المقاومة دائمًا هي المعيار الحقيقي والخيار الإستراتيجي لهذه الأمة، والأدلة كثيرة وملموسة على أرض الواقع، والخصم لا يعرف إلا لغة القوة وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
شكلت المقاومة إحدى أهم بوارق الأمل في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، وسجلت حالة صعود مستمرة. بالمقابل سجل الموقف الرسمي العربي تراجعات واضحة ما بعد حرب أكتوبر/ تشرين عام 1973م، ووصل الأمر إلى حالة التباس في المفاهيم، وهذا يُمثِّل تجاوزًا لتضحيات المناضلين العرب التي قدمت طوال التاريخ وإساءة لهذا النضال العربي، إلا أن هذا الخلل في الذاكرة الرسمية لم تستطِع ولوج الذاكرة الجماهيرية التي حافظت على حالتها النضالية، ورغم كل تلك الاختلالات في المشهد العربي، إلا أن المقاومة والحالة الشعبية العربية ما زالت تقدم نماذج مشرفة حتى اليوم.
المقاومة دائمًا هي المعيار الحقيقي والخيار الإستراتيجي لهذه الأمة، والأدلة كثيرة وملموسة على أرض الواقع، والخصم لا يعرف إلا لغة القوة وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، فمنذ عام 2000م وحتى اليوم لم يكسب الاحتلال أي انتصار واقعي على الأرض، بل كسبت المقاومة كل الجولات بدءًا من معارك انتفاضة الأقصى التي لم يحقق فيها كيان الاحتلال الإسرائيلي شيئًا يذكر من مجموع أهدافه، بل خرجت المقاومة بأقوى مما كانت عليه، واتضح ذلك جليًّا في جولات الصراع اللاحقة، فكانت حرب يوليو-تموز في لبنان خير دليل على تقهقر الاحتلال، وكانت حرب 2008ـ2009م أيضًا نموذجًا مشرفًا على تقدم المقاومة فلم يتمكن العدو من استعادة الجندي الأسير شاليط، وتكرر الصراع في عام 2014م. وآخر تلك المعارك كانت سيف القدس التي سجلت للتاريخ أن جغرافية فلسطين المحتلة تحت مرمى صواريخ المقاومة، وفرضت معادلة جديدة للصراع مع العدو، كما شكلت المقاومة اللبنانية صداعًا مزمنًا لكيان الاحتلال، وآخر تلك المشاهد التهديدات التي أطلقها حسن نصر الله باعتبار غاز شرق المتوسط خطًّا أحمر وإن لم يستفِد لبنان من حقل كاريش لن يحصل عليه الآخرون. فكانت جولة للطائرات المسيرة وجهت رسالة بليغة للعالم تبعها مشاهد بثت من موقع الحقل ثم التهديد للسفن العاملة في موقع الحقل المتنازع عليه، ولا شك هذه اللغة هي الوحيدة التي يفهمها الكيان المحتل.
اليوم تفرض المقاومة قواعد جديدة في الصراع العربي الصهيوني وهي تعمل بمعارك مستقلة كل على حدة ضد أعدائها، وتسجل انتصارات ملموسة، وقد آن الأوان أن تتحد قوى المقاومة جميعًا في فلسطين ولبنان لأي مواجهة قادمة مع العدو لاستعادة الحقوق العربية، كما ينبغي للعرب توظيف المقاومة ورقةً رابحة في الصراع ودعمها قبل فوات الأوان، فهي المستقبل المشرف لهذه الأمة.