينيين.

وتحتل مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، المرتبة الأولى بين محافظات فلسطين في إنتاج العنب، ويعد جزءًا من موروثها الحضاري والثقافي، والاقتصادي.

وتبلغ المساحات المزروعة بالعنب في المدينة أكثر 74 ألف دونم من الأراضي البعلية، ونحو 6 آلاف دونم من المساحات المروية.