أظهر تجاهل رئيس السلطة محمود عباس إثارة استحقاق إجراء الانتخابات الفلسطينية الشاملة في أثناء لقائه بالرئيس الأمريكي جو بايدن لحمل الأخير على الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لإجرائها في الأراضي المحتلة دون عقبات "دليلًا جديدًا على تهميشه لهذا الاستحقاق".
وكان عباس قد تذرع بتعطيل الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة في 22 مايو/ أيار 2021 بعدم موافقة الاحتلال على إجرائها في القدس المحتلة.
المرشح للانتخابات أحمد أبو ارتيمة رأى تجاهل عباس لقضية الانتخابات ليس جديدًا، مردفًا أنه وقيادة السلطة والاحتلال لا يريدون الانتخابات، وغير معنيين بإجرائها.
وقال أبو ارتيمة في حديث لصحيفة "فلسطين": إن قيادة السلطة منتفعة من الوضع القائم وتحظى بامتيازات كبيرة، فتجديد الشرعية بأي طريقة ستطيح بهم وتقوض امتيازاتهم، لافتًا إلى أن الإدارة الأمريكية تعزز فساد السلطة بتجاهلها ملف الانتخابات والملف الفلسطيني كاملًا، فزيارة بايدن أكدت تهميش إدارته الحقوق الفلسطينية مقابل تأكيد دعمها أمن دولة الاحتلال.
وأكد أن الضغط الداخلي الحقيقي من قوى المجتمع الفلسطيني هو الذي يجبر عباس على إجراء الانتخابات وتجديد الشرعية، أو ضغط خارجي وخصوصًا من الولايات المتحدة الأمريكية، لكن الأخيرة في الوقت الحالي تهمش القضية الفلسطينية في ظل أولوياتها في ملفات روسيا وإيران وتعميق التطبيع.
إصلاح البيت
من ناحيته، قال النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي د. حسن خريشة: "لا نعلق آمالًا كبيرة على بايدن أو على السلطة من أجل إجراء الانتخابات"، مشيرًا إلى أن عباس الذي ساق الذرائع سابقا بربط إجراء الانتخابات بالقدس يدرك تمامًا أن الموقف الأمريكي لا يزال على حاله باعتبار القدس عاصمة موحدة مزعومة للاحتلال.
وأضاف خريشة لـ"فلسطين": "أنا بكوني فلسطينيًّا شعرت بالإهانة من تصريحات بايدن وطريقة تعامله مع القضية الفلسطينية ولقائه عباس، وكان من المفترض التشويش على زيارته باعتبار أنه شخص غير مرغوب به وغير مرحب به".
وأشار إلى أن السياسات الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية لا تزال على حالها ولم تتغير، ولا سيما بعد محاولات الإدارة الأمريكية شطب قضية اللاجئين من خلال إنهاء عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، والضغط عليها لتقديم مساعدات وفقًا لرؤيتها.
وطالب بمواجهة الموقف الأمريكي بقوة عن طريق إصلاح البيت الداخلي الفلسطيني "ليس بقرارات وإنما عبر عملية ديمقراطية تفرز قيادة قوية".
تحرك فعلي
ووصف الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف لقاء عباس بايدن بـ"اللقاء البروتوكولي"، إذ لم يشمل الحديث في القضايا السياسية التي من أبرزها قضية الانتخابات "التي هي آخر شيء يمكن أن يفكر فيه عباس".
ولفت الصواف في حديث لـ"فلسطين" إلى أن بايدن معني بتقديم دعم مالي للسلطة لضمان بقائها على قيد الحياة حفاظًا على أمن الاحتلال، وليس من أجل إجراء الانتخابات أو إحياء العلاقة بينها وبين شعبنا الفلسطيني "فهو جاء وذهب دون إعطائها أي وعود سياسية".
ورأى الصواف لقاءهما في بيت لحم "فقط لالتقاط الصورة"، مشيرًا إلى أن قضية الانتخابات ليست في أولويات عباس و"عندما عطّلها كان يدرك جيدا أن نتائجها لن تكون في صالحه ولا في صالح حركة فتح، لذلك هو ضدها حتى لو سمح الاحتلال بإجرائها في القدس".
وأكد أن المطلوب هو تحرك فعلي من الكل الفلسطيني وفي المقدمة قوى المقاومة للضغط من أجل إجراء انتخابات شاملة، أو تشكيل جسم أو هيئة تتولى قيادة الشعب الفلسطيني "تكون بديلا عن منظمة التحرير التي لم تعد ذات قيمة في الساحة الفلسطينية".