الرئيس الأمريكي بايدن الذي حط رحاله في دولة الاحتلال، لم يخجل في زيارته من الإعلان بشكل واضح عن صهيونيته ويهوديته، وإيمانه بأن دولة الاحتلال يجب أن تكون يهودية صهيونية، وبنفس الوقت متنكرًا للشعب الفلسطيني بشكل واضح، وظهر ذلك حينما زار بيت لحم ومنح السلطة 45 دقيقة من وقته خلال الزيارة الممتدة على ثلاثة أيام لكيان الاحتلال.
ولم يخجل وهو يقدم لهم الفتات مما سماه الدعم الأمريكي وخاصة خدمة الإنترنت 4G، وهنا يمثل محطة جديدة من محطات الموقف الأمريكي الداعم للاحتلال الإسرائيلي، على حين يتنكر للشعب الفلسطيني.
ليست المشكلة فقط هنا، لأن الولايات المتحدة هذا ديدنها وتاريخها في دعم الاحتلال الإسرائيلي بالمال والسلاح والنفوذ، بل إن الزيارة في حد ذاتها تهدف لإدماج الاحتلال في المنطقة ومواجهة ما سماه التهديد الإيراني.
المشكلة الحقيقية هي متمثلة في الواهمين من قيادة السلطة الذين لم يخجلهم أيضا على مدار ما يتجاوز ربع قرن من بيع الأوهام عن دولة لا تتجاوز أجزاء من الأراضي المحتلة عام 67 والتفاوض حولها والتنازل عن الباقي والقبول بسلطة الاحتلال الإسرائيلي العسكرية والأمنية والاقتصادية على الضفة الغربية وتحولها إلى دولة المستوطنين الذين يعيثون خرابًا في الضفة الغربية، وأن السلطة التي قبلت بأن الرئيس الأمريكي يقدم لها خدمة تعتبر بالنسبة للدول المتقدمة هي أمر لا يستحق الحديث ولا تتوقف أمامه، بل إن دولًا كثيرة تجاوزت خدمة الـ4G إلى الـ5G و6G لكن السلطة رضيت أن تؤدي هذا الدور وأن تكون تبعًا للاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة والتنكر للشعب الفلسطيني وحقوقه وتهشيم وتهميش المؤسسات التشريعية الوطنية وترك الفساد والمحسوبية ينخر في المؤسسات الفلسطينية، التي يحوز عليها المقربون من عباس وقيادة السلطة.
ربع قرن من الأوهام قدمتها قيادة المنظمة التي تحولت إلى مجرد هيكل لا قيمة له، ولا تعبر عن الفلسطينيين ولا نضالاتهم، ولا تضحياتهم، بل إن أمين سرها المعين حديثًا هو المنسق مع الاحتلال الإسرائيلي وتحولت المنظمة من حركة التحرر الوطني إلى منظمة تتبع الاحتلال الإسرائيلي وتخضع للولايات المتحدة بتركيبتها الحالية التي يرأسها الرئيس محمود عباس الذي يتبنى التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي ويطارد ويعتقل المقاومين في الضفة الغربية.
لقد تضررت القضية الفلسطينية ولم يعد لها حضور ولم تعد ذات أولوية بالنسبة لكثير من الدول العربية بسبب سياسة السلطة التي تتبعها في التبعية للاحتلال الإسرائيلي بل تسويق الاحتلال في المنطقة، والمساهمة في وجوده، واكتفت أن تحصل على خدمة 4G وتحول الوطن وفق رئيس وزرائها محمد اشتية (بدكم وطن أكثر ولا مصاري أكثر).