قائمة الموقع

لآلئ لامعات في بيان الحقوق الأربعة المتعلقة بالتركات

2022-08-29T14:17:00+03:00
الحقوق المتعلقة بالتركات
فلسطين أون لاين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فإنـَّهُ إذا مَاتَ ابْنُ آدَمَ صَارَ جميعُ ما كان يَملِكُهُ عند وَفاتِهِ تـَرِكَةً مَوروثةً؛ سواءٌ كان ذلك مالاً منقولاً؛ كالنـُّقودِ، والْمُجَوهَراتِ، والأثاثِ، والْمُؤَنِ، وغيرِها، أو كان غيرَ منقولٍ؛ كَبَيْتِ السُّكْنَى، والأرضِ، والعَقارِ، أو كان مالاً نَتَجَ عن جُهدٍ بَذَلَهُ في حياته، وتَحصَّلَ بعد وَفَاتِهِ؛ كَرِبْحِ صَفقَةٍ، أو ثـَمَنِ مَبِيعٍ، أو أجرَةِ عَمَلٍ، أو كان دِيَةَ نفسٍ وَجَبَتْ على قاتِلِهِ، أو دِيَةَ إتلافِ عُضْوٍ، أو أرْشَ (تعويضَ) جِرَاحَةٍ؛ بسبب جِنايَةِ أحَدٍ عَلَيْهِ.

وتتعلقُ بهذه التركةِ الْمَوروثةِ حقوقٌ أربعةٌ مُرَتـَّبةٌ ترتيباً أوْلَوِياً على النحو التالي:

الْحَقُّ الأول/ تـَجهيزُ الْمَيِّت: 

( أ ) الْمقصود بتجهيز الْميِّت: الإنفاقُ على غَسْلِهِ، وتـَكفِينِهِ، وحَمْلِهِ، ودَفنِهِ، وثـَمَنِ قبْرِهِ، بِما يَلِيقُ بِحَالِهِ وأمثالِهِ، عُسراً ويُسراً، مِنْ غيْرِ إسرافٍ ولا تقتيـرٍ، أو ما كان له كُلفَةٌ منها.

( ب ) ولا يَدخُلُ في ذلك مَا يُنفِقُهُ أهلُ الْمَيِّتِ في بَيتِ العَزَاءِ، وفعاليات التأبيْن؛ مِنْ أجرَةِ الْمُعَرَّشاتِ، والكراسي، وتكاليف الضِّيَافة، والطعام، والهدايا التي توزع؛ كالْمصاحف، والكتب، والْمسابِح، وبطاقات الأذكار، ونـحوها، بقصد الصدقة عنه، ونـحو ذلك؛ إلا إنْ أوصىٰ الْمَيِّتُ بِفِعلِ ذلك حَالَ حَياتِهِ، وهو بكامل قـُوَاهُ العَقلِيَّةِ، وَصِيَّةً صَحِيحَةً صريـحةً، ويُنَفَّذُ ذلك من مالِهِ بِما لا يزيدُ عن ثــُلُثِ ما تبقى من تـَرِكَتِهِ بعد تـجهيزه وسداد ديونه.

الْحَقُّ الثاني/ قَضَاءُ ما عَلَيْهِ مِنْ دُيونِ:

( أ ) وهي قسمان:

( 1 ) ديونٌ للعباد؛ كَقَرضٍ، أو حقٍّ إرثيٍّ، أو دَينِ مُعامَلَةٍ مالِيَّةٍ، أو دِيَةِ قتلٍ، أو أرشِ جِنايةٍ ( تعويضٍ عنها )، أو نَحو ذلك.

( 2 ) ديونٌ وَجَبَتْ حَقـَّاً لله تعالى؛ كَزكاةٍ، أو نَذرٍ، أو كفارةٍ، أو حجِّ الفريضة، أو نـَحوِ ذلك.

 ( ب ) ويدخل في ذلك حقُّ الزوجة في مَهرِها الْمؤجَّلِ، وقيمةِ عَفشِ البَيتِ الْمُسجَّلَيْنِ في عقد الزواج؛ فإنـَّهُ مِن جُملة الدُّيون الثابتة في ذِمَّةِ زوجِها، والتي يَجب قضاؤها مِنْ تـَرِكَتِهِ، إنْ لَمْ تـُسامِحْهُ طَواعِيَةً، وقد يَغفُلُ عن ذلك كثيرٌ من الناس، فيُضَيِّعونَهُ عليها، وهي لا تعلَمُ.

( ج ) فإذا أمكنَ قضاءُ جميعِ ما ثـَبَتَ في ذِمَّةِ الْمَيِّت من الدُّيون بقسمَيْها مِنْ تـَرِكَتِهِ فَبِها ونِعْمَتْ، وإنْ لم تَكْفِ التـَّرِكَةُ لِسَدادِ هذه الدُّيون جميعِها، وتزاحَمَتْ، فإنَّ ديونَ العبادِ مُقدَّمَةٌ على ديونِ الله تعالى على الرَّاجِحِ؛ لأنَّ حقوقَ العباد مَبنِيَّةٌ على الْمُشاحَّةِ والطـَّلَبِ، وحقوقُ اللهِ تعالى مَبْنِيَّةٌ على الْمُسامَحَةِ والعَفْوِ، ويُستحَبُّ لأبْنائِهِ وعَصَبَتِهِ أنْ يتبَرَّعوا بقَضَاءِ ذلك عنه؛ إبراءً لِذِمَّتِهِ.

الْحَقُّ الثالث/ تنفيذُ وصَاياه: 

( أ ) إذا أوصىٰ الْمَيِّتُ بِوَصِيَّةٍ مَشروعَةٍ وَجَبَ تنفيذُ وَصِيَّتِهِ، في حُدودِ ثــُلُثِ ما تبَقىٰ بعد تـَجهيزِهِ، وسَدادِ دُيونِهِ؛ إلا إذا أجازَ الورثةُ البالِغونَ سِنَّ الرُّشْدِ برضاهُم تنفيذَ ما زادَ عن الثلث، مِنْ نصيبهم في التركة، تبَرُّعاً منهم بِحَقٍّ ثـَبَتَ لهم.

( ب ) لكنْ لا يَجوزُ لأحَدٍ أنْ يُجيزَ تنفيذَ ذلك مِنْ نصيبِ القاصِرين؛ لأنـَّهُ ليس مِنْ حَقِّهِ، ولو كان وَلِيَّهُمُ الشَّرعِيَّ؛ لأنَّ الوِلايَةَ لا تـُعطِيهِ الْحقَّ في هذا التصرُّفِ؛ فإنَّ تصَرُّفَ الوَلِيِّ في مالِ القاصِرِ مَشروطٌ بِما فيهِ تـَحقيقُ مُصلَحَتِهِ، ورعايةُ أموَالِهِ.

الْحَقُّ الرابع/ توزيعُ الباقي على وَرَثـَتِهِ: 

إذا بَقِيَ بعدَ إنفاذِ هذه الْحقوقِ الثلاثةِ شيءٌ فهُوَ للوَرَثة، ويُقسَمُ بينهم بِحسب حِصَصِهِمُ الشَّرعِيَّةِ.

وصلى الله على سينا محمد، وعلى آله، وصحبه، وسلم.

تحريراً في 1 صفر 1444 هـ

وفق 2022/8/28

الشيخ / إحسان إبراهيم عاشور

مفتي محافظة خان يونس

اخبار ذات صلة