فلسطين أون لاين

زوجته تروي لـ"فلسطين" مسلسل نكْث وعود الإفراج عنه

خاص الأسير خليل عواودة.. هيكل عظمي ثمنًا لحرية يسلبها الاحتلال

...
الأسير خليل عواودة - (أرشيف)
الخليل-غزة/ نور الدين صالح:

"يا أحرار العالم إن هذا الجسد المتهالك، الذي لم يبقَ منه إلا العظم والجلد، لا يعكس ضعف وعُري الشعب الفلسطيني، إنما هو مرآة في وجه الاحتلال الحقيقي الذي يدَّعي أنه دولة ديمقراطية"، كلمات ممزوجة بالقهر والمأساة صدحت بها حنجرة الأسير المضرب عن الطعام خليل عواودة ونقلتها زوجته "دلال".

أكثر من 180 يومًا على شروع "خليل" في إضرابه المفتوح عن الطعام لم تكن كافية أمام ذلك المحتل المُجرم بأن تشفع له بإصدار قرارٍ يقضي بالإفراج عنه، حتى بات أشبه بـ"هيكل عظمي" لا يزيد وزنه على 38 كيلوغرامًا كما وصفته زوجته التي التقطت له تلك الصور خلال زيارتها الأخيرة قبل يومين.

يُكمل عواودة (40 عامًا) الذي تعود أصوله إلى مدينة الخليل في رسالته "سنبقى نقف ضد الاعتقال الإداريِّ، حتى لو ذاب اللحم، والجلد، وتلاشى العظم، حتى لو ذهبت الأرواح، كونوا على ثقة بأننا أصحاب حق، وأن قضيتنا عادلة مهما كان الثمن المدفوع عاليًا".

وكانت سلطات الاحتلال بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر سمحت لزوجة الأسير عواودة بزيارته في مستشفى "أساف هروفيه" الإسرائيلي، بعد تردي وضعه الصحي وإصراره على مواصلة الإضراب عن الطعام بعد تراجع الاحتلال عن اتفاق معه -بعد 111 يومًا من إضراب سابق- يقضي بالإفراج عنه في 26 يونيو/حزيران 2022.

خلال تلك المدّة مرّ "خليل" بجُملة من الممارسات الإسرائيلية العنصرية تنوعت ما بين تمديد الاعتقال الإداري، ونكث الوعود التي تلقاها، وكل ذلك في سبيل الضغط المتواصل عليه لإرغامه على التراجع عن إضرابه عن الطعام، حسبما تقول "دلال" لصحيفة "فلسطين".

بدأت حكاية "خليل" منذ اللحظات الأولى لاعتقاله في السابع والعشرين من شهر ديسمبر 2021، عقب اقتحام قوّة من جيش الاحتلال لمنزله الواقع في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، وزجت به في سجن "عوفر" قرب رام الله. 

وبعد مرور عشرة أيام جرى تحويله للمحاكمة، إذ أصدرت محكمة الاحتلال حكمًا بالإفراج الفوري عنه، لكن نيابة الاحتلال تدخلت وقررت تحويله للاعتقال الإداري مدة 6 شهور، وهو ما رفضه "خليل" وأعلن إضرابه المفتوح عن الطعام في الثالث من مارس، بعد تعافيه من إصابته بفيروس كورونا آنذاك.

مؤامرة إسرائيلية

وتقول دلال، إن "خليل استمر في إضرابه 111 يومًا، وتعرض خلال هذه المدة إلى ضغوط كبيرة، إذ لم يُنقل إلى مستشفى مدني نهائيًّا، بل يقتصر الأمر عند تدهور حالته الصحية ثم يُعاد لمستشفى سجن الرملة".

وتروي أن "خليل" علّق إضرابه في العشرين من يونيو الماضي، بناء على وعود تلقاها من ضابط مخابرات إسرائيلي بالإفراج عنه بعد ستة أيام، مشيرةً إلى أنه جرى تغييبه عن العالم الخارجي في تلك الآونة بالكامل وادّعاء الاحتلال أن "خليل" يرفض زيارة المحامي له في مستشفى "أساف هاروفيه".

وتوضح أن محكمة الاحتلال قررّت خلال تلك الفترة تمديد اعتقال "خليل" أربعة شهور أخرى، دون علمه، مُستغلة تغييب المحامين عن زيارته، مضيفةً "بعدما علِم بالتمديد أعلن استئناف الإضراب".

وعدّت دلال أن كل هذه الممارسات "مؤامرة ضد خليل" من أجل النيل من عزيمته وإرغامه على إنهاء الإضراب، لافتةً إلى أن إدارة سجون الاحتلال نقلته قبل أسبوعين إلى مستشفى "أساف هاروفيه" نظرًا لتردي وضعه الصحي.

وبيَّنت أن الاحتلال قرر تجميد اعتقال "خليل" الإداري فقط بعد تقديم طلب لما تسمى بـ"المحكمة العليا" أكثر من مرة، "وهذه وسيلة للالتفاف على إضرابه"، حسبما تصفها دلال.

وبحسب دلال، فإن الاحتلال يتعامل مع زوجها كأسير في المستشفى وليس مريضًا، ويمنع عائلته بالتواجد المستمر بجانبه، كما يرفض أيضًا منحها التصاريح الطبية المقدمة لزيارته، لافتةً إلى أنه سمح بالزيارة الأخيرة بعد التواصل مع أطباء حقوق الإنسان.

مشاهد صادمة

كانت المشاهد صادمة بالنسبة لوالده وزوجته اللذين زاراه بعد تلك المعاناة، يوم الخميس الماضي، إذ كان "خليل" عبارة عن "هيكل عظمي" مُلقى على سرير المستشفى، وسط إهمال طبي واضح.

وهنا أرادت "دلال" أن تلتقط صورًا له لإيصالها للعالم أجمع علها تخترق آذانهم ويتحركوا من أجل إنقاذ زوجها خليل الذي باتت حياته "على المحك" وقد يفارق الحياة في أي لحظة.

وتوضح أن "خليل" فقد من وزنه طيلة الإضراب 48 كيلوغرامًا، "وحتى اللحظة لا تحركات جادة على مستوى الشارع والعالمين العربي والدولي تجاه تحريك قضيته والضغط على الاحتلال للإفراج عنه".

وتشدد على أن "الاحتلال يريد من خلال هذا التعنت في قضية خليل كسر إرادته وإرادة كل أسير يحاول الدخول في إضراب عن الطعام رفضًا للاعتقال الإداري".

وتختم حديثها، أن "الاحتلال يحاول من خلال إطالة أمد إضراب خليل أن يوصل رسالة للشعب الفلسطيني أن الأسرى المضربين عن الطعام أصبحوا مُجرد أرقام (...) خليل عزيمته صلبة لكن جسده مُنهار وفي حالة صعبة".