فلسطين أون لاين

تقرير "ياسمين النجار".. كفيفة تحرز هدفًا في مرمى التفوق

...
الطالبة ياسمين النجار- تصوير/ محمود أبو حصيرة
غزة/ هدى الدلو:

صمت ساد المكان عدا أصوات الأنفاس، واهتزازات للأقدام تضرب في الأرض يُدوّي صداها في أذن الطالبة الكفيفة ياسمين النجار. تجمعت حولها عائلتها وأقاربها، الكل ينتظر وصول رسالة إلى الهاتف المحمول ليزف البشرى لياسمين ويدخل الفرحة إلى قلبها، أما هي فكانت تتمنى أن تكون أول من يقرأ نتيجتها وتخبر بها والديها، لتعلو الأصوات مع بعضها 90.8% في الفرع الأدبي.

الطالبة ياسمين من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، فقدت بصرها في الثالثة من عمرها بسبب خطأ طبي حرمها ممارسة حياتها الطبيعية، لتجلس بالقرب من الأطفال وهم يلعبون وتستمع لأصوات ضحكاتهم وتتمنى لو أنها معهم، حتى استطاعت التأقلم مع وضعها.

فقدت ياسمين بصرها لكنها استطاعت ببصيرتها ممارسة حياتها والالتحاق بمدارس خاصة بالمكفوفين توفر التعليم الأساسي لها ولأقرانها، في حين كان الانتقال للمرحلة الثانوية تحديًا، إذ تعيَّن عليها الانخراط في مدرسة عامة، "الأمر لم يكن سهلًا، حاولت بإرادتي وكامل طاقتي تجاوز تلك المرحلة الصعبة".

بعد يوم دوام مدرسي طويل كانت ياسمين تعود إلى البيت لتعيد تلخيص كل ما تمّ شرحه وكتابته على السبورة، موضحة أنّ أصعب ما واجهته أنها اعتادت في المدارس الخاصة تبسيط المعلومة وتوصيلها لهم بسهولة، ولكن في "الثانوية" أدركت اعتماد المعلمات على السبورة كثيرًا لتشعر نفسها تائهة خلال الحصة الدراسية.

وتمضي إلى القول: "كنت أتابع يوميًّا ما تكتبه زميلاتي وكان عليّ اصطحاب دفتر إحداهن لأعيد تلخيص ما تم شرحه بمساعدة أحد أفراد عائلتي لأقوم بكتابته عبر آلة برايل المهترئة، التي كانت تسرق مني أضعاف الوقت".

وتضيف: كنت قد استأذنت مديرة المدرسة لأصحبها معي إلى المدرسة؛ لأوفّر على نفسي بعض الوقت لكنها عارضت خشية تشتيت الطالبات بسبب صوت الآلة، إلى جانب مشكلة المواصلات، وعدم الاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة بالشكل المطلوب".

ورغم ذلك سعت ياسمين لاتّباع قواعد أسرار النجاح والتفوق بتنظيم وقتها والمتابعة الدائمة والاجتهاد والمثابرة.

أما عن حصادها للامتياز في الثانوية العامة بالنظر للمعوقات التي اعترضت طريقها، فتُعلّق بالقول: "منذ بداية العام الدراسي وضعت لنفسي هدفًا بالحصول على معدل امتياز، ولكنّ الصعوبات التي مررت بها جعلتني أفقد الأمل في تحصيل معدل في التسعين".

وتردف: "كنت أتوقع الحصول على معدل في الـ80% وما حصلت عليه هو مفاجأة بالنسبة لي، فالحمد لله".

وتضيف: "لم تكن الإعاقة يومًا سببًا للفشل طالما وضع الشخص نصب عينيه هدفًا، فأنا على يقين أنّ لكل مجتهدٍ نصيبًا".

وتريد ياسمين الالتحاق بتخصص الدراسات الإسلامية، فمادة التربية الإسلامية كانت من أفضل المباحث الدراسية التي تجد متعة في مذاكرتها، ولتمكنها من الاستفادة منها في حياتها.

ويتحدث والدها بأنّ ياسمين "صاحبة إرادة قوية، مكافحة لأجل الوصول إلى حلمها. كانت بعد عودتها من الدوام المدرسي تستثمر وقتها في إعادة تلخيص ما كتبته زميلاتها في الفصل عبر الحاسوب الآلي، فقد حقّقت تفوقها بجدارة لتحقيق حلمها بالدراسة الجامعية".

وتهدي ياسمين تفوقها إلى أهلها وصديقاتها وللأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وتُوجّه رسالة إلى طلاب مرحلة الثانوية العامة المُقبلين بالاجتهاد ومواجهة الصعوبات حتى تحقيق حلمكم.