لم تعد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي تقتصر على القتل والاعتقال والهدم والاعتداء، بل امتدت للتغطية على هذه الجرائم بإغلاق مكتب قناة الجزيرة الفضائية في مدينة القدس المحتلة، وسحب اعتماد صحفييها العاملين ووقف بثها هناك، كما أعلن وزير الاتصالات في حكومة الاحتلال أيوب قرا.
وبحسب صحيفة "إندبندنت" البريطانية، فإن قرار الدول المحاصرة لقطر (السعودية، الإمارات، مصر، البحرين)، حظر قنوات الجزيرة فيها، شجع (إسرائيل) على اتخاذ قرار الإغلاق.
شرعية عربية
ورأى مدير عام المركز العربي للحرية الإعلامية والتنمية والبحوث "إعلام"، الدكتور أمل الجمّال، أن "(إسرائيل) تريد التضييق على كل من ينتقد سياسات حكومة الاحتلال".
وقال الجمال لـ"فلسطين"، إن "الاحتلال لم يستطع يومًا التهديد بإغلاق الجزيرة طالما لم يحصل على شرعية عربية لذلك... الاحتلال لا يريد إغلاق الجزيرة بقدر ما يريد الضغط على القناة لتغير خط التغطية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
وأضاف "ستستفيد (إسرائيل) من الجزيرة إذا تمَّ تغيير خط التحرير في المؤسسة لكي تتماشى مع رؤية السياسة الإقليمية خاصة مصر والسعودية والأردن، وهذا سيخدم (إسرائيل) في نهاية الأمر".
ونبّه الجمّال _وهو أستاذ علوم سياسية في جامعة "تل أبيب"_ إلى أن التغيرات الإقليمية في المنطقة أعطت شرعية عربية لإغلاق الجزيرة، وهذا الخط العربي يظهر الجزيرة بأنها خارجة عن القاعدة وتدعم "الإرهاب" وقوى إسلامية في المنطقة، وجاء قرار الإغلاق في هذا السياق. حسب المزاعم.
واعتبر أن الخطة الإسرائيلية بهذا الاتجاه ليس لها تداعيات ضد الاحتلال طالما تواجدت الشرعية العربية لذلك.
وذكر بإخراج الحركة الإسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح خارج قانون دولة الاحتلال.
وتابع الجمال "(إسرائيل) أبقت على شرعية هذه الحركة في قانونها، إلى أن حصلت على دعم إقليمي ضد جماعة الإخوان المسلمين، واستغلت ذلك بإخراجها من إطار القانون الإسرائيلي، وهذا كان مقبولاً إقليميًا ودوليًا، وهو ما يحصل مع الجزيرة الآن".
ونددت شبكة الجزيرة بقرار الاحتلال واعتبرت أنه يأتي ضمن حملة بدأت بتصريحات لنتنياهو؛ اتهم فيها الجزيرة بـ"التحريض على العنف" خلال تغطيتها للأحداث التي شهدها المسجد الأقصى، مؤخرًا.
لكن الجزيرة نفت اتهامات بـ"غير المهنية" لتغطيتها لأحداث الأقصى، وقالت إنها ستواصل تغطيتها للأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة "بمهنية ودقة وفقًا للمعايير التي حددتها الوكالات الدولية مثل مكتب بريطانيا للاتصالات (أوفكوم)".
حجب الانتهاكات
ويؤكد المنسق العام للمركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى)، موسى ريماوي، أن إجراءات الاحتلال ضد الصحافة ليست جديدة وتأتي ضمن استهدافها في الأراضي الفلسطينية.
وأضاف ريماوي لصحيفة "فلسطين"، "استهداف الجزيرة محاولة لحجب ما يجري من انتهاكات وممارسات احتلالية ضد الشعب الفلسطيني".
ويبدو أن سلطات الاحتلال التي استفزت من تغطية القناة القطرية للمواجهات التي جرت دعمًا للمسجد الأقصى المبارك، بحسب ريماوي، تسعى جديًا لتشريع إغلاق مكتب القناة في القدس.
وحذر من خطورة تشريع الاحتلال لإغلاق المكاتب والقنوات الإعلامية التي تعتبرها (إسرائيل) بأنها تحرض عليها.
وتابع "سياسة الاحتلال قائمة على قمع الحريات، وما يهمه ألا يعرف العالم ما يفعله بحق المواطنين الفلسطينيين من جرائم وانتهاكات".
ولفت إلى دور الجزيرة في تغطية الاعتداءات وانتهاكات الاحتلال بحق الفلسطينيين، والعدوان على غزة صيف 2014، منبهًا إلى أن الاحتلال يلاحق وسائل الإعلام بوتيرة أسرع من ذي قبل.
وطالب المؤسسات الإعلامية المحلية والعربية والدولية، بالتحرك من أجل وقف الهجمة الإسرائيلية على وسائل الإعلام التي تقوم بتغطية ما يجري في الأراضي الفلسطينية.