قائمة الموقع

20 عامًا فصلت بينهما.. يوسف شهيدًا على درب أبيه

2022-08-10T08:21:00+03:00
الشهيد الشاب يوسف قدوم

السيناريو ذاته تكرر في منزل عائلة قدوم بفارق 22 عاماً، كانت كفيلة بأنْ يكبر الابن يوسف ويلتحق بدرب والده في المقاومة مقارعًا الاحتلال، ثم يلحق به شهيداً في إثر قصف غادر للاحتلال استهدفه على باب المسجد المجاور لمنزله.

فسليمان قدوم استشهد في عام 2002م خلال مشاركته في عملية نفذتها كتائب شهداء الأقصى وكتائب المقاومة الوطنية التابعة للجبهة الديمقراطية، حيث اقتحم هو ومجموعة من المقاتلين المسلحين ببنادق كلاشينكوف وقنابل يدوية مستوطنة "نتساريم" -سابقا- جنوب مدينة غزة، في محاولة لاختطاف جندي إسرائيلي، فاستشهدوا جميعاً، تاركاً وراءه أربعة من الأبناء بينهم الطفل يوسف.

جاهدت والدة يوسف بعونٍ من أعمامه لتربيته وأشقائه خير تربية فكان لها ما أرادت، فيوسف منذ نعومة أظفاره من رواد المساجد، عرف بخلقه الحسن وسيرة طيبة الذكر، وكلما كبر كان يزداد فخراً واعتزازاً بوالده الشهيد، وإصراراً على السير على نهجه، كما تبين عمته تهاني قدوم لـ"فلسطين".

وبالإضافة لوالده كان المثال الحي لـ"يوسف"، عمه الشهيد مؤمن الذي كان مقاربا له في السن، فكان يوسف رفيقه في كل أعماله الجهادية، يستقي منه حب المقاومة والوطن، ويسير على خطاه في كل ما يفعله، فكان استشهاده علامة فارقة في حياته إذ صمم أكثر على السير في طريق المقاومة.

يشار إلى أن الشهيد مؤمن قدوم استشهد في الثالث عشر من شهر نوفمبر لعام 2019م، في إثر قصف إسرائيلي غادر خلال معركة "صيحة الفجر"، التي خاضتها "سرايا القدس" رداً على اغتيال الشهيد القائد بهاء أبو العطا.

في كنف هذه العائلة المجاهدة نشأ يوسف (24 عاماً) لم يوقفه ارتقاء أبيه وعمه شهداء، بل استمر في العمل المقاوم ليترك قلوب عائلته خاصة أمه وشقيقاته وعماته في حالة من الترقب والقلق كلما حدث تصعيد إسرائيلي في غزة خشية ألا يعود، لكن طريقة استشهاده مثلت صدمة بالنسبة لهم إذ ارتقى في إثر قصف إسرائيلي مفاجئ وهو على باب المسجد لصلاة العصر في الخامس من الشهر الجاري.

القصف الإسرائيلي الغادر أودى أيضاً بحياة طفلة من العائلة هي آلاء عبد الله قدوم فيما أرقد أباها وشقيقها في العناية المركزة حتى اللحظة، "لقد كان حادثاً مفجعاً بالنسبة للعائلة ولا نزال في آثار الصدمة حتى اللحظة خاصة والدة يوسف"، تقول تهاني.

وتشير إلى أن والدة يوسف حبست نفسها لتربيته وأشقائه رغم استشهاد زوجها وهي صغيرة السن، "ربتهم أرملة شقيقي أفضل تربية، ورغم مساعدتنا لها جميعاً كأعمام وعمات إلا أنها تحملت المشقة الأكبر، كانت تنتظر يوماً بيوم أن يكبروا ليكونوا سنداً لها في الحياة لكن قدر الله أن يلحق يوسف بأبيه، وهي الآن في حالة يرثى لها".

أمر مستحيل

كان تأثير الشهيد مؤمن على يوسف كبيراً فقد كان ملازماً له كظله وأرواحهم معلقة ببعضهم البعض، ما جعل من إمكانية أن ينهج طريقًا غير طريق عمه أمراً مستحيلاً.

تقول عمته تهاني: "كان يوسف شديد الفخر بأبيه وعمه ولم يقبل بأنْ يكون أقل منهم بشيء (...) لم يغضب أحد منا أبداً، حنوناً طيباً، واصلاً للرحم، كنتُ صديقة له بحكم تقاربنا في السن، قبل يومين فقط من استشهاده كنا نلعب كرة القدم معاً في منزلهم".

وتشير إلى أن يوسف وأشقاءه نشؤوا على مرأى عينيها بحكم قرب بيتها من بيتهم، "لا يفصل بين بيتيْنا سوى شباك واحد، حتى إن أطفالي كانوا متعلقين كثيراً بـ"يوسف" الذي كان كثير التردد على بيتنا".

كانت العائلة تخطط لتزويج يوسف قريباً بعد أن انتهت من تزويج شقيقه الأكبر منذ خمسة أشهر، "لكن عزاءنا بأننا نفذنا وصية والده الشهيد وربيناه أفضل تربية جعلته أهلاً للاصطفاء شهيداً، ونسأل الله أن نلتقي به في أعالي الجنان".

والشهيد يوسف لاعب كاراتيه معروف في نادي الزيتون، وقد نعاه المجلس الأعلى للشباب والرياضة، وعدّ استشهاده استمراراً لسلسلة الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الرياضيين الفلسطينيين.

اخبار ذات صلة