عصرنا الحديث يعج بتدفق المعلومات وسهولة الوصول إلى عوامل التشتيت المتمثلة في أشكال التكنولوجيا المنتشرة
إذا كنت تقضي الكثير من الوقت على هاتفك الذكي، فربما يكون من المهم أن تعلم أن نتائج دراسة علمية جديدة أظهرت أنه ربما يكون من الممتع حقًا ترك جهازك جانباً و"دع عقلك يحلق في آفاق واسعة".
وفقا لما نشرته "ديلي ميل" Daily Mail نقلًا عن دورية Experimental Psychology، قام المشاركون المتطوعون في الدراسة بالجلوس في غرفة خالية من أي عناصر تتسبب في تشتيت الانتباه، مثل الهاتف الذكي، لمدة تصل إلى 20 دقيقة.
مشتتات الانتباه
ومن خلال عدة سيناريوهات مختلفة، استمتع المشاركون بالجلوس والتفكير دون أي شيء يشتت انتباههم. ويقول الباحثون إن النتائج مهمة في عصرنا الحديث الذي يشهد "زيادة تدفق المعلومات" والوصول المستمر إلى عوامل التشتيت، من خلال أشكال التكنولوجيا المتعددة والمتنوعة المنتشرة.
أجرى الدراسة خبراء في مؤسسات يابانية، بالتعاون مع "جامعة ريدينغ" البريطانية. وقالت آيا هاتانو، الباحثة الرئيسية في الدراسة والحاصلة على درجة الدكتوراه من "جامعة كيوتو" في اليابان: "يتمتع البشر بقدرة مذهلة على الانغماس في تفكيرهم". وتشير نتائج الدراسة إلى أن الأفراد يجدون صعوبة في تقدير مدى جاذبية التفكير، بما يمكن أن يفسر سبب تفضيل البعض للبقاء مشغولين بالأجهزة والمشتتات الأخرى، بدلاً من قضاء لحظة للتفكير والخيال في الحياة اليومية.
سلسلة من 6 تجارب
أجرى الباحثون سلسلة من ست تجارب مع ما مجموعه 259 مشاركًا، جميعهم طلاب جامعيون من اليابان أو المملكة المتحدة، حيث تم مقارنة توقعاتهم لأي مدى سيستمتعون بالجلوس والتفكير ببساطة مع تجربتهم الفعلية في القيام بذلك.
وفي التجربة الأولى، طلب الباحثون من المشاركين توقع مدى استمتاعهم بالجلوس بمفردهم مع أفكارهم لمدة 20 دقيقة. لم يُسمح للمشاركين بفعل أي شيء يشتت الانتباه مثل القراءة أو التجول أو النظر إلى الهاتف الذكي أو الحصول على غفوة سريعة.
غير مُتوقع بشكل ملحوظ
بعدئذ، أبلغ المشاركون عن مدى استمتاعهم بعدم القيام بأي شيء، بخلاف مجرد الجلوس على كرسيهم. واكتشف الباحثون أن المشاركين استمتعوا بقضاء الوقت مع أفكارهم بشكل ملحوظ أكثر مما توقعوا.
وتطابقت النتائج عبر السيناريوهات المختلفة في التجربة، سواء جلس المشاركون في غرفة اجتماعات خالية من أنواع التشتيت أو داخل خيمة صغيرة مظلمة بدون تحفيز بصري، وسواء كانوا جالسين لمدة ثلاث دقائق أو 20 دقيقة.
مهمة ممتعة
وفي تجربة أخرى، قارن الباحثون توقعات مجموعة واحدة من المشاركين حول مدى استمتاعهم بالتفكير مع توقعات مجموعة أخرى حول مدى استمتاعهم بمراجعة الأخبار على الإنترنت.
توقعت مجموعة التفكير أن تستمتع بالمهمة أقل بكثير من مجموعة التحقق من الأخبار. ولكن بعد خوض التجربة، أبلغت المجموعتان عن مستويات متعة مماثلة.
شدد الباحثون على أن المشاركين لم يصنفوا التفكير على أنه مهمة ممتعة للغاية، ولكن ببساطة أكثر إمتاعًا مما كانوا يعتقدون. في المتوسط، كان مستوى متعة المشاركين حوالي 3 إلى 4 على مقياس مكون من 7 نقاط.
التفاعل الإيجابي
قال الباحث المشارك في الدراسة دكتور كو موراياما بـ"جامعة ريدينغ": "في الحافلة في طريقك إلى العمل، يمكنك فحص هاتفك بدلاً من الانغماس في تفكيرك الداخلي الحر، لأنك تتوقع أن التفكير سيكون مملًا. ولكن، إذا كان هذا التوقع غير دقيق، فأنت تفوت فرصة للانخراط بشكل إيجابي مع نفسك دون الاعتماد على مثل هذا التحفيز."
ويمكن أن تساعد النتائج على فك الارتباط بهواتفهم الذكية و "التفاعل الإيجابي" مع النفس. ويمكن أن تستكشف الأبحاث المستقبلية الأسباب التي تجعل الناس يستخفون بمدى استمتاعهم بالتفكير، أو أنواع التأمل الأكثر إمتاعًا وتحفيزًا.
وقال دكتور موراياما: "لا يكون كل التفكير مجزيًا في جوهره، وفي الواقع يكون بعض الناس عرضة للانغماس في دوائر مفرغة من التفكير السلبي".
وكشفت دراسة حديثة أن البلدان المختلفة لديها مستويات مختلفة من إدمان الهواتف الذكية، لذا فمن المحتمل أن يستمتع مواطن في بلد ما بالجلوس والتفكير بدرجة أقل بكثير من مواطني بلدان أخرى.