فلسطين أون لاين

برباطها وعملها الصحفي.. المقدسية "بيان" صاحبة رسالة مزدوجة

...
المرابطة بيان الجعبة
القدس المحتلة- غزة/ هدى الدلو:

تقول المقدسية بيان الجعبة إن وجودها في المسجد الأقصى كان المحفز الأساسي لالتحاقها بكلية الإعلام لإيصال ما يحدث في ساحاته من انتهاكات، وتسليط الضوء على المخاطر المحدقة بالمسجد خاصة والقدس عامة، وهي تجمع اليوم بين الرباط والعمل الصحفي في آن واحد، لإيصال رسالة مزدوجة.  

ترعرعت بيان الجعبة (29 عامًا) على بعد أمتار من المسجد الأقصى، في حارة الواد بالبلدة القديمة للقدس المحتلة حيث ولدت، فكان الأقصى وجهتها الأولى نحو الحياة، مع عدم توافر مساحات للعب أو متنزهات مخصصة للفلسطينيين في المدينة المقدسة التي يسيطر عليها الاحتلال كاملًا منذ عام 1967.

تقول بيان لصحيفة "فلسطين": "منذ طفولتي كان الأقصى هو وجهتنا للعب والتنزه والعبادة، وخلال مرحلة الدراسة الابتدائية كان الأقصى ممرًا واصلًا بين منزلي ومدرستي في حارة السعدية بالبلدة القديمة، وخلال العطلة الصيفية كان مخيم الأقصى الصيفي هو وجهتنا لقضاء العطلة عبر النشاطات الترفيهية والثقافية والرياضية".

وفي مراحل متقدمة باتت بيان تلتحق بدورات تحفيظ القرآن وتجويده وحفظ وتفسير الأحاديث النبوية في مكتبة الأقصى الختنية، أو دورات تقيمها معلمات ومؤسسات مقدسية في ساحاته صباحًا ومساءً، فكانت تنتهي من دوامها المدرسي لتلتحق سريعًا بدورات داخل المسجد. 

وتبين أن كل هذه العوامل أثرت في تكوينها، فكان الأقصى بيتها الثاني بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، قائلة: "من هنا بدأت قصتي في الرباط داخل المسجد الأقصى، الذي ولدتُ على بعد أمتار منه وكبرت وتعلمت في ساحاته".

وعن "روتين" الرباط الذي ارتبطت به خلال مختلف مراحلها العمرية تقول إن مسار نشاطها في المسجد استمر على حاله حتى خلال الدراسة الجامعية، ولكن الأمر بات أصعب في العقد الأخير، بسبب تضييقات الاحتلال ومنع دخول الفلسطينيين في كثير من الأحيان.

كان زواج بيان هو نقطة البداية في تحول هذا الروتين إلى رباط يحمل فعل المقاومة، إذ عُقد قرانها في ساحات الأقصى، وانطلقت منه زفة العرس إلى زوجها، تضيف: "واليوم أسعى مع طفلتيّ لجعل المسجد الأقصى جزءًا من أيامنا وأربطهما به، فأصطحبهما دائمًا إليه ونجلس فيه ما استطعنا، فقد ألحقت طفلتي (4 سنوات) بفعاليات مكتبة المسجد الأقصى للأطفال لصنع ذكريات وربطها أكثر بالمكان، كما لنا عادة في شهر رمضان، وهي الإفطار يوميًّا في ساحات الأقصى".

وتتابع حديثها: "في الرباط تهذيب للنفس وراحة ومأوى آمن من متاعب الحياة، تجدين راحة لا تحظين بها في أي مكان آخر، ومن ناحية أخرى ثبت في عدة مواقف أن الرباط في الأقصى هو السبيل الوحيد لوقف ومنع اعتداءات الاحتلال والمستوطنين عليه، ولولا الرباط والمرابطون لسُلب المسلمون الأقصى منذ سنوات طوال".

عقيدة وقدسية وهوية

وترى "بيان" أن الرباط عقيدة، تهدف من ورائه للحفاظ على إسلامية وقدسية وفلسطينية المسجد الأقصى، وكسر استفراد الاحتلال بالمسجد؛ لكونه يستخدم سياسات الإبعاد والاعتقال لوقف الرباط، حتى وصل به الحد إلى حظر المؤسسات التي تعمل في الأقصى، "كله بسبب إفشال المرابطين مخططات الاحتلال لتقسيم الأقصى زمانًا ومكانًا، حتى الوصول إلى السيطرة الكاملة عليه لهدمه وإقامة الهيكل مكانه".

وثبتت "بيان" أوتاد رباطها بدراستها الإعلام، وعملها في مجال الصحافة لتنقل الأحداث والصورة، وتقول إن دراستها الإعلام مكنتها من التعمق أكثر في دراسة المشاريع الاستيطانية، وأهدافها الخاصة المتعلقة بالمسجد الأقصى. 

وعن عمليات الإبعاد القسري لها ولغيرها من مئات المقدسيين تقول: "لا يمكن أن تكون حاضرًا في الأقصى وألا يطالك إبعاد أو اعتقال أو مضايقات، وربما أنا من المرابطات المحظوظات، فاسمي ضمن "القائمة الذهبية" التي لم ينفذ بحقها عدد كبير من عمليات الإبعاد".

وتذكر بيان الأعوام من 2003 إلى 2005 حيث كانت ذروة اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، ومحاولة فرض تحديد من يمكنه الدخول إليه: "كنت حينها لا أزال طالبة مدرسية، وكان إذا رآني جندي من شرطة الاحتلال يصرخ: (جعبة لفي وارجعي، بدناش مشاكل)".

وتلفت النظر إلى أن قوات الاحتلال الجاثمة على مداخل المسجد الأقصى صادرت هويتها مرات عدة، في حين تركت هبة البوابات الإلكترونية الأثر الأكبر في ذاتها الصحفية، إذ عزز عملها في نقل مجريات الأحداث من قدرتها المهنية في العمل بالميدان، طوال 14 يومًا لم تدخل خلالها بيتها وبقيت في الشارع ترابط عند بوابات الأقصى وتغطي الأحداث.

وتمضي إلى القول: "تنقلت لتغطية المواجهات التي امتدت إلى كل الأحياء والبلدات المقدسية، في يوم اعتقال شروق دويات من البلدة القديمة تعرض لي المستوطنون بالشتم والضرب، وشنت حينها حملة تأليب علي بسبب وجودي في المنطقة".

أما عن شعورها خلال مدة الإبعاد فتسأل بيان الله ألا يذيقه لأحد، قائلة: "هو أسوأ ما قد يحدث لإنسان تعلق وارتبط بمكان، فما بالك بالأقصى؟! هي غربة مريرة، فلا راحة ولا أمان للنفس إلا في جنباته".