جاءت عملية إطلاق النار البطولية في مدينة القدس المحتلة وما تخللها من ملاحقة من شارع إلى شارع، لتؤكد أن المدينة المحتلة بوصلة مقاومة الشعب الفلسطيني، وأن "سيف القدس" ما زال مشرعًا في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وفق ما يرى محللون سياسيون.
وحملت العملية، وفق المحللين، عدة رسائل أبرزها أن جرائم الاحتلال في غزة، ونابلس، وجنين، واقتحام القدس والمسجد الأقصى المبارك، لا يمكن أن تقابل إلا بالدم والنار، وبددت صورة "النصر الوهمي" الذي حاول الاحتلال ترويجها عقب العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
وكان تسعة مستوطنين أصيبوا فجر أمس، في عملية إطلاق نار استهدفت حافلة للمستوطنين قرب المسجد الأقصى المبارك، وصفت جراح 3 منهم بالخطيرة.
وجاءت العملية بعد نحو أسبوع من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي أسفر عن استشهاد نحو 49 مواطنًا وإصابة 360 آخرين بجروح، تلاه اغتيال قوات الاحتلال 3 مواطنين في الضفة بينهم المقاومان: إبراهيم النابلسي وإسلام صبوح في البلدة القديمة بمدينة نابلس.
خطر أحمر
ورأى المحلل السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي، علي الأعور أن العملية تأتي لتؤكد أن القدس بوصلة القضية الفلسطينية ولا يمكن التراجع أو التخلي عنها.
وأوضح الأعور لصحيفة "فلسطين" أن العملية أكدت أن القدس والأقصى، خط أحمر أمام السياسات الإسرائيلية والمنافسة في إطار الحملات الانتخابية التي بدأت مع العدوان الأخير على قطاع غزة.
وعد أن مكان وزمان العملية مهم جدًّا وجاء في توقيت حساس، إذ وقعت في قلب القدس المحتلة وأعاد المدينة ساحة للصراع كما نابلس وغزة، وغيرها.
وذكر أن منفذ العملية أراد من خلالها التأكيد أن "سيف القدس" ما زال مشرعًا في وجه الاحتلال، وأن الاقتحامات الإسرائيلية للقدس والأقصى والتنكيل بالمقدسيين لن يمر دون عقاب.
وقال الأعور: جاءت العملية في إطار الرد المباشر على جرائم الاحتلال التي ارتكبت مؤخرًا في غزة ونابلس وجنين، وبددت صورة النصر الوهمي الذي حاول أن يروجها رئيس حكومة الاحتلال يائير لبيد.
ولفت إلى أن العملية كانت خاطفة وأربكت حسابات الاحتلال وشكلت هاجسًا أرق منظومته الأمنية، إذ يتخوف الاحتلال من انتفاضة شعبية عارمة في مختلف مدن الضفة الغربية والقدس المحتلتين ردًّا على جرائمه.
"سيف القدس"
من جانبه، رأى الكاتب والمحلل السياسي علاء الريماوي: أن العملية تأتي ردًّا على جرائم الاحتلال في غزة والضفة.
وقال الريماوي لصحيفة "فلسطين": إن العملية تؤكد أن "سيف القدس" ما زال مشرعًا وهذه المرة بيد أبناء المدينة المحتلة الذين هتفوا للمقاومة وأظهروا رفضهم لجرائم الاحتلال.
وأضاف: أنه كلما توغل الاحتلال في الدم الفلسطيني وارتكب الجرائم فسيقابل برد فلسطيني، عادًّا أن عملية القدس وجهت ضربة قوية للمنظومة الأمنية الإسرائيلية.
ولفت إلى أن العمليات جاءت في ظل انسداد أفق الحل السياسي، وفشل مشاريع التسوية، ما دفع الفلسطينيين إلى النضال والمقاومة خيارًا وحيدًا لاستعادة أرضهم.
وتابع: الجيل الفلسطيني الشاب لم يعد يحتمل صلف الاحتلال الذي يوغل في القدس والأراضي الفلسطينية، لافتًا إلى أن العمليات تأتي في سياق إيمان عقدي لدى الفلسطينيين بأن تحرير الأرض واجب والرد على جرائم الاحتلال.
جزء أصيل
من جهته، ذكر ️الخبير الأمني والعسكري د. إبراهيم حبيب، أن منفذ عملية القدس، استطاع أن يربك حسابات الاحتلال الأمنية التي يدعي أن القدس تحت إجراءات أمنية مشددة.
وقال حبيب لصحيفة "فلسطين": إن العملية أوصلت رسالة بأن المقدسيين جزء أصيل من الشعب الفلسطيني المقاوم الذي يتبنى المقاومة خيارًا إستراتيجيًّا، وأثبتت أن الإجراءات الأمنية والغطرسة الإسرائيلية لن تمر دون عقاب.
وأضاف: إن منفذ العملية أوصل رسالة للاحتلال وللمطبعين، بأن الشعب الفلسطيني هو صاحب الأرض في المدينة المقدسة وفي كل أنحاء فلسطين وهو الذي سيعيد مجد قضيتنا من جديد.