أنهت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" انتخابات لجنتها المركزية، بإعادة هيكلها القديم متجاوزين بذلك دحلان وتغييرًا طفيفًا في بنية اللجنة المركزية.
التغيير لم يكن جوهرياً سوى في بعض الملامح المهمة التي يجب الانتباه إليها وفهمها كسياقات سيبنى عليها في المستقبل القريب والبعيد خاصة في قراءة واقع فتح والحالة الفلسطينية.
أولها: استطاع ماجد فرج إنجاز مهمة ترتيب ما أراده الرئيس من عقد المؤتمر وإنهاء دحلان في سلم البناء الفتحاوي في هذه المرحلة، الأمر الذي يشير إلى ظهور الرجل كلاعب أساس في مشهد الترتيبات الداخلية والمستقبلية مع تغير واضح في حضور وترتيب الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
ثانيا: أضحى الرئيس القائد الحصري للحركة دون الحديث عن نائب للرئيس في بنية الحركة؛ الأمر الذي سيمكن الرئيس التفرد حتى يأذن قدر الله بتغيير ما.
ثالثا: أثبت جبريل الرجوب أنه ملك المؤتمر من حيث التأثير وجمع الكادر من حوله برغم عمل بعض التيارات ضده؛ حيث ضمن في محيطه على الأقل 5 من اللجنة المركزية الحديثة، الأمر الذي سيجعله محط أنظار الجهات الداخلية والخارجية.
رابعا: تدحرج خيار مصر في اللجنة المركزية، برغم محافظة حالة الإقليم في فتح على حضورها، خاصة على صعيد التحالفات، لكن من الواضح أيضا، أن الأيام ستكون حبلى في مفاجآت المشهد الخارجي.
خامسا: ضمن الرئيس عباس تحييدًا للفاعلين في المؤتمر (جبريل، توفيق، مركزية الشمال) من أي تحالف مع دحلان في المرحلة القادمة.
هذه النقاط الخمس في بنيتها لا تعني انتهاء المآزق القادمة خلال المرحلة القريبة والتي يمكن تلخصيها بالآتي:
أولًا: فتح لم تستطع أن تعبئ فراغ القيادة في غزة بشخصية قوية برغم فوز حلس والحاج إسماعيل وفتوح، الأمر الذي سيجعل لدحلان قوة وقدرة على تحرك لا يمكن التقليل من شأنه، هذا بالإضافة إلى حضور له سيكون في الأقاليم الخارجية، وحركة الساخطين في الضفة الغربية.
ثانيًا: الأردن ومصر ومعهم الإمارات، ربة المال المحرك، سيكون لهم دور في التأثير على سلوك الرئيس عباس والذي سينتهي لصالح بعض الصفقات هنا وهناك وإن لم يتبلور بعد شكلها، لكن لن تسمح هذه الأنظمة لعودة قطر وتركيا إلى مساحة لعب هذه الأنظمة.
ثالثًا: فتح لم تستطع أن تبرز في الانتخابات قائدا وطنيا جامعا بعد الرئيس، الأمر الذي سيجعل الحركة أمام معضلة الخليفة مما سيعيد فتح إلى أزمة الخيارات.
رابعا: المؤتمر السابع حول حركة فتح إلى ذراع أكثر اختفاء وراء السلطة، بل قزم منجزها في عمل الحكومة، الأمر الذي سينعكس على ضعف بنى اللجان الحركية بشكل كبير وأكثر تسارعًا.
خامسا: برغم استطاعة الرئيس هندسة مؤتمر على مقاس توجهاته؛ سيظل المعيق السياسي والمأزقي في العملية السياسية قائما وكبيرا، الأمر الذي سيدخل الحالة الفلسطينية في تعقيدات لا يستهان بها.
سادسا: ما بعد المؤتمر بات الرئيس أمام مطالبات المصالحة مع حماس خاصة في ظل مساعدة الحركة توجيه ضربة مهمة لدحلان، الأمر الذي لا يعني ارتفاع فرص ذلك خاصة في ظل رفض الإقليم لهذا التوجه.
في فهم الحالة العامة والشكل الجديد لبنية المركزية حافظت البنية القديمة على تماسكها برغم صعود 5 من الحرس القديم بدلًا من دحلان، وسلطان أبو العنين، نبيل شعث، أبو ماهر غنيم، عثمان أبو غربية مع إضافة قادم جديد، صبري صيدم.
أما الثوري فيعد الديكور المؤسسي داخل حركة فتح، بلا تأثير ولا أفق يمكن البناء عليه في موازنات الحركة.
الخلاصة لا بد من تهنئة حركة فتح على انتخاباتها، ولا بد من الأمنيات الكبيرة بأن تساهم الحركة في تحسن الحالة الفلسطينية، على الرغم من البواعث التي أنتجها المؤتمر وما انبثق عنه، لا تبشر بسهولة الواقع، وخطورة المشهد.