فلسطين أون لاين

بعد عام ونصف العام من بناء بيتها

تقرير كابوس "الهدم" يوقظ عائلة "أبو السعود" من نومها

...
كابوس "الهدم" يوقظ عائلة "أبو السعود" من نومها
غزة-نابلس/ هدى الدلو:

اعتاد أفراد عائلة محمد أبو السعود أن يكون الليل سبيلًا للسكينة ومبادلة الحديث عما دار في يومهم وما يخططون له في قادم الأيام، ولكن فجر الفاتح من أغسطس/ آب بدا كابوسا لم يستيقظوا منه بعد، بعدما أقدم الاحتلال على هدم المنزل بلمح البصر، لتصبح العائلة المكونة من ثمانية أفراد بلا مأوى يقيهم لهيب الصيف الحارق.

في تمام الساعة الرابعة فجرًا أيقظت "أسماء" زوجها "محمد" تخبره أن ثمة ضجيجا في الخارج لا تعرف سببه، ولكنه أذهب النوم من عينيها. نهض من فراشه ليطمئن قلبه ويعرف مصدر الصوت، ليُصدم بأن قوات عسكرية للاحتلال الإسرائيلي وترافقها جرافة تقف على باب بيته لتنفيذ قرار هدم فوري للبيت الذي لم يمر على بنائه والسكن فيه سوى عام ونصف العام.

يقول أبو السعود من بلدة سبسطية شمال غرب نابلس لصحيفة "فلسطين": "في ساعة مبكرة والناس نيام اقتحمت القوات الإسرائيلية البلدة وحاصرات المنزل، وأجبرتني وأبنائي على الخروج منه فورًا. حاولت معهم إمهالنا بعض الوقت للسماح لنا بإخراج بعض الاحتياجات والأثاث ولكنهم رفضوا".

رفضوا إمهالهم أي مدة، ولم يسمحوا لهم سوى بعشرين دقيقة للخروج، "فماذا يمكنني أن أفعل في هذا الوقت الضيق؟"، لم يكن بوسعنا سوى إخراج بعض الأوراق الثبوتية وفرشات النوم وأغطية فقط، ثم شرعت تلك القوات بتكسير النوافذ والأبواب".

استيقظ الأطفال فزعين مما يدور حولهم، كانت نظراتهم تحاول فهم ما يحدث، خاصة أن أكبرهم لا يتجاوز عمره اثني عشر عامًا وأصغرهم لم يتجاوز الخمسين يومًا، خرجوا بملابس النوم، لم يسمحوا لهم بتبديل ملابسهم.

يضيف أبو السعود: "لا أجد تفسيرًا لما يحدث سوى أن الاحتلال يعمل وفق مخطط واضح بهدف فرض سيطرته على البلدة لكونها قريبة من مواقع أثرية، كما أنه لم يخطرنا بهدم البيت".

ويشير إلى أن سلطات الاحتلال لاحقته في أثناء تشييد المنزل وأخطرته بوقف البناء حتى الانتهاء من الترخيص، "بعدما قدمت للمحكمة جميع الأوراق والمخططات التي طلبتها ودفعت الرسوم للبناء، ولكن لا فائدة".

أسماء وقفت بجانب زوجها تحاول مع الجنود والضابط الإسرائيلي إمهالهم بعض الوقت ولكنهم لم ينطقوا بأي كلمة، تسألهم إذا كان بإمكانهم تحدث العربية فلا تسمع سوى نظرات بليدة.

تقول أسماء بغصة في حلقها: "لم يعطونا فرصة للتفاوض، بلمح البصر راح البيت، لم يرسلوا لنا أي إخطار لهدم المنزل طيلة عام ونصف العام من سكنه، لم نتغاضَ عن إرسال أي أوراق للمحكمة حتى لا أعيش هذا الموقف الصعب".

وتتابع حديثها: "سنوات من العمل والشقاء حتى تمكنا من بناء البيت، والله يعلم كمية الديون التي تراكمت علينا، حنموت واحنا بنسد.. النا الله، فالعوض بوجه الله الكريم".

أما ابنها البكر "أمير" فقد حرق قلبها وهو يبكي لحظة هدم البيت، فكان يحلم بأن يكون له بيت يضم غرفته الخاصة وسريره، ولكن بغمضة عين هدم الاحتلال حلمه، مضيفة: "المشكلة لم أستطع تهدئة طفلي، فقد كنت بحاجة لمن يهدئني".

وتستكمل حديثها بصوت باكٍ: "إنه الاحتلال، فالأمر ليس بجديد عليه، يستكثر على الفلسطينيين العيش بسلام وأمان وتكوين أسرة، فلا يفهم إلا سياسة الهدم والتشريد والقتل، ولكن سنحاول استرجاع الأرض والبناء من جديد، لن نستسلم".

وتمنع السلطات الإسرائيلية الجانب الفلسطيني من ترميم وتأهيل الموقع الأثري الواقع في القسم المصنف بالمنطقة (ج) التي يقع بها أهم المواقع الأثرية وهي ساحة البازيليكا، والقصر الملكي، والبرج الهيلينستي، ومعبد أغسطس، والمسرح، وشارع الأعمدة، والملعب. ويشبه مسرح سبسطية إلى حد كبير مسرح مدينة جرش الأردنية.

ويقع في المنطقة المصنفة (ب) عدد من المواقع الأثرية أهمها المقبرة الرومانية، وضريح النبي يحيى ومسجده، وكاتدرائية يوحنا المعمدان، وقصر الكايد.

ويعود تاريخ الموقع الأثري في سبسطية إلى العصر البرونزي (3200 قبل الميلاد)، وخضعت المدينة لحكم الآشوريين ثم الفارسيين ومن ثم الرومانيين، وحكمها الملك هيرود عام ثلاثين قبل الميلاد، وهو من أطلق عليها اسم "سبسطي" أي "المبجلة" وأغلبية المباني الحاضرة تعود لعهده.

 

المصدر / فلسطين أون لاين