صوت الزغاريد التي صدحت في بيت الطالبة المتفوقة نغم النجار في حي تل الهوى جنوبي مدينة غزة، كان صداه يتردد في الشوارع القريبة منه، اختلطت بأغاني النجاح والتفوق التي كانت تنطلق من مكبرات الصوت، ومعها القلوب تتراقص من شدة الفرحة.
بمجرد دخولك لبيتها تستقبلك والدتها بالبقلاوة، وما إن تلبث حتى تُتبعها بحبات من الشوكولاتة وكوب من القهوة السادة، وبحفاوة تخبرك أنها وأخيرًا حملت لقب والدة الأولى على فرع ريادة الأعمال على مستوى فلسطين بمعدل 99.1%، من مديرية غرب غزة.
لم تكن نغم تتوقع أن تسمع اسمها في مؤتمر إعلان نتائج الثانوية العامة، جلست تنتظر بفارغ الصبر أن ينتهي حتى تصلها النتيجة على هاتفها المحمول، وإذ باسمها يعلو قائمة أوائل الوطن، لم تصدق أذناها ما سمعتا حتى انهمرت دموع الفرح.
طالما كانت نغم من المتفوقات في المراحل الدراسية السابقة، درست في الفرع العلمي في الصف الحادي عشر، ولكنها قررت فجأة التغيير، ودراسة فرع ريادة الأعمال، كان الأمر مستغربًا لوالديها، لأنها حققت تفوقًا كبيرًا فيه.
تقول نغم لـ"فلسطين": "لم أكن راضية عن دراستي في الفرع العلمي، لذا قررت دراسة ريادة الأعمال لأنني وجدت فيها شغفي بدراسة مواد دراسية قريبة إلى الواقع، وكنت على يقين تام أنني سأحقق بها مركزًا متقدمًا لن أستطيع تحقيقه لو كنت في الفرع العلمي".
وتضيف نغم: "منذ بداية العام قررت أن تكون الثانوية العامة كأي سنة دراسية حتى لا أحمّل نفسي ما لا تطيق، حيث كنت أتابع دروسي ومراجعاتي أولًا بأول، مع تنظيم وقتي والتزام الجدول الذي أضعه لنفسي حتى أصل إلى ما أصبو إليه".
وتتابع: "الإرادة والإصرار على النجاح هما من أوصلاني إلى هذا التفوق، وبتشجيع الوالدين المعنوي لي، فكلما شعرت بالملل والتعب طلبت منهما مرافقتهما في نزهة لكي أبتعد عن جو الدراسة".
وتتطلع نغم إلى دراسة المحاسبة لأنها مولعة بالرياضيات والمسائل الحسابية، وستتمكن من تحقيق مستقبل باهر فيها، بأن تكون استشارية محاسبة.
وقد مرت نغم بظروف عائلية صعبة، ولكنها لم تفتر من عزيمتها، بل اتخذتها تحديًا لتحقيق حلمها وحلم والديها بالتفوق ونيل المراتب الأولى في الثانوية العامة، لتنسيهما تبعات الظروف الصعبة التي ما يزالون يمرون بها.
وتنصح نغم الطلبة المقبلين على الثانوية العامة بتنظيم وقتهم، وتركيز مراجعاتهم في آخر شهرين قبل الامتحانات والدراسة بشكل مكثف.
وتهدي تفوقها إلى والديها، ومدرستها، ومعلماتها ولكل شخص لم يدخر جهدا في منحها علمًا، ومعلومة كانت سببًا في نيلها المركز الأول.
وتصف والدة نغم اللحظات الأولى لسماع اسم ابنتها يتردد بأنها الأولى على فرع ريادة الأعمال، بأنها "لا توصف"، قائلة: "كاد قلبي يتوقف من الصدمة، حيث خالفت توقعاتي، فنغم لم تكن تعطيني وعدًا بأنها ستكون من أوائل الوطن، بل تكتفي بأنها ستحصل على معدل امتياز".
وتردف: "كلما قلت لها يا نغم ستكونين من الأوائل، كانت تصر أن الأمر سيكون مستحيلًا، على الرغم من أنني كنت أرى حجم ومقدار الجهد الذي تبذله في الدراسة، ومراجعة الدروس أولًا بأول، وعدم تضييع وقتها".