تشهد الحركة الأسيرة تطورا نوعيا في مقاومتها للاحتلال الصهيوني بالعودة مجددا للإضراب المفتوح بالجملة للأسرى الفلسطينيين عن الطعام، وهي عبارة عن إضرابات فردية مفتوحة عن الطعام لأسباب ودوافع مختلفة جلها كان احتجاجا على الاعتقال الإداري، ونهج الاحتلال سياسة تعسفية خاصة على صعيد التحقيق والتعذيب والعزل الانفرادي والإهمال الطبي المتعمد، وحرمان الأهل من الزيارات، وهناك من أعلن إضرابه رفضا لعزله بظروف معيشية قاسية، وهناك من خاض معركته احتجاجا على مشكلات بحسابه بالكانتينا، كما خاض بعض الأسرى إضرابات إسنادية دعما لرفاقه المعتقلين الإداريين المضربين عن الطعام رفضا لاعتقالهم الإداري.
فمنذ الهبة الشعبية الأخيرة التي شهدتها مدن وقرى ومخيمات الضفة المحتلة نصرة للأقصى من اقتحامات المستوطنين وقوات الاحتلال، وما ترتب على ذلك من عدوان إسرائيلي همجي على قطاع غزة على مدار ثلاثة أيام متواصلة، وهي أقصر مدة مقارنة بالحروب الإسرائيلية السابقة، لكنها كانت لا تقل عنهم ضراوة وتدميرا ونسفا وقتلا (إبادات جماعية)، لوقوف شعب غزة بكل قواه وفصائله ومقاومته نصرة وإسنادا للأسرى الفلسطينيين في معركة الأمعاء الخاوية، على رأسهم الأسير الشيخ بسام السعدي والأسير خليل عواودة، الذي مضى على إضرابه أكثر من 160 يوما وقد أصبحت حياته مهددة بالخطر، احتجاجا على اعتقاله الإداري، ولا يزال صابرا محتسبا لم يستسلم للاحتلال ولا إدارته وسجونه ومحاكمه العسكرية الظالمة، وكلما رفض الاحتلال الإفراج عنه ازدادت معنوياته العالية وإرادته القوية.
تحاول سلطات الاحتلال تعويض هزائمها المتلاحقة أمام المقاومة الفلسطينية على الصعيدين، بشن حملات لاعتقال أعداد كبيرة، ظانة أن اعتقال الفلسطينيين وامتلاء سجونها بالأسرى سوف يجلب لها الأمن والاستقرار، فقد بلغ أعداد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال نحو (4550) أسيراً، وذلك حتّى نهاية شهر تموز/يوليو 2022، من بينهم (27) أسيرة، و(175) قاصراً، ونحو (670) معتقلًا إداريًا. وبحسب التقرير الشهري المشترك الذي أصدرته مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان عن شهر تموز/ يوليو 2022، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلية اعتقلت (375) فلسطينيًا/ة من الأرض الفلسطينية المحتلّة، بينهم (28) طفلاً، وسيدتان، وبلغ عدد أوامر الاعتقال الإداريّ الصّادرة (191) أمراً، بينها (65) أمراً جديداً، و(126) أمر تمديد.
فإصرار سلطات الاحتلال على عدم حل قضية الأسرى يعني أنها لم تتعلم من درس شاليط الذي فرض أمر أسره فرضا وليس شهوة وحباً في الأسر، بقدر ما هي الحاجة لتحريك قضية الأسرى التي -كما قلت- طمست عقودا طويلة. إن الشعب الفلسطيني يتجه نحو انتفاضة الحرية إذا استمر إضراب الأسرى واستمرت سلطات الاحتلال باستهتارها وعدم اكتراثها بحقوقهم وبصحتهم وتهديد حياتهم. لذا أصبح من الضروري المطالبة بإنهاء كل أشكال الاعتقالات على رأسهما الاعتقال الإداري (الملف السري) وفي الحقيقة يعني سجن دون تهمة، لذا نُحمّل سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن مصير وحياة كل أسير فلسطيني في سجونها، ولم نعفِ أيضا المجتمع الدولي من تلك المسؤولية عن حالة الصمت من طرفها إزاء كل ما يحدث لأسرانا.
وأما على الصعيد المحلي فالمبادرات والمواقف التضامنية لمساندة الأسرى ولو أنها مطلوبة وواجبة علينا، لكن تبقى هذه الأنشطة والفعاليات التضامنية تراوح مكانها لا جدوى منها ما دمنا لم نستخدمها كورقة ضغط لمحاسبة الاحتلال قانونيا.