الساعة الرابعة فجرًا توجّه المسن تيسير سليمان إلى بنك فلسطين في حي الرمال بغزة، ليحجزَ له مكانًا، قبل أن يتهافت منتفعو الشؤون الاجتماعية لتسلُّم الدفعة المالية التي سبق أن أعلنت وزارة التنمية الاجتماعية صرفها.
ظل سليمان البالغ من العمر (59) عامًا، مرابطًا بالقرب من البنك مدة 8 ساعات متواصلة، بانتظار أن تنزل في حسابه البنكي المساعدة المالية (350) شيقلًا، حتى تسلّمها بعد طول عناء؛ فآخر مرة حصل فيها سليمان على مساعدة مالية هي (700) شيقل في مايو 2021 من وزارة التنمية الاجتماعية.
سليمان الذي يعيل 13 فردًا كان يتلقّى من وزارة التنمية الاجتماعية في كلّ دورة توزيع 1800 شيقل، قبل أن تتوقف الوزارة عن ذلك منذ 20 شهرًا.
وصدر في 4 يوليو الجاري تصريح رسمي عن وزارة التنمية الاجتماعية برام الله بشأن تحويل وزارة المالية 35 مليون شيقل إليها لصرف مخصصات الشؤون الاجتماعية، وقالت:" إنه سيتم صرف دفعة لمستفيدي الشؤون الاجتماعية بحدود المبلغ المرصود قبل عيد الأضحى المبارك".
ويبلغ عدد الأسر التي تتلقّى مخصصات مالية من التنمية الاجتماعية 116 ألف أسرة؛ 81 ألف أسرة في قطاع غزة، و36 ألف أسرة في الضفة الغربية.
وتتفاوت قيمة المساعدة المالية من أسرة لأخرى حسب حجمها وإعالتها، والمبالغ تتراوح من 700 شيقل إلى 1800 شيقل لكلّ منتفع.
فرحة المسن سليمان بتلقي المساعدة المالية ظلّت منقوصة؛ لأنها لا تكفي لتغطية احتياجات أسرته الاعتيادية ومستلزمات عيد الأضحى وسداد الديون المتراكمة عليه، معبرًا عن أمله أن يتلقى كامل مخصصاته في أقرب وقت ممكن.
كما رابَط منتفع الشؤون الاجتماعية علي عطوة (50) عامًا، هو الآخر بالقرب من البنك قبل أن يفتح أبوابه أمام موظفيه.
فعطوة الذي عليه ديون نحو ألفي شيقل، كان ينتظر لحظة الصرف بلهفة شديدة، لكنه اعتبر أنّ المبلغ المقدم محدود جدًّا.
ويقطن عطوة في منزل مساحته 30 مترًا في مخيم الشاطئ، ويعيل 12 فردًا، ويعيش أوضاعًا اقتصادية جدًّا صعبةً.
وحثّ عطوة وزارة التنمية الاجتماعية على أن تعاود صرف مخصّصاتهم في كل دورة توزيع كالمعتاد، وأن تُصرف لهم مستحقاتهم السابقة.
وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في 14 يونيو الماضي عودة صرف المنح المالية المخصصة للسلطة عن عام 2021.
وسبق أن صرّح شادي عثمان المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي لصحيفة "فلسطين"، أنّ الاتحاد سيحوّل أول دفعة مالية من أصل 50 مليون يورو مخصصة لبرنامج المساعدات نهاية الشهر الجاري إلى خزينة السلطة الفلسطينية.
من جهته قال المتحدث باسم الهيئة العليا للمطالبة بحقوق فقراء ومنتفعي الشؤون الاجتماعية صبحي المغربي إنّ منتفعي الشؤون الاجتماعية ظلّوا ساعات طويلة أمام البنوك كي يتسلّموا الدفعة المالية، بعضهم تمكن من ذلك والبعض الآخر فشل بسبب تأخر وزارة المالية عن تحويل الدفعات إلى حساباتهم.
ونبّه المغربي لصحيفة "فلسطين" إلى أنّ عددًا من المستفيدين لم تنزل في حساباتهم المساعدة المالية، وأنّ الهيئة العُليا بصدد بحث ذلك مع التنمية الاجتماعية، مُعبّرًا عن خشيته من أن يكون وزير التنمية الاجتماعية في رام الله أحمد مجدلاني نفّذ تهديده بقطع مخصّصات الشؤون عن كلّ من شارك في وقفات احتجاجية كانت تطالب بصرف مخصصات الشؤون.
وطالب المغربي وزارة التنمية الاجتماعية بأن تصرف كل الحقوق المالية لمنتفعي الشؤون الاجتماعية المتراكمة منذ 20 شهرًا والمُقدّرة بنحو (822) مليون شيقل.
وقال المغربي: "إنّ منتفعي الشؤون الاجتماعية لم يتلقّوا مخصصاتهم المالية عن 6 دورات بعد أن امتنع الاتحاد الأوروبي عن تقديم مساهمته"، مُبيّنًا أنّ إجمالي المبلغ الذي كان يُوجّه لمنتفعي الشؤون الاجتماعية في كل دورة توزيع (137) مليون شيقل.
ونبّه المغربي إلى أنه يُضاف إلى ذلك حقوق مالية أخرى لصالح منتفعي الشؤون الاجتماعية بين عامي 2017-2020، تُقدّر قيمتها بـ959 مليونَ شيقل، مشيرًا إلى أنّ السلطة لا تعترف بتلك الحقوق على الرغم من أنّ الاتحاد الأوروبي كان في تلك السنوات يُقدّم مساهمته للسلطة.