تتعرض الضفة الغربية لعدوان منظم ومتصاعد من قبل الاحتلال الإسرائيلي حيث يعمد الاحتلال إلى تفريغ ساحة الضفة من أي نشاط مقاوم، مستهدفا بدرجة أولى كل من تدور الشبهة حوله في الانخراط في أي عمل مناهض للاحتلال، سواء كان القاء الحجارة أو إطلاق النار أو حتى الاعتصامات والاعمال الشعبية، وامتد ذلك لاستهدافات مركزة تطال أنشطة مجالس طلبة الجامعات وغيرها من الفعاليات، ولست في معرض استعراض أسماء وأحداث بعينها؛ لان الاحتلال يمارس عدوانه على مدار الساعة، والأحداث متزاحمة وكل لحظة تكون هناك جريمة جديدة تجعل جماهير شعبنا في الضفة في حالة استنزاف دائم، وهذا ما يريده الاحتلال ويسعى لفرضه لأغراض أمنية وسياسية.
هو يستخدم شتى الطرق والوسائل لخدمة هذا الهدف من خلال:" اجتياح المناطق والتوغل في البلدات والمدن، والاعتقالات، والاغتيالات، واغلاق المداخل وتشديد الحصار، وتكثيف الحواجز، وغيرها من صور الجرائم والانتهاكات الخطيرة التي لا تتوقف في أي لحظة، لكن اللافت أن الاحتلال أخذ يتجرأ على التسلل والدخول للمناطق الفلسطينية تحديدا في الضفة من خلال السيارات المدنية لتنفيذ مهمات خاصة غالبا تفضي لاغتيال نشطاء وكوادر المقاومة، والكارثي في الامر أن هذه السيارات المدنية التي تنقل الفرق الخاصة من جنود الاحتلال تمر عبر النقاط والحواجز التي تشرف عليها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، دون أن يتم اكتشافها أو حتى اتخاذ التدابير اللازمة لمنع حالات التسلل لهذه القوات، والتي ارتكبت مؤخرا جرائم مروعة وقد وثقت الكاميرات مشاهد مختلفة في هذا الشأن والامر لم يعد سرا.
الأمر الذي عده الاحتلال تطورا مهما ولافتا ونجاح غير مسبوق في عملياته في المناطق الفلسطينية؛ لأنه يستطيع الوصول لمختلف الأهداف بكل سهولة دون أن يتم اكتشافه أو حتى عرقلة مهمته بأي صورة من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، والتي لم تتخذ في وقت سابق أو حتى حاليا أي اجراء لمواجهة الامر ومنع ارتكاب جرائم جديدة، وهذا ما يدفع للتساؤل حول جدوى وجود منظومة أمنية مسلحة متواجدة في كافة محافظات الضفة دون القيام بالدور الوطني المناط بها الا وهو حماية شعبنا الفلسطيني من أي تهديد؟!
واقع لا يتصوره عاقل أن تقف قوات الامن الفلسطيني التابعة للسلطة موقف المتفرج بينما تدخل قوات الاحتلال لتشن عشرات الاعتقالات وترتكب جرائم مروعة دون أن تحرك هذه المنظومة الأمنية ساكن وهذا ليس بالأمر المستغرب؛ لأنها صممت على (مقاسات غير وطنية) ولم يطلب منها في أي وقت فتح النار على قوات الاحتلال، وأكثر بل وأخطر من ذلك أن تساهم وبكل أسف في شن عشرات الاعتقالات في صفوف كوادر ونشطاء المقاومة وتصادر الأسلحة في تساوق وانسجام واضح مع الأهداف التي يسعى الى تحقيقها الاحتلال!، وكان من المفترض أن تقوم هذه الأجهزة بواجبها في دعم أي تحرك للمقاومة في الضفة وامداده بكل وسائل الدعم ان كانت هذه الأجهزة لا تملك القدرة أو الجرأة على فتح مواجهة مباشرة مع قوات الاحتلال.
لكن الواقع يكشف "معطيات مختلفة" لان السلطة في رام الله تفكر بطريقة لا ترتبط بأي منطلقات وطنية؛ بمعنى أنها تشعر بأن أي نشاط أو عمل مقاوم يشكل (خطر مباشر) على وجودها، لذلك تعمل جاهدة لتقويض أي قدرات للمقاومة في الضفة الغربية، والكارثي أن الاحتلال في كل مرة يكشف المستور ويفضح أجهزة السلطة بأن وراء عمليات الاعتقال والاغتيال تنسيق وتواصل مشترك مع أجهزة السلطة أدى بدوره لإنجاح هذه المهام بينما تلتزم السلطة الصمت في بعض الأحيان واحيان أخرى تحاول دفع هذه التهمة عن نفسها بالحديث بأن الاحتلال يسوق الأكاذيب ويحاول تشويه صورة السلطة وأجهزتها الأمنية.
لذلك فإن استمرار هذه الحالة في الضفة الغربية هي خطير كبير يجب تداركه والعمل وطنيا على وضع النقاط على الحروف تجاه سلوك هذه الأجهزة، ولا أقصد بذلك منازعتها بل العمل بكل السبل على تصحيح مسارها، حتى تصبح أجهزة داعمة للمقاومة وحامية لشعبنا، كما يجري في غزة، وهذا مرهون بتغير القيادة السياسية التي يمكن أن يتم فرزها من خلال انتخابات حرة ونزيهة من شأنها أن تعيد بناء جميع المؤسسات وفي مقدمتها المنظومة الأمنية في الضفة الغربية، حتى يشعر الاحتلال بأن الواقع تغير وأنه لا يمكنه الدخول للأراضي الفلسطينية دون أن يدفع الثمن، فمقاومة الاحتلال ليست مسؤولية كودار ونشطاء المقاومة وحدهم فحسب بل مسؤولية كل مكونات شعبنا وفي مقدمته هذه الأجهزة التي تاهت "وانحرفت عن جادة الصواب" وأصبحت تسير في الوجهة المعاكسة لإرادة شعبنا، وأنا هنا لا اتحدث عن مطلب وتوجه صعب بل عن خيار يجب أن يكون حاضرا عند أي استحقاق انتخابي والا ما الجدوى من أي انتخابات اذا لم تعيد ترتيب وبناء المؤسسات والأجهزة التي يمتلكها شعبنا؟!!