فلسطين أون لاين

خلال حوار خاص مع "صحيفة فلسطين"

حوار العكلوك: إقبال كثيف تشهده لجان الإصلاح يوميًا يعكس ثقة مجتمعية واسعة

...
الزميلة فاطمة الزهراء العويني أثناء محاورتها د. علاء الدين العكلوك - تصوير / رمضان الأغا
غزة - فاطمة الزهراء العويني

أكد المدير العام للإدارة العامة لشؤون العشائر والإصلاح التابعة لوزارة الداخلية والأمن الوطني بغزة د. علاء الدين العكلوك وجود إقبال كبير من المواطنين على التقاضي في لجان الإصلاح التابعة للإدارة؛ ما يعكس "ثقة كبيرة من المواطنين بتلك اللجان".

وقال في حوار خاص مع "صحيفة فلسطين" لدينا تقريبا 106 لجان إصلاح موزعين على المحافظات الخمس لقطاع غزة، وعدد رجال الإصلاح (811) رجل إصلاح، وهذه اللجان تنظر في جميع القضايا المعروضة عليها سواء مالية أو مشاجرات أو أراضٍ أو دماء أو خلافات زوجية أو أسرية".

التقاضي بالتراضي

ودلّل العكلوك على ذلك بعدد القضايا التي أنجزتها الإدارة العامة لشؤون العشائر والإصلاح خلال النصف الأول من عام 2022م، وهي 4482 قضية منها 11 قضية دماء و934 قضية مالية و332 قضية حوادث وغيرها".

وأضاف:" وإجمالي المبالغ المالية التي تم إنجاز قضايا الخلاف حولها عبر لجان العشائر ثلاثة ملايين ونصف مليون دولار، وإجمالي عدد المساجين ممن تم فكاكهم (ألفان وثلاثة وعشرون مواطنًا) وإجمالي مساحات الأراضي التي تم حل النزاعات حولها هو (ثمانية وعشرون ألف دونم وأربعمئة وثمانية عشر)". 

واستدرك بالقول:" لكن القضايا المنظورة في المحاكم لا ننظر فيها إطلاقًا إلا إذا توافقت الخصوم على وقفها والتقاضي بالتراضي"، مشيرًا إلى أن عامة المجتمع يشعرون أن رجال الإصلاح أقرب إليهم من الجهات القضائية والشرطة التي يشعرون بالرهبة من التعامل معها.

وعن سبب لجوء الناس لرجال الإصلاح للبحث عن حلول لخلافاتهم، فقد أوضح أن هذا الكلام له تداعياته، فحل المشكلات بالطريقة الودية وبشكل أسلس، أفضل للأطراف جميعًا، كما أنها توفر عليهم تكاليف التقاضي، إضافة أن مشكلاتهم تُحل في أماكن ضيقة دون أن يدري عنها أحد، كما أنهم لا يحتاجون لوجود محامٍ أو رسوم محكمة، "فالنتائج المتمخضة عن الإصلاح كلها خير، أما القضاء فيورث البغضاء".

ولاختيار رجل الإصلاح -وفقاُ للعكلوك- يجب أن يكون من أبناء العرف العشائري وعلى علم ودراية بالأعراف العشائرية جميعًا من أجل حل المنازعات، (والفروقات بينها في القضايا المختلفة)، وأن يكون أمينًا فلا يصح أن يسمع مشكلات الناس ثم يخرج ويذيعها فتصبح أسرار الناس ومشكلاتهم حديث الشارع.

ومضى بالقول:" فلا بد أن يكون رجل الإصلاح صادقًا وتقيًا ونقيًا ومثقفًا، فلا يستطيع أي شخص أن يزعم أنه رجل إصلاح، فمن يُلبسه هذا الثوب هو الشارع".

وشرح بالقول:" فالناس من خلال تجربتها مع الشخص هي من تمنحه لقب رجل إصلاح، بأن تكون قد لجأت إليه فرأت أن لديه قدرات لحل مشكلاتها وشعرت بثمرة طيبة من خلال إصلاحه ووجدت فيه الفهم والدراية والعلم والدين والأمانة، فأخذ شرعيته وتزكيته من الناس".

وبين أن الأعراف العشائرية الحسنة أقرها الإسلام بينما نبذ الأعراف السيئة، لذلك فإن رجال الإصلاح يتبعون العرف المحمود المتوافق مع شرع الله عز وجل، ووفق التوافق بين العرف والقانون.

وزاد بالقول:" فأي ورقة مصالحة ننجزها وما تمخض عنها من التزامات على كل من الأطراف المتنازعة يتم توثيقها قانونيًا، فنحن نسير وفق الشريعة والعرف العشائري والقانون من أجل أن نحفظ حقوق الناس".

تكامل في الأدوار

وتابع العكلوك:" فأي اتفاق ننجزه فاعل قانونيًا على أطرافه وهناك تكامل في الأدوار بيننا وفي القضاء، فسند التحكيم الذي يتم إبرامه من خلال اللجان العشائرية يُصدق لدى المحاكم النظامية، وتكامل بين النيابة والشرطة فنحن جميعًا نعمل من أجل خدمة أبناء شعبنا". 

