فلسطين أون لاين

تقرير سياسيون يُحذّرون من تداعيات عدم محاسبة مُنفّذي محاولة اغتيال الشاعر

...
ناصر الدين الشاعر - أرشيف
رام الله-غزة/ أدهم الشريف:

حذَّر سياسيون من تداعيات ومآلات عدم محاسبة السلطة لمنفذي محاولة اغتيال الأكاديمي في جامعة النجاح د. ناصر الدين الشاعر، في بلدة كفر قليل جنوب مدينة نابلس، في شمالي الضفة الغربية المحتلة، الجمعة الماضية.

كما حذَّر هؤلاء من إمكانية تعامل السلطة مع الشاعر كما تصرفت وماطلت في تحقيق العدالة للمعارض السياسي الراحل نزار بنات، الذي اغتالته قوة من جهاز الوقائي بمدينة الخليل، في يونيو/حزيران 2021.

ويُعدُّ الشاعر من الشخصيات الوطنية التي تحظى بإجماع شعبي وفصائلي، وشغل منصب نائب رئيس الوزراء الأسبق.

وقال رئيس قائمة الحرية والكرامة د. أمجد شهاب: “بالنسبة لمحاولة اغتيال د. ناصر الدين الشاعر، كانت متوقعة ولا سيّما أنه تعرض لتهديدات متكررة باستهدافه، وتعرض للاعتداء في جامعة النجاح، ولم تعتقل السلطة أو تحاسب المعتدين”.

وأكد شهاب لصحيفة “فلسطين”، أنّ محاولة اغتيال الشاعر ليست الأولى من نوعها، إذ تعرضت شخصيات عديدة لإطلاق نيران، ومنهم أستاذ العلوم السياسية الراحل د. عبد الستار قاسم، ونزار بنات قبل اغتياله، والنائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي د. حسن خريشة، وغيرهم أيضًا.

وبيّن أنّ النتيجة كانت عدم كشف السلطة عن المتورطين في استهدافهم عدا نزار بنات، إذ فُضح المتورطون في اغتياله من خلال شهود العيان وكاميرات التصوير.

ونبَّه شهاب، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي، إلى حالة قبول لفكرة اغتيال الشاعر لدى البعض خاصة ممّن يعملون في أجهزة أمن السلطة، ممّن أيدوها على مواقع التواصل الاجتماعي معلقين عليها “تسلم الأيادي”.

وأبدى خشيته من تعامل السلطة مع قضية الشاعر، مرجعًا ذلك إلى إطلاقها سراح منفذي جريمة اغتيال بنات، في وقت تضاعفت فيه اعتداءات أمن السلطة على المعارضين والنشطاء السياسيين.

وأكد أنّ طبقة المثقفين والأكاديميين ونشاطهم يزعج السلطة أكثر من أيّ فئة أخرى في المجتمع، وتقابلهم السلطة باستهدافهم سياسيًّا إما بالترهيب أو الاغتيال.

وعدَّ ما يحدث في الضفة الغربية نتيجة لقرارات بقانون الصادرة من رئيس السلطة محمود عباس، والهادفة إلى تجديد القبضة الأمنية والتنفيذية على حساب السلطة التشريعية والقضائية، الأمر الذي أدّى إلى إلغاء مفهوم سيادة القانون، والقانون الأساسي الفلسطيني.

من جهته، عدَّ الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، محاولة اغتيال الشاعر، التي أدّت إلى أضرار جسيمة في رجليه، ممكن أن تشكل بداية مرحلة جديدة، ولحظة فاصلة يمكن أن تنتشر بعدها الفوضى وشريعة الغاب إذا لم يتم القبض على الفاعلين وتقديمهم إلى العدالة.

وفي مقالة صحفية، أضاف المصري: “لقد تم التعرف إليهم (منفذي محاولة الاغتيال) بعد ساعات قليلة من ارتكابهم الجريمة، ودوافعهم معروفة تتعلق بالانتقام وتداعيات ما حدث في جامعة النجاح، ومحاولة إسكات كل من يجرؤ على التعبير عن رأيه بصراحة، حتى وإن كان ذلك باعتدال وروح وحدوية كما يفعل الشاعر ولا سيما أنّ الجريمة تمت في وضح النهار وأمام الناس، ووثّقت الكاميرات الحدث بكل تفاصيله، وأصبح المجرمون معروفين ليس فقط للأجهزة الأمنية، بل للشاعر وأهله وأصدقائه والفصيل المحسوب عليهم.

وتابع: “إذا لم تُحرّك السلطة ساكنًا للقبض عليهم، على الرغم من الإدانة القوية والسريعة للجريمة من قبل رأس السلطة، الذي قام بأسرع اتصال هاتفي مع الضحية الذي تربطه به علاقات أكثر من جيدة، ومن قبل كبار قادتها ومن حركة فتح، والالتزام منهم جميعًا بمعاقبة الفاعلين؛ فسيؤدي ذلك إلى ما لا تُحمد عقباه؛ حيث ستنتشر أكثر وأكثر الجماعات والعصابات المسلحة، وتعيث في الأرض الفلسطينية خرابًا”.

من جهته، عدَّ عضو قائمة المستقبل الانتخابية المحامي حاتم شاهين، محاولة اغتيال الشاعر؛ جاءت لإسكات الصوت السياسي والرأي المعارض، وهو مشهد حديث العهد وغريب عن النظام السياسي الفلسطيني.

وأضاف شاهين لصحيفة “فلسطين”: أنّ الخلافات السياسية موجودة بين الفصائل لكنها لم ترقَ إلى مستوى الاغتيال، ومن يفكر بذلك يشتبه به أنه يعمل لصالح الاحتلال.

وتابع: ما يجري من عمليات إطلاق نيران تدلل على أنّ الهدف من ورائها سياسي بناءً على الوقائع الميدانية، وتدلل على وجود جهة مفلسة ليس لديها أدلة وبراهين لمواجهة الآخر، فتلجأ إلى عملية التصفية الجسدية.

وأشار إلى وجود عوامل تُشجّع على ممارسة العنف السياسي، أبرزها؛ ضعف أجهزة أمن السلطة، والسياسة المُتّبعة في التعامل مع المعارضين السياسيين وما يرافق ذلك من اعتقال وعمليات إطلاق نيران.

وأكمل: “عندما تسمح الدولة أن تجعل حرية الرأي مقيدة فالمتوقع أن يحصل اغتيال سياسي”.

ولفت إلى أنّ من أطلق النار على الشاعر، كان قد لاحظ مصير من اغتال نزار بنات، حرًّا طليقًا، ولم يُعاقَب ويتمتع بالحياة في حين أنّ أطفال نزار يعيشون اليُتم والقهر، ولولا ذلك لما تجرّؤوا على فعل تلك الجريمة.

وطالب شاهين بضرورة تحريم السلطة لعمليات الاعتقال السياسي إن أرادت حقًّا محاربة عمليات إطلاق النار على الشخصيات، واحترام حرية الرأي والتعبير لدى الآخرين وأن تشجعها أيضًا، وأن تسمح بحياة ديمقراطية سليمة وإجراء انتخابات، وردع كل من تُسوّل له نفسه إسكات الصوت المقابل بغض النظر عن انتمائه السياسي.

المصدر / فلسطين أون لاين