"يافا مش للبيع".. بهذه الرسالة التي رفعها أحد المهددين بالتهجير، يواصل الفلسطينيون في الداخل المحتل من أبناء مدينة يافا في الأراضي المحتلة عام 1948، تنظيم الوقفات الاحتجاجية ضد المخطط الرامي إلى تهجير وتشريد 1400 شخص من العائلات الفلسطينية في المدينة.
تستخدم سلطات الاحتلال قانون "أملاك الغائبين" في محاولة تهجير السكان الفلسطينيين المتبقين في مدينة يافا، لإكمال مسلسل تهويد المدينة.
وبحسب تصريحات عضو رابطة رعاية شؤون أهل يافا واللجنة الشعبية فيها عمر سكسك، فإن قرار التهجير يأتي ضمن مخطط يشكل خطرًا يهدد الوجود الفلسطيني بالمدينة.
مخطط التفريغ
ويتركز المخطط في حيَّيْن بالمدينة هما "العجمي" و"الجبلية"، ويعدان من أكثر المناطق كثافة، ويطلان على البحر مباشرة، ما يكسبهما مكانةً ومركزًا إستراتيجيًا يزيد من أطماع الإسرائيليين لتفريغهما من أي عربي.
وبحسب الإحصائيات، يشكل الفلسطينيون في يافا فقط ربع عدد السكان (70% منهم مسلمون، وقرابة 30% مسيحيّون)، من أصل نحو 60 ألف نسمة.
ووصل عدد سكان المدينة إلى هذا الحد المتدني، بفعل مخططات التهجير التي نفذها الاحتلال خلال العقدين الماضيين، حيث كان عدد السكان يبلغ بعد عام 1948 ما يقارب 3,900 نسمة من أصل 120 ألف نسمة، هو عددهم قبل احتلال المدينة.
وينظم أهالي يافا الوقفة الاحتجاجية أسبوعيا، لتسليط الضوء على نظام الأبرتهايد العنصري.
ولفت الكاتب والمحلل السياسي نظير مجلي، إلى أن هذه السياسة قديمة جديدة يمارسها الاحتلال منذ عام 1948، سعى من خلالها لتهجير أكبر عدد من الفلسطينيين، لكن رغم ذلك يوجد حوالي 350 ألف عربي هم لاجئون داخل فلسطين المحتلة يوجدون في بلدات قريبة من البلدات التي تم تهجيرها وعددها 480 قرية مهجرة.
هوية وطنية
وقال مجلي لصحيفة "فلسطين"، إن هناك مدنا مثل اللد والرملة ويافا وعكا وحيفا، كانت بلدات عريقة ولكنها الآن أصبحت ذات أغلبية إسرائيلية بعد التهجير، وما زال الاحتلال يسعى لتهجير ما تبقى من الفلسطينيين بعدة قوانين.
وأشار إلى أن السكان العرب في يافا يشكلون 15% من سكان المدينة وهم من قرى ومدن عربية أخرى وليسوا سكانها الأصليين الذين هاجروا إلى قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان والأردن ومصر إبان "النكبة".
ولطالما شكلت يافا عاصمة الثقافة الفلسطينية ومركزا تجاريا بالغ الأهمية عبر التاريخ على مدار خمسة آلاف سنة.
ويصف مجلي ما يحدث في يافا بـ"صراع بقاء مع الاحتلال"، وقال: "هم يحاولون التهجير ونحن نحاول التعويض بجلب فلسطينيين عرب من بلدات أخرى ليعيشوا في يافا، من مدن الرملة واللد وغيرهما، وبهذه الطريقة تمت عملية تعبئة للبلدات التي تم تهجيرها ويوجد بها وجود عربي ضئيل".
ولفت إلى أن العرب حققوا نجاحات في هذه المعركة، أولها بالمحافظة على الهوية الوطنية بهذه البلدات والمدن التي أراد الإسرائيليون تحويلها لبلدات يهودية مثل عكا وحيفا واللد والرملة، ولم ينجحوا بذلك، سابقًا في مخططات الترحيل ولن ينجحوا أيضًا هذه المرة.
ورغم أن الاحتلال نفذ مجزرة "كفر قاسم" عام 1956 التي راح ضحيتها 49 فلسطينيا منهم أطفال ونساء، بهدف إثارة الرعب في منطقة المثلث وتهجير أهلها، فإن مجلي يؤكد أن الفلسطينيين لم يهاجروا المثلث ولم تسجل حتى حالة تهجير واحدة.
وأضاف: "المخطط الجديد لن يتم، والعرب اعتادوا على النضال، وهم جزء لا يتجزأ من الروح النضالية الفلسطينية"، مشيرًا إلى أن موقع الحيين المراد تهجيرهما لكونهما يطلان على البحر، زاد مطامع الرأس مالية الإسرائيلية التي تحاول السيطرة عليهما، وبناء قصور وفلل يهودية حديثة.