وأشار إلى أن الأحكام من اللجان "رضائية" فيتم تصديقها بالمحكمة بإرادة تلك الأطراف لكن إذا رفض أحد الأطراف الحكم فإن المحكمة هي صاحبة الاختصاص في تصديق الحكم أو فسخه من خلال تفحص إجراءات الحل العشائري خلال ثلاثين يومًا من إصداره.

وتتوزع اللجان حسب حجم المحافظات -كما يشرح العكلوك- فمثلًا مدينة غزة مقسمة إلى شرق وغرب وجنوب ولكل منطقة مجلس مركزي لحل القضايا المستعصية التي تعجز عن حلها اللجان الفرعية، خاصة قضايا القتل التي تعتبر شائكة فينظر فيها النخبة من رجال فهم أكثر دراية وعلمًا فيتم إعادة النظر في القضية ودراستها للوصول لحل.

وقال: "وفي كل محافظة يوجد مركز لشؤون العشائر تتبع له اللجان الموجودة فيها حسب احتياجات المنطقة وعدد السكان، وكما أننا نشجع أي مبادرة لتشكيل لجنة إصلاح في أي منطقة تحتاج لذلك ونتعاون معها".

وأشار إلى أن اللجان تضم أشخاصًا من مختلف التخصصات، "فيوجد متخصصون في الحسابات للقضايا المحاسبية ومهندسون لقضايا الورش الصناعية ولجان شرعية للقضايا الشرعية، فكل قضية توكل لأصحاب الاختصاص من رجال الإصلاح".

وأكد وجود إقبال كثيف من الناس على التعامل مع رجال الإصلاح حيث إن مكاتبهم تكون مكتظة بالناس يوميًا، لكون التقاضي مجانيا وهناك سرية وسرعة في التقاضي ورضا وقبول من الأطراف.

وأضاف: "نستقبل شكاوى من النساء بحضور ولي الأمر أو مختار العائلة لتكون ضمن حصانة عشائرية"، مشيرًا إلى أن رجل الإصلاح قد يكون أيضًا رجل عشيرة أو مختارا، وما يتميز به المختار أنه يتم انتخابه أو تزكيته من عائلته ويُمنح الختم الخاص به من وزارة الحكم المحلي، ويخدم عائلته في ما يحتاجونه من أمور ويحل مشكلاتهم".

وقال: "مختار العائلة عادةً ما يحل مشكلات عائلته بشكل خاص، أما لجنة الإصلاح فتكون من عشرة أشخاص قد يكونون من عائلات مختلفة ويحلون مشكلات أي شخص يتوجه إليهم بغض النظر عن عائلته، وقد يكون المخاتير أعضاء في تلك اللجان".

وبيّن أن أغلب القضايا التي تُعرض على اللجان مالية ويتم حلها بشكل "رضائي" سريع خاصة أن أغلب القضايا المالية على مبالغ بسيطة (عجز عن السداد بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة) يُضطر فيها المتنازع لدفع مبالغ للتقاضي في المحاكم تفوق المبلغ المتنازع عليه بكثير، فيلجأ بدلًا من ذلك للجان الإصلاح.

ولفت إلى وجود لجنة رقابة تستقبل أي شكوى على أي رجل من رجال الإصلاح ويتم التحقيق فيها والتأكد منها، ومن عدم كونها كيدية أو انتقام من رجل الإصلاح لأنه لم يعجبه الحكم، "فغالبًا رجال الإصلاح غرضهم من عملهم فعل الخير وليسوا أصحاب شهوة".

وتابع: "نعيش حاليًا نقلة نوعية في عمل رجال الإصلاح فلم نعد مصلحين فقط بل أيضًا دعاة إلى الله، ولنا دور في توعية المجتمع وتثقيفه وتصحيح الظواهر السلبية كانتشار المخدرات وتغيير بعض العادات المجتمعية كالعادات في العزاء والأفراح".

ويشارك رجال الإصلاح –وفق الكحلوت- بتوعية المجتمع بآفات كالتخابر مع الاحتلال وغيرها من القضايا الاجتماعية المهمة وكذلك التوعية بالقضايا المجتمعية المهمة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة والمشاركة في الوقفات الوطنية المتعلقة بالقدس والأسرى وغيرها وزيارة السجون للمساعدة في حل مشكلات النزلاء خاصة القضايا المالية البسيطة والإسهام في عقد صلح في حوادث السير مثلًا.

وأردف بالقول:" وهناك دورات لتطوير وتدريب رجال الإصلاح عبر مختصين في القضاء وغيرها من الأمور المهمة لهم، وهنا تقييم سنوي لرجال الإصلاح حيث يقيم رئيس اللجنة كل رجل إصلاح ويتم استبدال أي رجل إصلاح خامل".