قائمة الموقع

الشهيد "عياد".. ذهب للعلاج في الضفة فأعاده الاحتلال جثة هامدة

2022-07-06T09:50:00+03:00
الزميل يحيى اليعقوبي يحاور والد الشهيد عياد

ينظر "أمير" ابن أربع سنوات إلى شقيقته بنان التي تكبره بسنة، ويلتفت إلى جده يقصُّ على الحاضرين روايته عن استشهاد والده أحمد عياد (32 عامًا)، وكيف أهال المُشيّعون التراب عليه، لتتدافع دموع النسوة في الغرفة المجاورة ببيت العزاء في حي الزيتون بمدينة غزة، ويُحفر الحزن في ملامح جدّ الطفل.

في 28 يونيو/ حزيران الماضي خرج عياد من غزة بموجب تحويلة علاج لاستكمال علاج "التهاب القولون" المزمن الذي يُعانيه منذ طفولته إلى مستشفيات الضفة الغربية المحتلة، وبقي هناك تحت إشراف ورعاية طبيَّيْن، وخلال العلاج كان يكافح بين المرض والعمل لتوفير لقمة عيش أطفاله، متحاملًا على نفسه.

مغالبًا دموعه وبصوت مختنق، تستمع صحيفة "فلسطين" لبقية التفاصيل من شقيقه الدكتور محمود في بيت العزاء، يروي: "مساء الأحد الماضي في أثناء مرور أخي من فتحة بجدار الفصل العنصري في طولكرم، أطلقت قوات الاحتلال النار عشوائيًّا على العمال فأُصيب أحدهم".

هربت دمعة من عينيه وهو يحاول التماسك، مسترسلًا في سرد التفاصيل من شهود عيان: "خلال الحدث سقط أخي أرضًا من هول ما رآه، فتقدم نحوه جيب عسكري ترجّل منه الجنود، ثم ضربوه ضربًا مبرحًا، وفي إثر ذلك أُصيب بجلطة قلبية، حيث نُقل في البداية إلى مستشفى طولكرم، ثم حُوّل إلى مستشفى نابلس التخصصي، وأُجريت له عملية قسطرة قلبية، إلا أنه فارق الحياة".

مكالمة وداع

لحظة الاعتداء اتصل أحمد بعائلته، وكانت مكالمة الوداع، يقول شقيقه: "اتصل بنا سائق الإسعاف وأخبرنا بنقله للمشفى، في بداية المكالمة أخبر أخي زوجته أنه بخير، وفي المساء أخبرها أيضًا أنه سيدخل العمليات، وكان صوته ضعيفًا ومُتعبًا من شدة وأثر الجلطة الناتجة عن الاعتداء".

"تعبان".. كلمة كررها عدة مرات، كانت آخر ما سمعته زوجته قبل دخوله غرفة العمليات وخروجه شهيدًا.

حضر شقيقه عملية الكشف عن جثمان أحمد لحظة إحضاره إلى غزة مساء الإثنين الماضي، قبل الصلاة عليه بمسجد شهداء الزيتون ومواراته في الثرى، مُبيّنًا أنهم لاحظوا وجود أثر كدمات في جبهته مع خدوش وكدمات أخرى بالركبتين وأسفل الظهر وازرقاق من آثار الضرب، ما يؤكد أنّ الاعتداء عليه كان عنيفًا.

منذ عشر سنوات يذهب أحمد لتلقّي العلاج في الضفة الغربية، وأحيانًا إلى مصر والداخل المحتل لعدم توافره في القطاع، وخلال مكوثه في أيّ مكان يُحاول العمل وتوفير لقمة العيش، إلا أنّ ذهابه للعلاج هذه المرة كان الأخير.

يجلس على كرسي، تمتد وصلات وريدية إلى يدَي والده وهو يُواري أحزانه خلف ستار التماسك والصبر، لكنّ ملامحه لم تستطع إخفاء حزنٍ شديدٍ على فقده فلذة كبده وهو يواصل تأمُّل حفيدَيه أمير وبنان وهما يتشاكسان.

من الخلف يصلك صوت قادم من النسوة، مصدره زوجة الشهيد ترافقه دموع غزيرة منعتها من الإدلاء بشهادتها.

يحتسب والد الشهيد مصابه الجلل عند الله، ويستذكر معاناة ابنه من المرض: "أحمد منذ طفولته يعاني مرضا مزمنا اسمه (الكرونز) وما بين الفينة والأخرى يحصل على تحويلة ويتوجه للمستشفيات في الداخل أو الضفة، وهو صغير كانت أمه ترافقه، لكن عندما أصبح شابا صار يذهب بمفرده، وعلاجه لا يتم على دفعة واحدة، بل جرعات، حتى يبقى تحت الملاحظة ما بين ثلاثة إلى أربعة أشهر"، محملا الاحتلال مسؤولية الجريمة.

اخبار ذات صلة