بعد تسعة أشهر من وقف المشروع الاستيطاني في أراضي النقب المحتل، في أعقاب الهبة الشعبية ضد تجريف وتحريش الأراضي، عادت ما تسمى "سلطة أراضي (إسرائيل)" لتفعيل سياستها بسلب تلك الأراضي، في محاولة منها لحشد أصوات الناخبين مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية المقررة مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، إلى جانب تهجير الأهالي قسرا والاستيلاء على أراضيهم.
وتواصل سلطات الاحتلال تجريف أراضي أهالي النقب المحتل، وحرث محاصيلهم الزراعية التي تعد مصدر رزقهم الأساسي، وهدم بيوتهم وتشريدهم منها، للاستيلاء عليها بذرائع واهية.
ووفقا لموقع "مكور ريشون" الإسرائيلي، فإن وزير المالية بحكومة الاحتلال أفيغدور ليبرمان صدّق قبل أسبوعين على طلب "سلطة أراضي (إسرائيل)" إعفاء (الصندوق الدائم لـ(إسرائيل)- كاكال) من مناقصة كونها المسؤولة عن الأعمال الميدانية.
كما صدّق ليبرمان على مواصلة حملة التشجير "للحفاظ على الأرض من الغزاة" على حد تعبيره، لغاية أواخر عام 2023. وبلغت الميزانيات المخصصة للحملة 35 مليون شيقل، منها 6000 شيقل مقابل تشجير كل دونم أرض.
أصوات الناخبين
وعد عضو لجنة التوجيه العليا في النقب قدري أبو واصل عودة سلطات الاحتلال إلى حملات التجريف والتحريش محاولةً لتوظيف ذلك في الانتخابات المقبلة وحشد أصوات الناخبين.
وقال أبو واصل لصحيفة "فلسطين" إن تحريش "أرض النقع" وهدم بيوت الأهالي فيها، والتضييق عليهم وتنفيذ الاعتقالات في صفوفهم يهدف لحشد أصوات الناخبين وحسم المعركة الانتخابية لمصلحة حزب دون آخر.
ونبه إلى أن منطقة النقب من أكثر المناطق التي يستهدفها الاحتلال، كونها تحتوي على خيرات وثروات طبيعية هائلة كالمياه والمعادن، وتستخدم خزانا إستراتيجيا واقتصاديا، ما يجعل الاستيطان فيها هدفا مهما له.
وبين أن الاحتلال وجمعياته الاستيطانية وما تسمى "سلطة أراضي (إسرائيل)" يحاولون جاهدين الاستيلاء على أكبر مساحة من أراضي النقب ومنحها للمستوطنين، ودفع سكانها للهجرة القسرية منها.
وأضاف أنه لم يعد أمام الفلسطينيين في أراضي النقب سوى القليل جدا من المساحات بعدما أحكم الاحتلال قبضته على العديد من الأراضي لتوسيع الاستيطان و"إقامة المحميات الطبيعية والحدائق الوطنية ومعسكرات الجيش".
ودعا إلى تعزيز صمود أهالي النقب والوقوف إلى جانبهم وتثبيتهم في أرضهم، والتصدي لكل محاولات الاستيلاء على أراضيهم بشتى الطرق والسبل، مؤكدًا أن الأهالي لن يتخلوا عن أرضهم للاحتلال.
وسائل سلمية
وأكد عضو اللجنة المحلية للدفاع عن قرية العراقيب مسلوبة الاعتراف في النقب المحتل عزيز الطوري أن سلطات الاحتلال بمختلف أذرعها تعمل ليل نهار للاستيلاء على أراضي النقب، وتحاول دفع سكانها للبحث عن مكان جديد يقيمون فيه.
وأضاف الطوري لـ"فلسطين" أن الاحتلال يحاول الضغط على أهالي النقب باستغلال حاجتهم إلى العمل والاستقرار، كتشغيلهم في المستوطنات، مقابل التخلي عن أراضيهم والسكن في مناطق أخرى.
وأوضح أن التجريف والتحريش للأراضي يهدف للتضييق على الأهالي وقطع أي تواصل جغرافي بين القرى الفلسطينية البدوية، عبر زرع المستوطنات والمزارع الفردية فوق الأراضي الفلسطينية التي تواجه التهويد الزاحف، عدا عن حشد أصوات الناخبين لمن يتغول على الحقوق الفلسطينية أكثر.
وذكر أن حملات التجريف والتحريش للأراضي تضاف إلى جرائم الهدم التي ينفذها الاحتلال، حيث هدم بين 2015 إلى 2020 أكثر من 12 ألف منزل ومنشأة سكنية في القرى المسلوبة الاعتراف، في حين تم الإعلان عن إقامة 12 مستوطنة جديدة وعشرات المزارع الفردية لليهود.
وأكد أن الأهالي لم ولن يتنازلوا عن أراضيهم وحقوقهم مهما كلفهم ذلك من ثمن، مشيرًا إلى أنهم يتواصلون مع كل الجهات المعنية داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها لفضح جرائم الاحتلال وجلب التأييد والدعم لهم لوقف تغوله على أراضيهم.
ولفت إلى أن الأهالي يستخدمون كل الطرق والوسائل السلمية التي من شأنها أن توقف جرائم التجريف والتحريش التهويدية، وأخرى لجلب التأييد المحلي والدولي إلى جانبهم في ظل ما يتعرضون له من اعتداءات من الاحتلال ومستوطنيه.