يحل علينا الواحد والعشرون من أغسطس بذكرى أليمة تجتاح قلب كل مسلم صادق، ويتجدد فيها شعور أكثر حسرة لما وصل إليه المسلمون من ضعف وهوان إلى يومنا هذا، كيف لا نشعر بذلك وبه حرق قبلة المسلمين الأولى وثالث الحرمين الشريفين عام 1969م، حين أقدم المجرم المتصهين (دينيس مايكل) ذو الأصول الأسترالية بمادة شديدة الاشتعال على حرق المصلى القبلي في المسجد الأقصى، مستكملا الجريمةَ -كعادته- الاحتلالُ الصهيوني، بقطعه المياه عن المصلى القبلي ومحيطه، متباطئا في إرسال سيارات الإطفاء، محاولا القضاء على أي معلم للوجود الإسلامي في القدس، ضمن عدة إجراءات وسياسات ينتهجها منذ احتلاله مدينة القدس، مع اكتفاء المجتمع الدولي بالتنديد وإدانة الجريمة، وفيتو أمريكي كالعادة، دون أخذ إجراءات عقابية تردع الفاعل أو دولة الاحتلال، وما كان من الدول الإسلامية إلا إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي التي أخذت على عاتقها ترميم فعل هذا المجرم، الذي رُحِّل إلى أستراليا، وبقي حرا طليقا إلى أن لقي حتفه عام 1995م.

فهل توقفت الجرائم الصهيونية بحق المقدسات الإسلامية في القدس؟ وهل رُدعت دولة الكيان بعد هذه الجريمة؟ وهل احترمت الميثاق الدولي الذي يرجع إقراره دولياً إلى عام 1954م وهو ميثاق لاهاي المؤسس لمحكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، حيث ينص على "الحماية الكاملة للمواقع ذات الأهمية الثقافية والحضارية خلال الصراعات المسلحة"، وأن مخالفة هذا القانون تعد "جريمة حرب" وقد أجمع عليه خبراء القانون الدولي أنه ينطبق على ما تفعله دولة الاحتلال حالياً بحق المسجد الأقصى؟ دولة الاحتلال ماضية قدما في خطوات تصعيدية من الانتهاكات والجرائم بحق البشر والحجر في الأقصى والمقدسات الإسلامية في القدس، غير مكترثة لا بمجتمع دولي ولا بقانون دولي؛ لأنها باختصار الابنة المدللة للولايات المتحدة الأمريكية التي تساندها في كل المحافل الدولية ضد هذه القوانين.

دولة الاحتلال تسعى جاهدة لتهويد مدينة القدس والقضاء على الوجود الإسلامي كما أسلفنا ذكره من خلال سلسلة من السياسات والإجراءات المتبعة، مستغلة حالة الضعف والمشكلات الداخلية التي تمر بها الدول العربية والإسلامية، نذكر منها:

• الاستيطان ومصادرة الأراضي.

• رسم حدود جديدة لمدينة القدس عام 1993 هدفها التواصل الإقليمي والجغرافي بين المستوطنات المحيطة بالقدس وربطها بالمدينة.

• تهجير الفلسطينيين في القدس وسحب الهويات منهم.

• السيطرة على التعليم.

• إصدار قوانين التنظيم والتخطيط.

وغيرها من الإجراءات التي تسعى من خلالها للتقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى، والإخلاء والتهجير القسري لسكان قرية الشيخ جراح التي أدت إلى اندلاع معركة سيف القدس في العاشر من مايو من العام الماضي، بعد تحذير حركة حماس على لسان قائد جناحها العسكري محمد الضيف "بأنَّ أمام الجيش الإسرائيلي ساعة للخروج من المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وإلَّا ستندلع الحرب"، في سابقة لم تحدث من قبل، في إشارة للبدء في توحيد الساحات بين غزة والقدس، ولم تنتهِ المعركة إلا بعد تنفيذ مطالب المقاومة وشروطها.

مما سبق يتضح أن الاحتلال من خلال ممارساته يسعى لهدم المسجد الأقصى، وبناء الهيكل المزعوم للقضاء على إسلامية القدس، لذلك ما هو مطلوب:

• عدم اليأس من توعية الأمة الإسلامية ضد ممارسات الاحتلال الصهيوني في مدينة القدس.

• إبقاء قضية القدس حاضرة في كل محافل الدول العربية والإسلامية والدولية، والتركيز على أنها محور الصراع، وعدم إعفاء المجتمع الدولي أو الدول الإسلامية من مسؤولياتها تجاه هذه القضية، والقضاء على ما تسعى له دولة الاحتلال بأن هذه القضية تخص الفلسطينيين فقط.

• توحيد جهود الفصائل الفلسطينية ضد الهجمة الصهيونية وفضح ممارساتهم.

• زيادة الفعاليات في الدول الإسلامية والضفة الغربية وغزة والداخل الفلسطيني التي تسلط الضوء على قضية القدس وتفضح ممارسات الاحتلال.

• الاتفاق في الغرفة المشتركة على القضايا الوطنية العليا التي يمكن الرد عليها عسكريا، ولتكن القدس أولوية لذلك، حتى لا تفقد قوة الردع التي حققتها معركة سيف القدس أهميتها.

• تكثيف عمليات المقاومة التي تنطلق من القدس والضفة الغربية؛ لما لها من تأثير قوي وفاعل في المنظومة الأمنية الصهيونية.