فلسطين أون لاين

تقرير عصابات "ماجن".. الاحتلال يتخفى بـ"لباس مدني" للإفلات من العقاب

...
ميليشيات المستوطنين - أرشيف
القدس المحتلة–غزة/ يحيى اليعقوبي:

بغطاء رسمي وحكومي، تسعى جهات إسرائيلية متعددة إلى تشكيل عصابات مسلحة من المستوطنين المتطرفين، وذلك في مؤشر يراه مختصون مقدسيون، دلالة على تحضير الاحتلال لارتكاب مجازر جديدة بحق أهالي المدينة المقدسة عامة والمصلين في المسجد الأقصى خاصة.

واتفق مختصان في حديثهما لصحيفة "فلسطين" على أن الاحتلال يسعى للإفلات من العقاب وعدم تحمل المسؤولية القانونية والدولية أمام العالم في إثر الإعدامات الميدانية التي ارتكبها وكان أبرزها اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة.

وتعمل بلدية الاحتلال في القدس المحتلة بالتعاون مع وزارة أمن الاحتلال الداخلي وجمعيات استيطانية على تشكيل ميليشيات مسلحة من المستوطنين، بالتزامن مع نصب 3 آلاف كاميرا مراقبة جديدة في جميع أنحاء المدينة، بغية محاربة عمليات المقاومة، وتوفير الحماية لهؤلاء المستوطنين داخل الأحياء الفلسطينية.

وتحت عنوان مشروع "ماجن"، الذي بادرت بلدية الاحتلال بالتعاون مع ما يسمى جمعية "يهودا الخالدة" ووزارة الأمن الداخلي والشرطة بإنشائه، سيتم إنشاء فصول احتياطية مجتمعية في المدينة المحتلة، من أجل توفير "إمكانية عالية" للتعامل مع ما وصفته بـ"الأحداث الإرهابية"، وحالات الطوارئ في المجتمع.

وأشار الباحث في شؤون القدس ناصر الهدمي، إلى أن "المجتمع الإسرائيلي مجند عسكريًّا خاصة أن التجنيد يتم بصورة إجبارية لكل أفراد المجتمع".

وأوضح الهدمي أن هذه العصابات تشكل جزءًا من العصابات التي تقوم بالاعتداء على أراضي الفلسطينيين وقراهم وممتلكاتهم، مستدلًّا بجريمة إحراق المستوطنين منزل عائلة دوابشة في قرية دومًا قضاء نابلس 31 يوليو 2015.

وقال: إن "التداخل الذي فرضته الظروف نتيجة طبيعة عمل الفلسطينيين في مواقع عمل إسرائيلية، وتصاعد عمليات الاستيطان داخل أحياء شرقي القدس صعبت على جيش الاحتلال متابعة عمليات المقاومة التي يقوم بها المقدسيون".

وأضاف: لذلك سعى الاحتلال لتشكيل جديد من المستوطنين و"المستعربين" للتغلغل داخل المجتمع المقدسي لارتكاب مجازر وجرائم دون تحمل الاحتلال المسؤولية القانونية.

واستدرك: لكن الشعب الفلسطيني معتاد جرائم الاحتلال ومستوطنيه، ولن تنجح هذه الجرائم بتفكيك بنيته الاجتماعية، "بل ستؤجج روح التحدي حينما يرى شعبنا أن هناك أشخاصًا بلباس مدني يعتدون عليه".

ونبه إلى أن الحالة التي يعيشها المجتمع الإسرائيلي "تشكل نوعًا من الفصام، وتتعارض مع الصورة التي يحاول تقديمها عن نفسه بأنه مجتمع ديمقراطي وجزء من المجتمع الغربي".

وأكد الهدمي أن تشكيل "عصابات المستوطنين" دليل أن الاحتلال لا يريد تحمل مسؤولية الجرائم التي يخطط لها، وخاصة بعد أن نجح المقدسيون في إفشال مخططاته الرامية إلى تهويد القدس وتفكيك البنية الاجتماعية للمقدسيين.

ورأي الباحث في شؤون القدس د. جمال عمرو أن تشكيل عصابات للمستوطنين ليس بالأمر الجديد، فـ"المشروع الصهيوني" قام على أرض فلسطين في بداياته عن طريق "العصابات الصهيونية" التي تسلحت بالسلاح البريطاني وبدأت بارتكاب المجازر التي بلغت آنذاك 187 مجزرة بحق الفلسطينيين.

وقال عمرو إن "كبار أعضاء هذه المنظمات بدؤوا يعترفون اليوم أنهم حرقوا الجنود المصريين والأردنيين وهم أحياء".

وأضاف: شاهدنا أفرادًا من قادة هذه العصابات مثل المتطرف باروخ جولدشتاين الذي ارتكب مذبحة الحرم الإبراهيمي عام 1994 وقبره أصبح مزارًا للمستوطنين باعتباره "بطلًا قوميًّا إسرائيليًا"، وهي نفس المنظمات موجودة ضمن 48 منظمة إسرائيلية يحمل عناصرها السلاح ويخدمون في جيش الاحتلال.

ومؤخرًا، كشف صحفي إسرائيلي النقاب عن تحقيق أجراه قبل عدة سنوات عن حرق جيش الاحتلال جنود صاعقة مصريين وهم أحياء، ورفضت سلطات الاحتلال نشره حينها، قبل أن توافق مؤخرًا على النشر.

وقال الصحفي يوسي ميلمان، إن "الرقابة العسكرية قد رفعت السرية عن هذا الأمر بمرور 55 عامًا، مع تفاصيل عدة يشير بعضها إلى حرق الجنود المصريين أحياء في أثناء حرب عام 1967م".

ولفت عمرو إلى أن جميع البؤر الاستيطانية في القدس يتم حراستها بواسطة مستوطنين مسلحين يدفع لهم مبالغ مالية طائلة لتوفير الحماية للبؤر الاستيطانية، وهذا شيء ينطبق على مدن متعددة من ضمنها الخليل.

وأشار إلى أنه في السابق كان بعض أفراد هذه العصابات يخفي السلاح داخل ستراتهم، أما حاليًّا فالمستوطنين يظهرون السلاح ويرفعونه ليلفتوا انتباه الفلسطينيين بأنهم يستعدون لإطلاق النار.

ويعتقد أن القانونيين الإسرائيليين "لاحظوا أن الفلسطينيين بدؤوا يوثقون الجرائم الإسرائيلية وأنهم اليوم أقدر على رفع قضايا على دولة الاحتلال أمام المحاكم الدولية.. لذلك جاءت فكرة تشكيل عصابات جديدة لتخفيف العبء القانوني عن الجيش".

وأوضح الباحث المقدسي أن الاحتلال يسعى إلى تحقيق أهداف متعددة من وراء تشكيل عصابات المستوطنين، أولها: عدم تعريض قيادته للمساءلة القانونية، وآخرها: الاحتلال يسعى إلى تحويل أي مواجهة ميدانية لمسألة شعبية بين مدنيين يتنازعون حتى لا يتعرضون للمحاكمة للإفلات من العقاب.