تمكنت كلمات وأشعار الشاعرة مريم قوش أن ترفرف متجاوزة كل الحدود والحواجز، لتحقق قصائدها إنجازًا دوليًّا سبقها إليه الشاعران الفلسطينيان الراحلان: محمود درويش، وفدوى طوقان، في ثمانينيات القرن الماضي، بحصاد جائزة البحر الأبيض المتوسط لدولية للشعر لعام 2022م.
وجائزة البحر الأبيض المتوسط الدولية للشعر تقام بروما في إيطاليا، وهي جائزة دولية شاركت في تنظيمها عشرون جامعة أوروبية وأمريكية، بمشاركة شعراء عالميين على اختلاف لغاتهم: العربية والإيطالية والفرنسية، واليونانية، والألبانية، من مختلف دول العالم.
تقول قوش (33 عامًا، من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة) لـ"فلسطين": "رشحني للمشاركة في المسابقة الشاعر المغربي محمد مقصيدي، فهي معنية بالأدب المتوسطي، وتعمل على تقديم أعمال الشعراء والأدباء للجمهور الأوروبي بلغات مختلفة، كالفرنسية، والإسبانية، والإيطالية وغيرها".
ومشاركة مريم في هذه المسابقة هي الأولى، وقد سبقها إلى الجائزة شعراء فلسطين العظماء كدرويش، وطوقان، وقدمت عدة نصوص متفرقة لأشعار كتبتها من ديوان "سبع عجاف".
وهذا الإنجاز لم يكن الأول للشاعرة مريم، ففي عام 2021 حصدت ثلاث جوائز: الأولى جائزة دولة فلسطين الدولية للآداب والفنون عن ديوان كما تشمي القطا، وجائزة فلسطين الدولية عن ديوان رسائل إلى البرتقالي، وفي 2019 نالت جائزة جابوتش للأدب العالمي التي تنظمها وزارة الثقافة اليابانية والمصرية، وترجمت قصائدها إلى اللغة اليابانية، أيضًا حصلت على العديد من الجوائز المحلية.
ولدى سؤالها عما يعني لها الفوز بهذه الجائزة الدولية تجيب: "هذه الجائزة قيمتها الفنية والأدبية كبيرة لأنها على مستوى دولي، وسبقني إليها شعراء كبار، ما يفتح لي أفق أن أكون في ركب العظماء".
وتذكر مريم أن حفل تسليم الجوائز وتكريم الفائزين سيقام في الخامس من أيلول (سبتمبر) القادم، في روما، وستقدم كلمة فيه.
وفي قصيدتها الفائزة "إياب" تقول مريم:
آب اليمامُ إليّ في فمه ارتعاشٌ
في بساتين الجناح إيابْ
أسكنته في صدر أغنيتي، فصار
القلبُ ديرًا للنسيم، وأضلع الآفاق غابْ!
موهبة فطرية
ملامح الموهبة الفطرية التي تمتلكها الشاعرة مريم ظهرت في سن مبكرة، ففي الـ12 من عمرها كتبت تجارب نثرية بسيطة، وفي عام 2005 بمرحلة الثانوية العامة بدأت في تدوين الشعر الموزون، قائلة: "تحتاج في لحظة معينة أن تخرج الموهبة المغمورة بداخلك إلى شيء واقعي، وهذا ما كان بأشعاري".
وعن مشاركة الشعراء الفلسطينيين في مسابقات دولية، وتحقيقهم مراكز أولى؛ تبين أن تمثيلهم فلسطين يجعل صوتها حاضرًا، وأن القضية الفلسطينية موجودة ولم تنتهِ، والمسابقات تقدم المبدع للجمهور ورؤيته للحياة.
ومن وحي قصديتها "الطوفان" تقول الشاعرة مريم:
عجوزْ
مدتْ أصابعها العجاف إلى السماءْ
فارتجَ عطرٌ ثم فيضٌ
من لهيبْ
وتسلق الطوفان أذرع حلمها
بجدائلٍ كانت تمد الأرض حبة حنطةٍ
وسلالها عشتارُ تملأها نماءْ
ومسابقة البحر المتوسط للأدب ضمت ثلاث فئات: الرواية، والقصة القصيرة، والشعر، واشترك فيها الأدباء من جميع دول المتوسط على اختلاف لغاتهم، إذ ترجمت النصوص الفائزة إلى لغات عدة.
وتؤكد مريم أن الكتابة بغزة أصعب من الكتابة في أي بلد آخر، فهي لها وضع خاص من النواحي: الثقافية، والسياسية، والاقتصادية، والنفسية، فالغزيون يكتبون والصواريخ تحاصرهم من كل جانب.
وتختم حديثها: "نكتب ونحن نموت لتبقى للأجيال القادمة، وتكون شاهدة على أن هنا أناسًا وأجيالًا أرادت أن تنتصر، فالنص الفلسطيني لا يتكرر لأنه يلخص قصة إنسانية لا تتكرر".