افتتحت مؤسسات إعلامية وحقوقية، أكبر منحوتة رملية في فلسطين، مساء اليوم الأربعاء، وذلك على شاطئ بحر مدينة غزة، تحت عنوان "الاحتلال يقتل الطفولة"، تخليداً للشهداء الأطفال الذين ارتقوا خلال عدوان الاحتلال الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
ووجهت الطفلة نادية عبد اللطيف الناجية من العدوان الإسرائيلي، رسالة إلى العالم، باللغة الإنجليزية.
وقالت عبد اللطيف: "نحن اليوم خرجنا من تحت آلة الدمار والحرب، والتي أدت لارتقاء 17 طفلًا وإصابة العشرات، بالإضافة إلى حالة الرعب التي عشناها خلال تلك الأيام".
وأضافت "اليوم نقف لنروي هذه الحكايا، ونسمع صوتنا للعالم بضرورة العمل على ملاحقة المجرمين، الذين حرمونا الطفولة، وعيش معانيها من خلال العدوان المتواصل من قبلهم".
ودعت عبد اللطيف لضرورة ملاحقة مجرمي الحرب الذين ارتكبوا الجرائم، ومنعوا أطفال قطاع غزة من عيش طفولتهم كما يعيش أطفال العالم.
وروت في كلمتها العديد من المشاهد خلال العدوان الذي بدأه الاحتلال عصر الخامس من الشهر الجاري، وتوقف بعد ثلاثة أيام إثر التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار برعاية مصرية.
وأسفر العدوان عن استشهاد 49 مواطناً، والمئات من الجرحى، فضلا عن تدمير أضرار مادية جسيمة طالت ممتلكات المواطنين في القطاع.
الطفولة في خطر
من جهته، قال رئيس مكتب الإعلام الحكومي سلامة معروف، إن رمال بحر قطاع غزة والتي حملت أسماء الشهداء الأطفال من العدوان الأخير شاهدة على العديد من جرائم الاحتلال.
وأشار أن رمال بحر غزة شاهد على ما حصل مع عائلة هدى غالية، وأطفال عائلة بكر.
وبين معروف أنه خلال العام الماضي رفض الاحتلال ١١٢ طلبًا لعلاج الأطفال، في مستشفيات الضفة الغربية والقدس المحتلتين.
وذكر أن الجرائم التي ارتكبها الاحتلال بحق الأطفال كثيرة، مستشهدًا بالطفل أحمد دوابشة وعائلته، وما يعانيه الأسير الطفل أحمد مناصرة، بالإضافة لأكثر من ١٠٠ طفلٍ معتقلًا في سجون الاحتلال.
وأضاف "هناك عشرات الصور التي أثبتت أن الاحتلال لا يلقي بالًا للطفولة، وإنما يتعامل وفق مبدأ رئيسة وزرائه السابقة جولدمائير، التي قالت الكبار يموتون والصغار ينسون".
ووجه رسالة للمجتمع الدولي، معتبرًا صمته على جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين، عبارة عن مشاركة في هذه الجرائم.
وقال معروف: "المجتمع الدولي لا يتابع القضايا التي ترفع لنصرة الطفولة الفلسطينية"، معربًا عن أمله بأن تتداعى المؤسسات والهيئات الدولية والأممية لينال المجرم الإسرائيلي جزاء ما ارتكبت يداه.
ضرب للمواثيق الدولية
بدوره أكد الحقوقي صلاح عبد العاطي، أن المنحوتة الرملية تنقش أسماء الأطفال لتوصل رسالة لكل حر في العالم أن أطفالنا بشر كباقي البشر لهم الحق بالحياة واللعب، والتمتع بالطفولة التي أقرتها المواثيق الدولية.
وقال في كلمة له خلال افتتاح المنحوتة: إن "اتفاقية حقوق الطفل وملحقاتها شكلت حقوقه بالحماية، والمشاركة، وعدم تعرضه للعدوان، والحماية منه".
وأشار عبد العاطي، أن رمال بحر غزة شاهد على عشرات الجرائم، المرتكبة بحق الأطفال والعائلات الفلسطينية منذ النكبة وحتى يومنا، "نحن لن نسامح بها ولن نغفرها، ومستمرون بكل ما أوتينا من أجل مجابهة الاحتلال".
