توصلت روسيا وأوكرانيا إلى اتفاق يسمح لسفن الشحن بنقل القمح من الموانئ الأوكرانية إلى بقية دول العالم.
وقال مسؤولو الأمم المتحدة إن استئناف صادرات الحبوب من موانئ البحر الأسود قد يستأنف في غضون أسابيع بموجب الاتفاق.
وكان الحصار الذي تفرضه روسيا على تلك الموانئ قد تسبب بارتفاع أسعار السلع الغذائية وبحدوث نقص في بعض الدول التي تعد الأفقر في العالم.
كم تبلغ كمية القمح العالقة في أوكرانيا؟
تبلغ كمية القمح المعد للتصدير والعالقة في البلاد حوالي 20 مليون طن.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن هذا الرقم قد يرتفع إلى 75 مليون طن بعد حصاد موسم العام الحالي.
ونتيجة للحرب الدائرة في البلاد منذ شهور، من المتوقع أن يكون حصاد هذا العام أصغر من حصاد الأعوام السابقة.
وتقول لورا ويلزلي، المتخصصة في الأمن الغذائي بمعهد تشاتام هاوس إن ما يصل إلى 30 في المئة من القمح الذي تنتجه أوكرانيا عادة، والذي تبلغ كميته 86 مليون طن، لن يتم حصاده هذا العام.
كيف أثر نقص القمح على الدول الأخرى؟
تُعتبر أوكرانيا رابع أكبر دولة مصدرة للقمح في العالم.
وهي تنتج في العادة 42 في المئة من الإنتاج العالمي من زيت بذور عباد الشمس و 16 في المئة من إنتاج العالم من الذرة و 9 في المئة من إنتاج القمح.
وعلاوة على تأثير الحرب على الصادرات الأوكرانية، فإن صادرات القمح من روسيا - التي تعد أكبر مصدر له في العالم- انخفضت.
ولا تستهدف العقوبات الغربية قطاع الزراعة الروسي، كما أن السفن الروسية التي تحمل منتجات زراعية لا تُمنع من دخول موانئ دول الاتحاد الأوروبي. لكن الكرملين يقول إنها أعاقت الصادرات من خلال التسبب في رفع أسعار التأمين والتأثير على الدفعات.
ويقول بنك التنمية الأفريقي إن أوكرانيا وروسيا تزودان أفريقيا عادة بأكثر من 40 في المئة من احتياجاتها من القمح.
لكنه يؤكد أن الحرب أدت إلى نقص بواقع 30 مليون طن من الغذاء في أفريقيا. وساهم هذا بزيادة بنسبة 40 في المئة بأسعار الغذاء في عموم القارة.
ففي نيجيريا، ساعد ذلك في زيادة أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الباستا والخبز بنسبة 50 في المئة.
وبالمثل، فإن اليمن يستورد عادة أكثر من مليون طن من القمح سنوياً من أوكرانيا.
وتقول الأمم المتحدة إن الانخفاض في الإمدادات خلال الفترة بين يناير/ كانون الثاني ومايو/ أيار سبب ارتفاعاً في أسعار الطحين بنسبة 42 في المئة والخبز بنسبة 25 في المئة في اليمن.
وفي سوريا، التي تعتبر من كبار المستوردين للقمح الأوكراني، تضاعف سعر الخبز.
والآن بدأت أسعار القمح العالمية تنخفض بعد سماع أخبار الاتفاق بين روسيا وأوكرانيا.
لكن لورا ويلزلي تقول إنه ما لم يتم شحن كمية كبيرة من القمح الأوكراني، فإن العديد من الدول في الشرق الأوسط وأفريقيا ستعاني من النقص.
وتقول إن "هذا سيدفع أسعار الخبز إلى الارتفاع أكثر في هذه الدول، الأمر الذي من شأنه أن يتسبب بقدر كبير من الاضطرابات الاجتماعية".
ما هي الخطة لرفع الحصار؟
وقّعت روسيا وأوكرانيا اتفاقاً مع الأمم المتحدة وتركيا لفتح "ممر بحري" في البحر الأسود.
ويقول مسؤولون إن الخطة تتضمن:
أن تقوم سفن أوكرانية بتوجيه السفن التي تحمل القمح في طريق دخولها وخروجها من مياه الموانئ الملغمة
موافقة روسيا على هدنة أثناء تحرك الشحنات
أن تقوم تركيا بتفتيش السفن لتهدئة مخاوف روسيا من تهريب الأسلحة
أن يُسمح للصادرات الروسية من القمح والأسمدة بالمرور عبر البحر الأسود
من الذي سيُؤمّن سفن الشحن التي تستخدم الممر البحري؟
لقد ارتفعت تكاليف تأمين السفن التي تدخل البحر الأسود عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وفرضت بعض شركات التأمين رسوماً تبلغ 5 في المئة أو 10 في المئة من قيمة السفينة للرحلة الواحدة.
غير أن نيل روبرتس من "لويدز ماركت أسوسييشن"، وهي هيئة صناعة التأمين، يؤكد أن الاتفاق يعني انخفاضاً في تكاليف التأمين.
ويقول: "إنه يمنحنا الأمل بامكانية استرداد القمح من الموانئ الأوكرانية وإعادة تفعيل التجارة".
كيف كان القمح يصدّر بدون وجود ممر بحري آمن؟
قبل الحرب، كانت أوكرانيا ترسل أكثر من 90 في المئة من صادراتها الغذائية عبر البحر.
وبعد فرض الحصار على موانئها، كانت تحاول تصدير أكبر قدر ممكن عبر الطرق البرية باستخدام الشاحنات والقطارات.
ويحاول الاتحاد الأوروبي المساعدة في ذلك- من خلال إقامة "طرق تضامن" ، تتيح شحن القمح الأوكراني من موانئ على بحر البلطيق، ومن ميناء "كونستانتا" في رومانيا أيضاً. وخلال جانب من الرحلة إلى كونستانتا، يمكن نقل القمح بصنادل الشحن عبر نهر الدانوب.
لكن إحدى المشاكل الرئيسية التي تواجه هذه الخطة تتمثل في أن سكك القطار الأوكرانية أعرض من نظيراتها في بقية أوروبا. وهذا يعني أن يتم تفريغ القمح من عربات القطار عند الحدود الأوكرانية ومن ثم إعادة تحميلها على عربات القطارات الأوروبية.
وتستغرق الرحلة ثلاثة أسابيع كي يعبر القمح أوروبا ويصل إلى الموانئ على بحر البلطيق.
ويقول اتحاد تجار الحبوب الأوكراني إن 1.5 مليون طن فقط من القمح في أقصى تقدير يتم تصديره شهرياً بهذه الطريقة.
وقبل الحرب، كانت أوكرانيا تصدر 7 ملايين طن من القمح شهرياً.