الاحتلال الإسرائيلي يبحث عن حل سريع -حتى لو كان حلا مؤقتا- لإيقاف حالة الغليان والغضب الشعبي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، باستعادة الهدوء من جديد، وليتلمس نوعا من الأمن والأمان في مدنه ومستوطناته ومغتصباته في الضفة الغربية المحتلة، حتى يستمر في سياسة التهويد والاستيطان والقتل الممنهج والسلب للأراضي، ومسلسل التهجير، وشنه حملات الاعتقالات والمداهمات اليومية، دون مواجهة أي اعتراض أو مقاومة فلسطينية.
لقد مارست وما زالت قوات الاحتلال الصهيوني أبشع الأساليب العسكرية والأمنية في فرض قوتها وقبضتها الحديدية على الشعب الفلسطيني منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية، وسن القوانين الاحتلالية للتضييق على حياة المواطنين لإجبارهم على سياسة أمر الواقع أو الهجرة الطوعية وفي الغالب إجبارهم على الهجرة القصرية من بيوتهم ومدنهم وقراهم، بعدة طرق مختلفة، فتارة بارتكاب المجازر، وتارة أخرى بالمضايقات الأمنية والاقتصادية.. إلخ.
لم تضع سلطات الاحتلال حدا لأفعالها وسياستها القمعية التي تنتهجها لعقود طويلة ضد الشعب الفلسطيني، ولم تحسب حسابا لانفجار الضفة الغربية المحتلة التي ترزح تحت سياسات الاحتلال وقوانينه الصارمة والمذلة، التي أوصلت الشعب الفلسطيني إلى طريق مسدود وحولت حياتهم إلى جحيم، بعد أن سلبت أراضيهم وجرفت محاصيلهم، ومنعوا من أبسط حقوقهم الإنسانية، وقد فقدوا الأمن والأمان وأصبحوا غرباء في وطنهم.
لقد كفر الشعب الفلسطيني بكل المبادرات والمراهنات على ما يسمى بالحلول وأنصاف الحلول، التي ترجمت في عدة صيغ كمصيدة، بدأ باتفاق الوهم “أوسلو”، واتفاقية “باريس الاقتصادية” التي أنهكت الاقتصاد الفلسطيني، وأدخلته في غيابات التبعية لاقتصاد الاحتلال الصهيوني، وكذلك اتفاق التنسيق والتعاون الأمني الذي أطاح بكل أسس ومبادئ منظمة التحرير “للكفاح المسلح” وتفكيك الجناح المسلح لحركة فتح، ثم اتفاق “وأي-ريفر”، ثم اتفاق القاهرة البائد، يليه اتفاق شرم الشيخ، وخارطة الطريق مضيعة الوقت، واتفاق/ مفاوضات “كامب ديفيد” 2000، وصفقة القرن المجحفة.. إلخ، فرغم كل ما جناه وجباه الاحتلال من وراء هذه الاتفاقيات باستغلال عامل الزمن لصالحه، فقد يستمر في سياسة الاحتلال والاستيطان والتهويد.
الاحتلال يحاول إيجاد مخرج لورطته من جراء التصعيد ضد المقاومة، أو الالتفاف عليها في الضفة الغربية المحتلة، بعد فشله العسكري والأمني، في السيطرة على الوضع والقضاء على المقاومة المنتشرة في كل أرجاء الأراضي الفلسطينية المحتلة كالنار في الهشيم، لم يقدر على إطفاء الحرائق المشتعلة، والتي ستأتي على الأخضر واليابس، وستسحق كل أيدي الغدر، التي تمتد لوأدها بالتعاون مع الاحتلال، الذي يسعى بكل جهوده وإمكاناته المتاحة لوقفها، وأخيرا لجأ إلى شريكه الأمني بالتعاون مع أجهزة أمن السلطة الأكثر دراية ومعرفة بهذا الجانب، بلعب الدور المطلوب منها، لكن ما صدمت به سلطات الاحتلال، أن المقاومين والفدائيين، لم يقتصر أمرهم على العمل الانفرادي غير المنظم، بل إن فئة جديدة من الفدائيين انضموا إلى المقاومة لم يحسب الاحتلال لهم حسابا، ولم يكن الشهيد أحمد عابد هو الأول، بل سبقه العديد من زملائه من أبناء الأجهزة الأمنية التي سارت على نفس الدرب.