وشدد على أن تجاهل المجتمع الدولي يساعد الاحتلال على ارتكاب جرائمه بحق الفلسطينيين، متسائلًا "كيف قام العالم ولم يقعد على ما جرى في أوكرانيا، وأنشاء لجان تحقيق من خامس يوم، فيما يجاهل ما يجري معنا كفلسطينيين بشكل عام".
ودعا عبد العاطي السلطة للوفاء بالتزاماتها لحماية المدنيين والأطفال، والتزاماتها السياسية والاجتماعية، والتي تحتم عليها ملاحقة الاحتلال ومجرمي حربه في المحاكم الدولية فعلًا، وعدم التلويح بذلك لاحتياجات سياسية لديها.
وتابع "آن الأوان لمحاسبة قادة الاحتلال الذين يتفاخرون بقتل أبنائنا، وأطفالنا".
أمل ذويهم
من جانبها، أكدت منسقة الحملة الاعلامية الدولية "الاحتلال يقتل الطفولة" د. فاطمة أبو نادي، أن الاحتلال أصبح لديه عقيدة راسخة تعكس جرائمه المستمرة ضد المدنيين، خاصة الأطفال.
وقالت أبو نادي في كلمة لها بافتتاح المنحوتة: "لأن اطفالنا أغلى ما نملك والاحتلال الحربي يقصفهم آمنين في بيوتهم، ويقتلهم بدم بارد، دون رادع لعنجهية الاحتلال"، مشيرة إلى أن جل الضحايا خلال العدوان الأخير على قطاع غزة كانت من الأطفال.
وأوضحت أنه خلال العدوان ارتقى 17 شهيداً من الأطفال، مستدركةً: "لقد كانوا مثل المصابيح يشعون حيوية وأمل لدويهم، فصابهم جلل عظيم بفقدانهم (..) كل المشاهد كانت عصيبة ومؤلمة، مشاهد يبكي لها الحجر، ويلن لها الحديد".
وتابعت "كأن (إسرائيل) فوق القانون، لا يتم محاسبة جرائمها دوليا، فمن هنا نطالب المجتمع العربي والدولي بالتدخل لوقف الانتهاكات الاسرائيلية بحق شعبنا".
وأشارت أن "حملتهم" واجب لأرواح الشهداء وذويهم، مضيفة "تبنينا الحملة الإعلامية الموسومة بوسم #الاحتلال_ يقتل_ الطفولة، حيث تضمنت أسماء الشهداء السبعة عشر، لنقدم رسالتنا الإنسانية عبر الجدارية الرملية المنحوتة، والأولى على مستوي فلسطين، والتي وصل طولها لمائة متر".
وذكرت أن هذه المنحوتة نحتت بأيادي الفنانين الشباب من قطاع غزة، تكريمًا لأرواح الشهداء الأطفال.
وأكملت أبو نادي "نقشنا اسم كل شهيد طفل ارتقى بهذه الجدارية الرملية ليكون خالد لنؤكد للعالم أجمع أن أطفالنا يحتاجون لدعم دولي من خلال مناصرتهم والدفاع عنهم، وتقديم الحماية لهم، والتصدي لجبروت الاحتلال أمام أطفالنا الأبرياء لأنهم يستحقون الحياة".
أكاذيب الاحتلال
من ناحيته، شدد القائم بأعمال الهيئة العامة للشباب والرياضة محمود بارود، على أن الاحتلال قتل الطفولة وسوق أمام العالم أنه يقتل مقاومين.
وقال: "في حقيقة الأمر ننظر إلى نتائج عدوانه فإن غالبية من قُتل هم من الأطفال والمدنيين والنساء، وهو ما يفند ويكذب رواية الاحتلال بهذا الشأن".
وأشار إلى أنه رغم هذا العدد الكبير من الشهداء الأطفال إلا أن الاحتلال مستمر في غطرسته، وأنه لا يزال يتهرب من كل الالتزامات بالمواثيق التي تحمي الأطفال.
وقال بارود "اليوم خرجت الطفلة رهف شحادة التي لم يبق من أطرافها سوى يدها اليسر، لتلقي العلاج في تركيا"، مضيفًا "هذه اليد ستبقى شاهدة على إجرام الاحتلال، وسترفع بها رهف شارة النصر".