كانت بداية إبحاره في عالم الغوص والبيئة البحرية هو حصوله على جائزة من منظمة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة عام ٢٠١٥ م، وهي كاميرا "جوبرو" بغلاف واقٍ من الماء، لتتيح له الفرصة لالتقاط مشاهد تحت الماء، واكتشاف ذلك العالم الخفي، والعمل على نشر المعلومات عن البيئة البحرية الفلسطينية من خلال إنشاء أول قناة علمية عربية للتوعية بهذا المجال.
فيلم وثائقي
يقول المصور الصحفي محمد أسعد لصحيفة "فلسطين": "بدأتْ الأمور من خلال حبي للرحلات البحرية مع أصدقائي الذين يقطنون على ساحل البحر، والجائزة دفعتني لتطوير الأمر، فقررت متابعة الغواصين وعمل تقرير عنهم عام 2018 وكيفية اصطيادهم الأسماك".
وأضاف:" في هذه الفترة رافقتهم إلى أماكن صخرية لم أكن أعلم عنها شيئًا، فاقتحمت ذلك العالم وهو عالم آخر لم يكن متاحًا من قبل إلا لفئة قليلة من المجتمع تعتاش من مهنة الصيد بالمسدس".
فـ"أسعد"، مصور صحفي منذ ١٥ عامًا، يعمل لدى وكالة الصحافة الفلسطينية "صفا"، وحاصل على ١١ جائزة عربية ودولية في مجال التصوير الصحفي.
وبدأ في ممارسة الغوص بداية عام ٢٠١٨ م مع صيادي المسدس البحري، ونشر بعض الفيديوهات على "اليوتيوب" من خلال تعلم الأساسيات، مضيفًا: "هنا كانت نقطة التحول والبدء بعمل إنجاز للوطن وكانت في البداية صناعة أول فيلم وثائقي عن غزة من قاع البحر".
واستطاع إنجازه بعد عمل استمر خمسة أشهر، لإنتاج ٢٧ دقيقة، وتم بثه على الفضائيات العربية، وكان بعنوان "زعانف مبتورة" ويسلط الضوء على معاناة الغواصين في الصيد في بحر غزة، وتحديهم الحصار والتلوث والفقر والصيد الجائر ونقص المعدات، مع تسليط الضوء على الجانب الجمالي كذلك لساحل القطاع.
معيقات ومشاكل
ويشير أسعد إلى أن هناك كثيرًا من المعيقات والمشاكل واجهته، مثل توفير الزعانف والنظارات الخاصة بالغوص، وأيضًا صعوبة عملية الغوص نفسها (الغوص الحر دون أكسجين)، والقدرة على التصوير تحت الماء.
انتقل أسعد بعد ذلك نقلة نوعية باتجاه توعية وتثقيف المجتمع حتى أصبح مصطلح مغامرات الغوص أيقونة على منصات التواصل الاجتماعي، وكذلك زوّد العشرات من الصحفيين بتقاريرهم المتلفزة والمكتوبة عن ما يحتويه بحر غزة من كائنات ومعلومات.
ويتابع أسعد حديثه: "وقمت بتخصيص حرية بشكل عام ومن أقسامها المناخ البحري، والتكوين الداخلي للبحر والأنشطة المختلفة والرياضات على الساحل وكذلك طهي بعض الأطباق على قناة على اليوتيوب تحت مسمى مغامرات الغوص وإنشاء أول قناة علمية عربية للتوعية والتي تبث بشكل دوري حلقات علمية تتناول البيئة البحرية غير الدارجة في مجتمعنا ولكنها ذات قيمة غذائية عالية".
ويستند في معلوماته عن الكائنات البحرية لسؤال الصيادين لجمع معلومات عنها، وكذلك من الإنترنت وويكيبيديا، "وأحيانًا ألجأ لبعض الأساتذة وعلماء الأحياء حتى في خارج فلسطين".
وعبر قناته الخاصة يتم تخصيص حلقة لكل موضوع يناقشه بأسلوبه الصحفي حتى يفهمه الناس، ويتطرق للحديث عن كائنات بحرية تعيش في بيئة البحر المتوسط ويتناول خصائصها وأضرارها ومنافعها وفوائدها، وحتى طريقة طهيها، وكيفية تعامل الناس معها، والكائنات الدخيلة على بحرنا التي يتم استيرادها من البحر الأحمر عبر قناة السويس.
ويلفت أسعد إلى أن ما دفعه للاستمرار في القناة هو أن 90% من الناس تجهل الكثير من المعلومات عن البيئة البحرية، "فسكان الساحل في أي دولة في العالم يعرفون بيئتهم، لكن نسبة كبيرة منا لا يعرفون إلا سمك السردين، والاستجمام على شاطئ البحر".
ويلمس أسعد تفاعلًا على القناة ومنصات التواصل الاجتماعي "التيك توك"، و"الانستغرام"، و"الفيس بوك"، فبعد نشره الفيديوهات التي تحتوي على معلومات مبسطة وقصيرة، يصله كم هائل من الأسئلة، عازيًا ذلك لجهل الناس بتلك المعلومات بسبب انشغالهم في تحصيل قوتهم اليومي ومعاناتهم مع الاحتلال.
ويرى أن الفائدة لا تقتصر على الفلسطينيين فقط بل هي مفيدة للدول العربية في الجوار، ولا تزال المواد العلمية كبيرة والمعيقات كثيرة بسبب "عدم صفاء مياه البحر" الناتجة عن التلوث ما يؤثر على وضوح الرؤية والصورة، إلى جانب التيارات وارتفاع الموج في كثير من المواسم التي تعوق الغوص.
ويطمح للالتحاق بدورات خارجية، وأن تتبنى مؤسسة دولية هذه القناة التعليمية لما لها من أهمية للمجتمع الفلسطيني، وأن يتمكن الشباب من مشاهدة التضاريس البحرية بتفاصيلها.