فلسطين أون لاين

تقرير "حارة النصارى".. أسواق وأزقة وأديرة تخلو من الشباب

...
صورة أرشيفية

تنصهر العلاقات في حارة النصارى، التي تُعدُّ واحدة من أقدس الأماكن في المعتقد المسيحي، بين سكانها المسيحيين والمسلمين، إذ يقابل كنيسة القيامة في الحارة مسجد عمر بن الخطاب.

حارة النصارى (الحي المسيحي) في مدينة القدس أحد الأحياء الأربعة الكبرى في البلدة القديمة، تقع الحارة في الركن الشمالي الغربي من البلدة القديمة، وتمتد من درج باب خان الزيت وسط الطريق على طول الجدار الغربي من البلدة القديمة وصولًا إلى باب الخليل، وسويقة علون من جهة الجنوب.

ترابط الهوية

تعكس العلاقات الاجتماعية والاقتصادية ترابط الهوية في حارة النصارى ذات الأغلبية المسيحية، إلا أن أصحاب الدكاكين فيها غالبيتهم من المسلمين.

تبلغ مساحة حارة النصارى نحو 237 دونمًا، ويقطنها نحو 5419 نسمة، وفيها 40 موقعًا مسيحيًّا مقدسًا، وفيها أيضًا "المارستان" الشهير، نقلًا عن موقع "القدس عن قرب".

تقول الصحفية المقدسية أسيل الجندي: "إنّ طائفة اللاتين تتفوق على الطوائف الأخرى من حيث عدد السكان، لكنّ أكثر أملاك حارة النصارى تعود للروم الأرثوذكس".

وتذكر لـ"فلسطين" أن الحارة تضم سوقين رئيستين، هما: سوق أفتيموس التي بنيت عام 1908، وسوق طريق حارة النصارى التي تضم 218 حانوتًا، وتقسم الحارة إلى قسمين شرقي وغربي.

وتضيف: "من يتجول في السوق والأزقة يلحظ مرور كثير من المسنين مقابل قلة عدد الشباب، حتى بات يطلق على حارة النصارى اسم (الحي الهرم) لكثرة هجرة شباب الحي في سن من 18 إلى 35 عامًا".

وشكل المسيحيون نحو 25% من عدد سكان القدس عام 1922، أما اليوم فإن نسبتهم لا تزيد على 1% من عدد سكان المدينة، وقد أصدرت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات إحصائية عام 2019 تلفت النظر إلى التناقص الشديد في أعداد المسحيين في فلسطين بسبب الهجرة خارج البلاد.

وتقدر الهيئة عدد المسيحيين في فلسطين المحتلة نحو 170 ألفًا، يعيش 40 ألفًا منهم في غزة والضفة الغربية (وفيها شرقي القدس)، من أصل 5.5 مليون نسمة داخل حدود عام 1967.

وتشير التقديرات إلى نحو 10 آلاف مسيحي فلسطيني يعيشون في شرقي القدس.

من جانبه يعزو رئيس جمعية تطوير حارة النصارى باسم سعيد خروج الشباب من الحارة إلى ضيق المنازل، فلا تتجاوز مساحة غالبيتها 50 مترًا مربعًا، إضافة إلى قدمها وحاجة كثير منها للترميم، ما أدى بكثير من العائلات إلى مغادرة الحارة والانتقال للعيش خارج السور أو السفر إلى دول أخرى.

وذكر في أحاديث صحفية سابقة أنّ الاحتلال ينتهج ممارسات تعسفية بحقّ أهل القدس، فيتعمد تضييق مساحات العيش عليهم، وسوء الأوضاع الاقتصادية، ما دفع بكثير من الشباب للهجرة والبحث عن فرص عمل.

أديرة أثرية

المرشد السياحي الباحث في شئون القدس المقدسي إيهاب الجلاد يوضح أنّ اسم "حارة النصارى" ظهر في العهد الفاطمي في عام 1065م، عندما طلب الخليفة من المسيحيين المشاركة في بناء سور القدس القريب من كنيسة القيامة، ومقابل ذلك يعطيهم حارة خاصة.

ويقول لـ"فلسطين": "إنّ الحارة لم تسلم من الاستيطان الإسرائيلي، إذ تجثم بداخلها واحدة من أكبر البؤر الاستيطانية، وهي دير مار يوحنّا الذي سرّبه بطريرك القدس في سبعينيات القرن الماضي، ويحتوي على 36 غرفة تملكها الجمعيات الاستيطانية الآن، إضافة إلى تسريب فندقين في سنوات التسعينيات من القرن الماضي، وظهرت على السطح حينها فضائح بطريركية الروم الأرثوذكس".

ويشير إلى أنّ الحارة تحتضن العديد من الأديرة المسيحية الأثرية، أبرزها: مطرانية الأحباش، وبطريركيات: الروم الأرثوذكس، والروم الكاثوليك، واللاتين، والأقباط، ولا يكاد يخلو زقاق فيها من مرور رجال الدين والراهبات على مدار الساعة.

وكنيسة يوحنّا المعمدان أقدم بناء في الحارة، وفقًا لإفادة لجلاد، إذ شُيّدت في القرن الخامس الميلادي، ولاحقًا بُنيت كنيسة القيامة في الحقبة الصليبية، وتعود بقية الأبنية للعهدين المملوكي والعثماني.