تضج البيوت الأثرية بالمعالم التاريخية المنسوجة على جدرانها وأسقفها، لتتزين بتلك الحضارات التي تحتضنها، وتثبت أحقية الفلسطيني في أرضه، وفي هذا التقرير سنعرض تاريخ البيوت الأثرية في قطاع غزة.
بيت حتحت الأثري الواقع في حي الشجاعية بالبلدة القديمة بمدينة غزة، وتحديدًا داخل أحد الأزقة المتفرعة جنوبًا من شارع بغداد، ويجاوره مسجد الست رقية، وجامع ابن عثمان الأثريان، إضافة إلى مجموعة من المباني السكنية الأثرية، ويملكه (إبراهيم جِلبي آل حتحت) وهو كردي الأصل، وقد بناه في القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي.
تقول خبيرة الآثار بوزارة السياحة والآثار بغزة هيام البيطار: "البيت يتكون من طابق أرضي يحتوي على (7) غرف كبيرة، وإيوان، ومطبخين، ودَرَجين (سُلمين) يؤديان إلى سطح البيت، وقد تم ترميم البيت، وأعادت استخدامه (جمعية مبرة الرحمة الخيرية) سنة (1430هـ/2009م)، ليكون مركزًا لتأهيل الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، بعد أن تبرع به مالك البيت للجمعية".
بيت الحتو
يقع بيت الحتو في حي الدرج بالقرب من المسجد العمري الكبير بمدينة غزة، وهو ملاصق لسباط العلمي وكساب، وهما من الأسبطة التاريخية المتبقية في مدينة غزة.
وقد بُني البيت سنة (1326هـ/1908م)، وتملكه في الأصل عائلة (أبو رمضان)، وقد استُخدم مبنى سكنيا منذ إنشائه، إلى أن هُجر سنة (1420هـ/2000م)، ليتحول إلى روضة لأطفال الحي، ثم تم تأجيره مرة أخرى للإسكان، وما زال البيت قائمًا كما هو منذ إنشائه ولم يتعرض لأي إضافات أو تغييرات معمارية.
وتشير البيطار إلى أن البيت يتكون من مدخل رئيس يطل على سباط كساب، يتبعه دهليز يوصل إلى الفناء السماوي (مكشوف)، وهو يطل على جميع غرف البيت، والإيوان الكبير، ودَرَج يقود إلى السطح العلوي للبيت، وتبلغ مساحته (120) مترا مربعا، وقد تمت صيانته وترميمه على حساب مالكه عام (1439ه/2018م).
الجعفراوي والغلاييني
وفي المنطقة ذاتها يقع بيت الجعفراوي البالغة مساحته (375) مترا مربعا، ويعود بناؤه للحقبة العثمانية.
يتميز المبنى الأثري بوجود مدخلين؛ الأول في الواجهة الغربية الشمالية للطابق الأرضي، والثاني من الواجهة ذاتها في الطابق الأول.
ويتكون الطابق الأرضي من دهليز ومساحته مكشوفة، وعليه إيوانان ودَرَجان و(4) غرف، وقد تمت صيانته وترميمه على حساب مالكه، وذلك عام (1442هـ/2020م).
أما بيت الغلاييني فيعد نموذجًا معماريًا وتاريخيًا يحمل في تصميمه وأسلوب بنائه سمات البيت التقليدي الإسلامي، الذي يعكس الثقافة المحلية، والحياة الاجتماعية في ذلك الوقت، وتوضح البيطار أن البيت يقع في حي الزيتون، ويملكه ديب عودة الغلاييني.
تبلغ مساحة بيت الغلاييني الإجمالية (250) مترًا مربعًا، ويطل المدخل الرئيس للبيت على شارع الغلاييني، وهو مدخل مباشر يؤدي إلى فناء مكشوف تم تحديث بعض أجزاء منه.
وتبين البيطار أن البيت يأخذ الشكل المستطيل، ويتكون من طابقين اثنين، يحتوي الطابق الأرضي منه على فناء سماوي، وهو يعد العنصر الرئيس في البيت، حيث تطل عليه الغرف والإيوان الرئيس.
أما الطابق الأول فيتكون من غرفة واحدة وحمام وشرفة واسعة، وتتميز الواجهات الداخلية للبيت المطلة على الفناء بتوزيع الفتحات والأبواب الداخلية للفراغات المختلفة، إضافة إلى واجهة الإيوان التي تعد الواجهة الرئيسة والأجمل فيه، وذلك لأنها تُطِل على فناء بواجهة على شكل عقدين مخموسين من الحجارة الرخامية الملونة، ويرتكز هذان العقدان على أعمدة رخامية كورنثية الطراز.
الغصين والعشي
وتتابع البيطار حديثها بالإشارة إلى بيت الغصين الواقع في حي الدرج بمدينة غزة، وتحديدًا في شارع فهمي بيك غرب متحف قصر الباشا، ويعود تاريخ تأسيسه إلى أواخر الحقبة العثمانية، حيث بناه (شهاب الدين الغصين)، وتقدر مساحته بحوالي (270) مترا مربعا.
وتقول البيطار إن مدخل البيت فناء مستطيل الشكل، وينخفض منسوبه عن الشارع العام، والمدخل من الجهة الشرقية يؤدي إلى دَرَج وسطح علوي، ويتكون البيت من إيوان واسع وكبير على شكل صليب، وسقفه أقبية متقاطعة، وتطل على الإيوان، و4 غرف نوم بها العديد من البيوك والفتحات، والمبنى يمتاز بعدد كبير من العقود المدببة والدائرية.
وقد رممه مركز (إيوان)، بالشراكة مع مركز (رواق)، وافتتح عام (1443ه/2021م)، ليصبح معلمًا ثقافيًا ومركزًا حضاريًا للمهتمين بالتراث.
أما بيت العشي الذي يقع في حي الدرج وسط مدينة غزة القديمة، وتحديدًا إلى الغرب من المسجد العمري الكبير، فيعود تاريخ تأسيسه لفترة الحكم العثماني لفلسطين.
ووفق قول البيطار، يتكون البيت من طابقين اثنين؛ الأرضي منه يتكون من فناء وإيوان وغرفتين مسقوفتين بعقدين، يعلوهما قباب وأقواس وزخارف هندسية تدلل على روعة العمارة الإسلامية، ويصل الدَرَج الطابق الأرضي بالطابق العلوي من البيت، كما توجد به (مزيرة ماء)، كانت تستخدم خزانًا صغيرًا للمياه، وتطل ساحة الفناء على الإيوان.
وقد رمم البيتَ وأعاد صيانته سنة (1443هـ/2021م) مركزُ (إيوان) بالجامعة الإسلامية، وأصبح مركزاً ثقافياً للمهتمين بالتراث والثقافة الفلسطينية.