فلسطين أون لاين

تقرير المقدسي "أبو رموز" بعد هدم بيته قسريًّا: "كأنني انتزعت قلبي بيدي"

...
القدس المحتلة-غزة/ هدى الدلو:

عام ونصف العام بأشهرها وأيامها ولياليها لم يتذوق فيها المقدسي فرج أبو رموز طعم الحياة، يقضي أوقاته بين المحاكم والتواصل مع المحامين لأجل الحصول على تمديد وتأجيل قرار الهدم القسري لمنزله الذي بناه بتعب السنين وشقاء العمر، لتكون دموع القهر ترجمانًا للقهر الذي يعيشه وهو يهدم منزله قسريًا.

يتحدث فرج من حي رأس العامود ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، بصوت مخنوق عن الحال الذي آل إليه وعائلته المكونة من ثمانية أفراد، مبينا أن القصة بدأت منذ عام ونصف العام، إذ وصل إليه أمر محكمة إسرائيلي بأن هناك مشكلة في البناء، "والذريعة جاهزة لكل أهالي القدس وهي البناء دون ترخيص".

بالرغم من إدراكه نهاية القصة الحزينة التي ستؤول إلى الهدم، فإنه حاول بكل الإجراءات المتاحة سعيًا منه لتأجيل أوامر الهدم فالأمر ليس هينًا عليه. استعان فرج بمحامٍ فغرمته المحكمة ماليًا بدفع 50 ألف شيقل، لم ينتهِ من سدادها حتى هذا اليوم، رغم هدم البيت.

يقول: "قبل أكثر من شهر من اليوم جاء قرار الاحتلال بالهدم، شعرت أن قلبي يهوي في الأرض، اتصلت بمحامين ليعملوا على تأجيل القرار لكن لم يكن بوسعهم فعل شيء، "أخبروني أنه إما أن أنفذ القرار بنفسي، أو أن يحضروا بأنفسهم الجرافات الخاصة بهم والعمال مقابل دفعي 100 ألف شيقل".

لعب على الوتر الحساس

"أنا بفك بإيدي ربنا بعوض" على مضض رد على ما أبلغه به المحامون، محاولًا أن يعض طرفه عن تعب السنين وشقاء الأيام فحمل المطرقة الحديدية بيده لتنفيذ قرار الاحتلال الإسرائيلي بهدم البيت الذي كان يُؤوي عائلته ليصبح أثرا بعد عين، وتعيده سياسة الاحتلال إلى المربع الأول.

في بداية الأمر لم يستطع أن يمد يده على أي شيء بالبيت، "فعشت وخضت تجارب كثيرة، وظروفا صعبة، لكن مثل هذا اليوم الصعب لم يمر علي، شعرت وأنا أهدم البيت كأني أُخرج قلبي بيدي من جسدي".

ويضيف فرج: "يحاول الاحتلال أن يلعب على الوتر الحساس، يعرفون أني بدأت بتفريغ البيت إلا أنهم صبيحة يوم 23 أغسطس جاء ما يقارب 120 جنديا مدججا بالسلاح، وبرفقتهم عمال لينفذوا قرار الهدم، أخبرتهم أني بدأت بهدم البيت وأعطوني مهلة ثلاث ساعات للانتهاء منه وإلا سيهدمونه بأنفسهم، وهو أسلوب للضغط والتكسير وعدم الاستفادة من محتويات البيت".

ويتابع حديثه: "يعتمد الاحتلال في قراراته بالهدم حيث يترك المقدسيين يبنون ويعمرون، ثم يباغتهم بقرارات الهدم، لتكون مصيبتهم مضاعفة، فعمر البناء لدي سبع سنوات، كما أن المقدسي مهما يفعل فلن يحصل على ترخيص بناء".

ضريبة القدس

يمضي إلى القول بانفعال والحسرة تملأ قلبه: "منذ 44 عامًا وأنا أعيش هنا، وين بدي أروح؟ إما أن يعطوني ترخيص بناء، وإما أن أبني بالسرقة".

يصمت، ليوضح أنه لا يوجد مكان آخر يمكن أن يسكن فيه أو يبني عليه، فهو المكان الوحيد الذي يمتلكه للبناء عليه، وبعد هدم الاحتلال بيته لن يتمكن من البناء مجددًا إلا بعد مرور 10 سنوات.

ويلفت إلى أن عائلته تعيش مشتتة بين الأقارب، فالوضع صعب، حتى أن بعض الأغراض والحاجيات لا تزال في الشارع، وبعضها تبرعت بها ليستفيد منها الآخرون بدلا من أن تفسدها الظروف الجوبة.

ويختم فرج أبو رموز حديثه: "هذه ضريبة من الضرائب التي يدفعها المقدسي إزاء عيشه في هذه المدينة المقدسة".

أما والدته التي لم تجف دموعها من لحظة وصول قرار الهدم، فلم يهن عليها الحال الذي وصل إليه ابنها، ولا شيء على لسانها إلا الدعاء له بالعوض القريب من الله، والانتقام العاجل من الظالمين.

وتشير معطيات حقوقية إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي هدمت 300 مبنًى بالضفة الغربية والقدس المحتلتين منذ مطلع العام الجاري، وحتى شهر يونيو/ حزيران الفائت.

المصدر / فلسطين أون لاين