فلسطين أون لاين

تصاعدت على خلفية نشر تسجيل مسرب وسحب طاقم حراسة 

تقرير صدام "الطيراوي" بـ"الشيخ".. صراع الوراثة يحتدم مبكرًا

...
رام الله-غزة/ يحيى اليعقوبي:

يظهر قرار رئيس السلطة محمود عباس، بإعادة تشكيل مجلس أمناء جامعة الاستقلال للعلوم الأمنية الواقعة في مدينة أريحا شرق الضفة الغربية، الذي يرأسه عضو اللجنة المركزية لحركة فتح اللواء توفيق الطيراوي إضافة لسحب طاقم الحراسة من أمام منزله، أن الصراع في هرم قيادة فتح والسلطة على معركة "الوراثة" لم يعد تحت الرماد فقط، بل يتجه نحو احتدام صدام أكبر القيادات نفوذًا. 

وشكَّل عباس أخيرًا، لجنة من اللجنة المركزية لحركة فتح ضمت كلًا من نائب رئيس الحركة محمود العالول، وروحي فتوح، وجبريل الرجوب للوقوف على المشكلة وحلها، علما بأنها نفس اللجنة التي تم تشكيلها قبل فصل اللجنة المركزية لحركة فتح، القيادي الفتحاوي ناصر القدوة.

وظهرت الخلافات بعد تسريب تسجيل صوتي منسوب للطيراوي يتهم به الشيخ بالتورط في"قضايا تحرش" وأن عباس يتغاضى عن ذلك، ولم يمر وقتٌ طويل حتى أعلن الطيراوي أنه جرى سحب طاقم الحراسة الخاصة به، وإقالته من منصب رئيس جامعة الاستقلال وهو آخر المناصب التي كان يشغلها الرجل.

ويشير الناشط السياسي زياد عمرو، إلى أن صراع الوراثة بدأ منذ وقتٍ بعيد، ولكنه كان مخفيًا في السابق تحت الرماد، والخلاف بين الطيراوي والشيخ لم يكن الأول، بل سبقه الخلاف مع القياديين محمد دحلان، وناصر القدوة، لكن الصراع لم يعد يقتصر على وراثة عباس، بل هناك صراع على النهج، فالكثير من شرفاء فتح يلاحظون أن حركتهم لا تسير بالبوصلة الوطنية، وأنها بدأت تنحرف وبدأوا يطلقون التصريحات.

يقول عمرو، لصحيفة "فلسطين": إن "الطيراوي سار بتصريحات خارجة عن النمط التقليدي، فيتم الآن الإطاحة به وهذا نتيجة نهج الهيمنة داخل قيادة فتح، فبعض القيادات عبارة عن أباريق صورية ليس لهم تدخلا في صنع القرار بفتح".

ويشير الناشط السياسي إلى وجود ثلاثة تيارات قوية بفتح وهي تيارات غير متوافقة، الأول يجمع عضوي اللجنة المركزية لفتح جبريل الرجوب وتوفيق الطيراوي، يقابله تحالف مدير مخابرات السلطة ماجد فرج، ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ ومعهما رئيس حكومة رام الله الحالية محمد اشتية، إضافة إلى "التيار الإصلاحي" الذي يقوده محمد دحلان خصم عباس اللدود، وليس واضحا أين موقع القيادي المفصول الآخر من اللجنة المركزية ناصر القدوة، ولا حتى القيادي البارز الأسير مروان البرغوثي في أي تيار، والذي يحظى بشعبية كبيرة داخل فتح بأضعاف أقطاب التيارات السابقة.

لكن عمرو يعتقد أن المحاور متعددة وكثيرة ولا أحد يمكنه إحصاؤها، "فما حدث في نابلس من اغتيال المطارد إبراهيم النابلسي مسألة لها علاقة بالتنسيق الأمني، ولا يمكن فصله عن موضوع النقاش، فقبل أسبوعين تحدث نائب رئيس الحركة محمود العالول، بأن المقاومة هي الحل، لكن يتم التنسيق الأمني، أي أن تلك القيادة تعيش حالة ضياع، وأن أبناء فتح يجدون أنفسهم في منظمة حزبية لا تشبع حسهم الوطني".

ولا يستبعد عمرو أن "تكون هذه مؤشرات على تصفية الطيراوي جسديًّا لأنه يمسك بملفات كثيرة ولا يمكن تحديد الجهات المتضررة منها، لأنه يمسك بمفاتيح ملف اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات، وكان مسؤول المخابرات العامة آنذاك، بالتالي المؤشرات خطيرة من حيث احتدام الاشتباك والصدام بين قيادات فتح".

ويستدرك قائلًا: "لكن الأمر متعلق بمدى الملفات التي يمتلكها الآخرون عن الطيراوي، بالتالي ستصبح القضية فيها مساواة، ومن لديه قوة أكبر، سيضرب الآخرين بها".

النقطة الخطيرة، التي يتوقف عندها عمرو، هي أن "تصفية الحسابات تتعلق بمصالح شخصية، ولا يصفون الحسابات عندما تتعلق الأمور بمصير الشعب"، معتبرًا ذلك "أكبر عار بالمنظومة الحاكمة".

من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف، بأن "حرب الوراثة على خلافة عباس لم تبدأ اليوم بل منذ فترة غير قصيرة وأن اجتماع المجلس المركزي الأخير والنتائج التنظيمية التي تمخضت عنه كلها تأتي في هذا السياق".

يقول عساف لصحيفة "فلسطين": إن "أي حديث أو حوار داخلي على الصعيد الفلسطيني أو علاقة فلسطين بالإقليم كلها ترتبط بالحرب على خلافة محمود عباس، وجاءت التسريبات التي سربها الطيراوي أو أحد آخر في إطار التفاعل والاحتجاج على التعيينات الداخلية الأخيرة المتعلقة بالخلافة".

وبات من المؤكد بأن إعفاء الطيراوي من جامعة الاستقلال وإبعاده عنها يأتي كـ"عقوبة" له للتسريب أو لموقفه من تعيينات عباس الأخيرة والتي تقول بعض الأوساط إنها "وصلت إلى حد الاشتباك بالأيادي، وموقف الطيراوي وغيره من أعضاء اللجنة المركزية هو رفض هذه التعيينات لكنهم ينتظرون رحيل عباس لتتفجر الأزمة وتصفية الحسابات".

وبحسابات النفوذ، فإن "الشيخ ليس أقوى من الطيراوي داخل حركة فتح، ولكن قوة الشيخ تأتي من اعتماده على عباس والفريق المحيط به والدعم الإقليمي والدولي والأمني الذي يوفره له ذلك". وفق عساف

إلا أن عضو المجلس الثوري لفتح والمقرب من مروان البرغوثي جمال حويل، يؤكد عدم رضاه عن هذه الصراعات، مشددًا، أنه يجب إجراء انتخابات فلسطينية شاملة بما فيها انتخابات المجلس الوطني.

وقال حويل لصحيفة "فلسطين": "لدينا مرشح واحد وهو مروان البرغوثي لمنصب الرئيس، نحن ومجموعة بفتح نطالب بذلك، فلا زال عضوا باللجنة المركزية للحركة، ونأمل إيجاد إجماع على ترشيحه".

وأضاف: "يجب إعادة الاعتبار للمؤسسات بأن تأخذ دورها الحقيقي، وأن يقوم المؤتمر العام لفتح بدور حقيقي وألا تكون كل هذه المؤسسات مجرد مسميات، وأن يتم تغليب الحوار حسب نظام فتح الداخلي وليس بالتفرد بالقرار".