فلسطين أون لاين

تقرير محمد سباعنة.. رصاصة في القلب أوقفت البث المباشر!

...
الشهيد محمد سباعنة
جنين-غزة/ يحيى اليعقوبي:

بينما كان يوثق اقتحام قوات الاحتلال لجنين شمالي الضفة الغربية المحتلة ببث مباشر عبر تطبيق "تيك توك"، وهو يقود دراجة نارية وخلفه يجلس صديقه، والشبان يتصدون بالحجارة لمركبات الجيش العسكرية، دوى صوت رصاصة أطلقها قناص إسرائيلي متخفٍّ اخترقت قلب محمد سباعنة (29 عامًا) لينقطع البث الذي كان يشاهده آلاف المتابعين.

الليلة قبل الماضية، كانت الأوضاع هادئة في جنين، وكان "سباعنة" يجلس مع ابن خالته سامر أبو طبيخ على شرفة منزل الأخير، وذلك قبل أن يكسر هدوء الأجواء صوت مركبات إسرائيلية عسكرية تقتحم المنطقة.

احتشد أبناء جنين لمعاينة ما يحدث، في حين انطلق "سباعنة" بدراجته النارية كذلك لتوثيق جرائم الاحتلال، مدركًا أهمية ما يفعله في فضح الانتهاكات الإسرائيلية، كما يدرك خطورتها، فجريمة اغتيال الاحتلال الصحفية شيرين أبو عاقلة ليست ببعيدة، لا من حيث المكان في جنين، ولا من حيث التوقيت في 11 مايو/ أيار الماضي.

فرحة لم تكتمل

"جاءني لنتسامر، حتى سمع صوت مركبات جيش الاحتلال فأراد الذهاب إلى مكان الحدث، حاولت ثنيه عن ذلك لكنه أصر على توثيق الجريمة، ركب دراجته النارية وكان يجلس خلفه صديق لنا، فأطلق قناص إسرائيلي رصاصة في قلبه، في حين أُصيب صديقنا في قدمه"، يروي الشاب "أبو طبيخ" لصحيفة "فلسطين" تفاصيل الجريمة الإسرائيلية.

كان "سباعنة" على موعدٍ مع والدته للذهاب معًا لشراء الذهب صباح أمس، وكان ينتظر أن تجد له عروسًا لتكون شريكة حياته القادمة، ولم يكن يعلم أنه بات هدفًا لجيش الاحتلال الذي يسعى دائمًا لطمس الحقيقة وإخفاء جرائمه.

لم تكن تلك تفاصيل الفرحة القادمة غائبة عن حوار "سباعنة" مع ابن خالته: "كان سعيدًا جدًّا، أخبرني عن رحلته القادمة في البحث عن شقة بعد شراء الذهب مع والدته، لكن كل شيء انتهى".

تولى "أبو طبيخ" إبلاغ خالته بالخبر، وقد كانت لحظة قاسية "اتصلت بها وأخبرتها أنه مصاب حتى لا تصدم بالحقيقة، إلا أنها انهارت وأصرَّت على الذهاب إلى المشفى، وهناك رأته وقد ارتقى شهيدًا".

وفي المشفى، كانت الدماء تملأ السرير، ووجهه يميل إلى الصفرة من أثر نزيف الدم من جسده، يضمه أصدقاؤه، أحدهم يبكي والآخر يصرخ، وثالث يطلب منه أن يستيقظ؛ في مقطع فيديو مؤثر تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي للحظة استشهاده.

ابن خالته الآخر، كفاح أبو طبيخ يرثيه في حديث لـ"فلسطين" بقوله: "لم يكن البث المباشر المشهود هو الأول، بل كان محمد أحد فرسان صحافة المواطن في جنين، رغم أنّ مهنته الأصلية هي النجارة، فمنذ خمس سنوات كان ينزل إلى الشارع لتوثيق جرائم جيش الاحتلال حال اقتحام المنطقة، لكنّ القناص المجرم أراد تسجيل المشهد الأخير بوقف البث نهائيًّا".

رسالة غيّرت كل شيء!

صباح أمس، كان شقيق محمد الأكبر، علاء، يحاول اللحاق باجتماع عملٍ في ألمانيا حيث يقيم، قبل أن توقفه صدى رسالة وصلته يخبره فيها بإصابة شقيقه بجراح خطرة، فأمسك هاتفه واتصل بهاتف أخيه محمد، ليأتيه الخبر اليقين باستشهاده.

"تحدثت معه قبل يومين، ووضعني في تفاصيل فرحته القادمة، فلم أتوقع أن أستيقظ على خبر استشهاده الذي نزل كالصاعقة على قلبي" صوت علاء مخنوق بالحزن يصل من سماعة الهاتف في حديث لـ"فلسطين".

لم يعد علاء يعيش مغتربًا فقط، بل سلب منه الاحتلال شقيقه الوحيد وأعز شخص له في الحياة، أجهش في البكاء "كان سندي في الحياة، تغربت في ألمانيا عام 2018 وقد كان يساندني في كل شيء".