فلسطين أون لاين

"سعاد حسونة" تنتشل حلمها من بين ركام منزلها المدمر

...
سعاد حسونة - أرشيف
غزة- رفح/ نور الدين صالح:

الساعة التاسعة مساء يوم السبت (ثاني أيام العدوان الإسرائيلي)، العائلة كانت مُجتمعة على مأدبة العشاء، تتناول الطعام ويتحدث أفرادها عن مُجريات التصعيد والمجازر الإسرائيلية التي يعيشها أهالي قطاع غزة، ثم انتهت "سُعاد حسونة" (18 عامًا) من تناول الطعام، وذهبت برفقة "ابنة عمتها" إلى غرفتها، لتأخذ قسطًا من الراحة.

فجأة وبدون سابق إنذار عدة صواريخ إسرائيلية متلاحقة تداهم المنزل الملاصق لعائلة حسونة في حي الشعوت بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، فتطايرت الحجارة وتهاوى سقف منزلهم الصغير المتهالك الذي لم يتجاوز مساحته الـ 60 مترًا، ففرّقت "لمّة العائلة".

أفراد العائلة أصبحوا "تحت أنقاض المنزل"، أما سعاد (18 عامًا) فانهال عليها "زينقو" البيت وارتطم برأسها مباشرة، ما أدى إلى إصابتها بجروح متوسطة طالت مختلف أنحاء جسدها، أخذت تحاول إزالة الحجارة التي تساقطت على جسدها، وراحت تهرب برفقة ابنة عمتها خارج المنزل الذي اختفت معالمه وأصبح أشبه بـ"كومة حجارة"، هكذا رسمت سُعاد المشهد لمراسل صحيفة "فلسطين".

وصلت طواقم الإنقاذ إلى المكان، ونُقلت "سعاد" وأفراد عائلتها واحدًا تلو الآخر إلى المستشفى الأوروبي، لكنّ سعاد لم تعد تعي ما هي تفاصيل إصابة كل واحد منهم، من بينهم شقيقها "محمد" الذي ارتقى شهيدًا، وعلمت بذلك في اليوم التالي.

كانت ليلة قاسية مرّت على حي الشعوت وعائلة حسونة، فالقلق سيطر على "سعاد" وبقية أفرادها فتقول: "ليلة صعبة جدًّا حيث أمضينا وقتنا ونحن ندعو الله أن يشفي والدي إياد وشقيقي محمد الذي لم نكن نعلم خبر استشهاده بعد".

دفن الحُلم 

ما بين الألم والأمل، أراد الاحتلال أن يدفن أحلام "سُعاد" التي احتفلت بتفوقها في الثانوية العامة "التوجيهي" قبل أسبوعين تقريبًا وحصولها على معدل 94% من الفرع العلمي، بأن تلتحق بالجامعة وتدرس تخصص "طب الأسنان".

"كنت أحلم أن أصبح طبيبة أسنان، ولن أتوقف عن ذلك الحلم، بل إنّ ما جرى معنا زادني إصرارًا بأن أقف إلى جانب أهلي وأساعدهم أكثر في ظل هذه الظروف الصعبة وأُعوّضهم عن هذه الأحزان"، تتحدث سعاد بنبرة يرافقها الإصرار والتحدي.

ثم تواصل ذلك الإصرار عبر حديثها "رغم أنه استُشهد شقيقي وأُصيب والدي وبيتنا راح وكل شيء انهدم من أحلام، لكنّ الأمل لا ينقطع، بل نعاند الحياة من خلال إصراري على تحقيق حلمي، وأُصبح طبية أسنان".

وأرادت سعاد أن توصل رسالة قوّة وفخر "نحن هنا متواجدون على أرض الرباط غزة، فإذا كنا شهداء سنكون في الجنة بلا عذاب، وإذا فقدنا عزيزًا علينا فقد كُتب لنا الفخر في الدنيا، ومهما حصل معنا من أحداث فهذه كرامة لنا".

وختمت حديثها "يريد الاحتلال أن يسرق أحلامنا عبر تدمير بيوتنا، لكن لن يتحقق ذلك، فغزة لديها الإصرار والعزيمة التي تجعلنا مُصرّين على تحقيق أحلامنا وأهدافنا".

وكان الطيران الحربي الإسرائيلي شنّ غارة جوية مدمرة على مخيم الشعوت وسط رفح، مساء السبت الماضي، ما أسفر عن استشهاد 8 فلسطينيين وإصابة العشرات بجراح وتدمير 12 منزلًا على الأقل.  

وانتشل مسعفون ورجال من الدفاع المدني عشرات الناجين من بينهم أطفال ونساء ومسنّون.