فلسطين أون لاين

تقرير مراقبون: السلطة تُنفق ربع موازنتها على الأمن للحفاظ على بقائها وخدمة الاحتلال

...
صورة أرشيفية
رام الله- غزة/ نور الدين صالح:

لا تدخر السلطة في رام الله جهدًا في تقديم الأموال اللازمة لدعم أجهزتها الأمنية على حساب القطاعات الحيوية الأخرى المهمة والفئات الفقيرة والمهمّشة رغم تذرُّعها بوجود أزمة مالية خانقة لديها، في سبيل الحفاظ على بقائها وفرض سطوتها على المواطنين، وِفق ما يقول مراقبون.

وخلُص تقرير لـ "الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة" التابع لمؤسسة "أمان" إلى أنّ السلطة برام الله أنفقت 23 بالمئة من موازنتها العامة على الأمن خلال النصف الأول من العام الحالي.

وأظهرت معطيات نشرها "الفريق الأهلي" أول من أمس ضمن "الملخص التنفيذي للتقرير نصف السنوي للموازنة العامة لعام 2022"، أنّ الإنفاق الأكبر من موازنة السلطة على قطاع الأمن جاء في الوقت الذي لم تُحوّل سوى دفعة واحدة من مخصصات الأسر الفقيرة خلال الفترة ذاتها.

يصف الناشط في مكافحة الفساد فايز السويطي، السلطة بأنها "أمنية بحتة"، ولا تُفكر إلا في حماية نفسها، الأمر الذي يجعلها تصرف ما يُعادل ربع موازنة الدولة على الأجهزة الأمنية.

وقال السويطي لصحيفة "فلسطين": إنّ "أجهزة أمن السلطة باتت تخاف من الشعب، لأنّ ثقته بها وصلت لأدنى مستوى؛ ما يجعلها تُنفق كل هذه الأموال لصالح الأجهزة الأمنية".

وبيّن أنّ السلطة تتحكم في ثلاث وسائل مهمة بشكل كامل من أجل الحفاظ على بقائها في سدة الحكم لمدة أطول، وهي الأمن والإعلام والمال، فضلًا عن سيطرتها في بعض المجالات الأخرى أيضًا واختطافها للحُكم منذ 13 سنة.

واتهم السلطة بأنها "عسكرية وبلطجية" وتسعى لبقائها على حساب أموال الفقراء والمعوزين، مضيفًا: "وإذا شعرت أنها في خطر تلجأ إلى الاحتلال لتلقّي الدعم، فهي تستقوي بالاحتلال على شعبها".

ونبّه إلى أنّ 85% من موازنة حكومة رام الله يتم جبايتها من جيوب الشعب عبر فرض الضرائب والجمارك، ويتم استخدامها في الملاحقات والاعتقالات وتصفية المعارضين السياسيين لها، فضلًا عن تقديم خدماتها المجانية للاحتلال.

من جهته، قال الناشط السياسي فخري جرادات أنه "لا يوجد هناك أزمة لو أدارت السلطة المال العام بطريقة صحيحة، وأوقفت الفاسدين عن الوصول له وتوزيعه بشكل صحيح".

وعدّ جرادات في حديثه لصحيفة "فلسطين"، تخصيص هذه النسبة من الميزانية للمؤسسة الأمنية "أمرًا خطيرًا"، لكونها لا تؤدي دورها بالكامل في الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين، بل تلاحقهم وتعتقل العشرات منهم.

وبيّن أنّ السلطة تستخدم هذه الأموال في ملاحقة واعتقال من تعتبره معارضًا لسياساتها، مشددًا على أنّ "أساس السلطة قائم على التنسيق الأمني".

وأوضح أنّ وجود السلطة قائم على مبدأ الحفاظ على نفسها وديمومتها في الحكم من جهة، وخدمة للاحتلال من جهة أخرى، مستبعدًا أن يكون هناك أيّ إصلاح في أجهزة السلطة في ظل تمسكها بهذا النهج.

غياب التشريعي

من ناحيته، رأى مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية شمس من رام الله د. عمر رحال، أنه "لا يُعقل إنفاق كل هذه الأموال على المؤسسة الأمنية في وقت لا تُصرف على قطاعات حيوية أهم مثل التعليم والصحة".

وقال رحال لصحيفة "فلسطين": إنّ "الإنفاق على أجهزة الأمن التي لا تقوم بواجبها تجاه المواطنين لن يكون له انعكاسات إيجابية على المجتمع الفلسطيني، على عكس ما لو أُنفِقت على قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والزراعة".

وشدّد على أنّ تعطيل المجلس التشريعي له "أثر كارثي"؛ ما أتاح المجال للسلطة التنفيذية بوضع الأرقام التي تريدها وتنفيذ السياسات التي تتناسب ومصالحها على حساب المواطنين.

وأضاف: "لو كان هناك مجلس تشريعي -وهو صاحب الاختصاص- لما وافق على تخصيص هذه النسبة المرتفعة للأمن"، مشيرًا إلى أنّ النظام الحاكم يدفع باتجاه تقوية الأمن حفاظًا على استمرار النظام السياسي في إدارة الشؤون دون أيّ عقبات والدفاع عنه في أوقات الأزمات.

وأوضح رحال أنّ الأموال المدفوعة لقطاع الأمن لا تتناسب مع الخدمات التي تقدمها للمواطن، إذ إنها لا توفر الأمن والاستقرار اللازم له، حتى أنه بات يفتقد للأمن الشخصي.

واستدل بقوله إنّ هناك ارتفاعًا في نسبة الجريمة داخل المجتمع الفلسطيني، وانتشارًا للمخدرات والعنف وبعض المشكلات الاجتماعية، فضلًا عن ممارسات أجهزة أمن السلطة المتمثلة بالاعتقالات وترهيب المواطنين في سبيل حماية النظام السياسي.