يوافق اليوم الخميس الثامن من يوليو الذكرى الثامنة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف 2014، والذي استمر 51 يومًا وخلّف دمارًا كبيرًا وأوضاعًا إنسانية صعبة، ورغم ذلك شهد على نقلة نوعية في أداء المقاومة.
وبدأ العدوان على غزة بعد استهداف جيش الاحتلال نفقًا للمقاومة في رفح؛ ما أدّى لاستشهاد سبعة مقاومين من كتاب القسام الجناح العسكري لحركة "حماس" والتي ردّت بإطلاق رشقات صاروخية على (المستوطنات الإسرائيلية).
ويُعدُّ عدوان 2014 العدوان الثالث على القطاع، إذ سبقه عدوانان عامي 2008 و2012، وتبعه عدوان رابع في مايو 2021، وجميعهم خلّفوا دمارًا كبيرًا ومئات الشهداء وآلاف الجرحى.
وكانت الأوضاع في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلّة متوترة بعد اختطاف مستوطنين الطفل المقدسي محمد أبو خضير وتعذيبه وحرقه حيًّا يوم 2 يوليو 2014، كما ازدادت توترًا في أعقاب اختفاء آثار ثلاثة مستوطنين بالضفة وتحميل حركة "حماس" مسؤولية اختفائهم، وما تلاه من اعتقال جيش الاحتلال عشرات من محرري "صفقة شاليط" ونواب في المجلس التشريعي عن "حماس".
واستهدف الاحتلال البنية التحتية لقطاع غزة، ومنازل المواطنين وممتلكاتهم لتحريضهم على فصائل المقاومة، وأطلق اسم "الجرف الصامد" على عدوانه، فيما أطلقت كتائب القسام اسم "العصف المأكول" على تصدّيها للعدوان الإسرائيلي.
وفي اليوم الأول من العدوان، ارتكب جيش الاحتلال مجزرة مروعة في مدينة خان يونس بالقطاع راح ضحيتها 11 شهيدًا و28 جريحًا فلسطينيًّا، ثم توالت المجازر بحقّ عدة عائلات، وقصفت المباني والمساجد والأبراج السكنية والبنية التحتية في غارات جوية مكثفة.
وأقرّ "ديفيس" الذي أصدرته لجنة تقصّي الحقائق حول العدوان الإسرائيلي، نُشر نهاية يونيو 2015، إلى أنّ العدوان الإسرائيلي على غزة "يرقى إلى جرائم الحرب"، وأنّ 142 عائلة على الأقل فقدت ثلاثة أفراد أو أكثر في الهجوم على المباني السكنية أثناء الحرب، حيث شنّت "إسرائيل" أكثر من ستة آلاف غارة جوية، وأطلقت نحو 50 ألف قذيفة مدفعية.
صيد ثمين
وفي سياق متصل، أظهرت الفصائل قدرة قتالية وتطوير لآلياتها في المقاومة بشكل لم يتوقّعه الاحتلال الذي لجأ إلى "القبة الحديدية" في التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية، وأُعلن عن تدمير عدد منها.
وردت بقصف مستوطنات إسرائيلية متاخمة للقطاع، قبل أن يتوسع قصفها ليطال عشرات المدن الرئيسية والمستوطنات داخل فلسطين المحتلة، مثل القدس و(تل أبيب) و(مطار بن غوريون) واللد والرملة و(هرتزليا وريشون ليتسيون) وأسدود وحيفا، وصولًا إلى مناطق البحر الميت وحتى بئر السبع.
وشهد اليوم الثاني من العدوان تنفيذ كتائب القسام عملية إنزال بحري داخل قاعدة "زيكيم" العسكرية، ثم قصفت مدينة حيفا شمال فلسطين المحتلة لأول مرة بصاروخ R160، إضافة لاستهدافها مدينة "تل أبيب".
بدورها، أعلنت كتائب القسام أعلنت في يوليو 2014 أسر الجندي أورون شاؤول أثناء تصديها للاجتياح البري شرق مدينة غزة، فيما اختفت آثار الضابط هدار جولدن في الأول من أوغسطس 2014 شرق مدينة رفح بعد عملية للقسام.
ولا يقتصر المفقودون في غزة على "هدار وشاؤول"، فقد سمحت الرقابة الإسرائيلية في يوليو 2015 بنشر نبأ اختفاء الإسرائيليين "أبراهام منغستو" من ذوي الأصول الأثيوبية، وهشام السيد، بقطاع غزة، بعد تسللهما من السياج الأمني شمال القطاع.
وكانت كتائب القسام أكدت أنّ حكومة الاحتلال تكذب على الإسرائيليين وتضللهم، ونشرت صورة لأربعة جنود (هدار غولدين، أورون شاؤول، أبراهام منغستو، هشام السيد) وقالت إنها: "لن تقدم معلوماتٍ حولهم دون ثمن"، إلا أنها عاودت قبل أيام بنشر مقطع للجندي هشام السيد يظهر تدهور حالته الصحية وعنصرية الاحتلال تجاه جنوده.
وبحسب إحصاءات رسمية، خلّف العدوان استشهاد 1742 فلسطينيًّا 81% منهم من المدنيين، بينهم 530 طفلًا و302 امرأة، بالإضافة إلى 340 مقاومًا، وجرح 8710 من مواطني القطاع.
كما تسبّب العدوان، بإصابة 302 سيدة، منهنّ 100 سيدة تعاني من إعاقة دائمة، كما أصيب (3303) من بين الجرحى بإعاقة دائمة، وِفق الإحصائية، واستُشهد أيضًا 11 من العاملين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) و23 من الطواقم الطبية العاملة في الإسعاف و16 صحفيًّا.
ودمّر القصف الإسرائيلي للقطاع 62 مسجدًا بالكامل و109 مساجد جزئيًّا، وكنيسة واحدة جزئيًّا، و10 مقابر إسلامية ومقبرة مسيحية واحدة، كما فقد نحو مائة ألف فلسطيني منازلهم وعددها 13217 منزلًا، وأصبحوا بلا مأوى.
أمّا على صعيد خسائر الاحتلال، فقد قُتل 64 جنديًّا وستة مستوطنين، ومن بين الجنود القتلى من يحملون أيضًا جنسيات أخرى كالأميركية والبلجيكية والفرنسية، وغيرها.
أما الجرحى فقد بلغ عددهم 720 جريحًا، فضلًا عن الخسائر الاقتصادية الفادحة التي وصلت إلى 560 مليون دولار في قطاع السياحة، و370 مليون دولار وغيرها.