فلسطين أون لاين

الغول: المشروع جاهز و"التشريعي" في طريقه لإنجازه

​"محكمة جنايات كبرى" بغزة.. هل ترى النور قريبًا؟

...
غزة - يحيى اليعقوبي

مثلت بعض جرائم القتل التي حدثت في قطاع غزة رأيا عاما في بعض الأحيان، فتفاعل معها المجتمع في غزة، ولكن نتيجة طول إجراءات القضاء في الأوضاع العادية، طفا على السطح قضية الحديث عن مساعي المجلس التشريعي لإنشاء محكمة "جنايات كبرى" في القطاع للبت في قضايا القتل وجرائم المخدرات بوقت قياسي دون المساس بحق المتهم في الدفاع عن نفسه.

ويبقى التساؤل هنا، حول المدة التي سيستغرقها إنشاء المحكمة لتكون واقعا معمولا به على الأرض؟ وحول مدى إمكانية إحداث نقلة نوعية في موضوع إنجاز قضايا وجرائم القتل بوقت أسرع مما هو عليه الآن، وانعكاساتها في رد المجرمين من خلال سرعة المحاكمة.

في أروقة "التشريعي"

رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي النائب المستشار محمد فرج الغول قال: "إن مشروع القانون لإنشاء المحكمة جاهز، لكن سيتم عرضه على جهات من ذات الاختصاص، في جلسات استماع ومناقشة مع مؤسسات حقوقية ومؤسسات مجتمع مدني، وبناء على تلك الورش يتم تنقيحه بالصورة المتفق عليها، ثم يعرض على المجلس التشريعي في القراءات المختلفة.

وأوضح الغول لـ "فلسطين"، أن المجلس التشريعي نظم أكثر من لقاء في هذا السياق، وناقش القانون بقراءة تسمى المناقشة العامة، حيث أخذ الموافقة على المشروع، ولكنه الآن ما زال بالقراءة الأولى، ويحتاج لورشة عمل لإنضاجه بصورة أكبر.

وبين أن القانون يهدف لإحداث تخصص بنظر القضايا الكبرى كالجنايات الكبرى وقضايا المخدرات والقتل وغيرها، ليكون أكثر تخصصا وإعطاء سرعة في إعطاء الأحكام بطريقة مناسبة، بشكل يضمن عدم ضياع حق المتهم بالدفاع عن نفسه، ويكون هناك طريقة متخصصة أكثر.

وعن سبب إنشاء المحكمة، أوضح الغول أن هناك قضايا جنايات كبرى أخذت وقتا طويلا لم يتم إنهاؤها حتى الآن نظرا لتكدس العديد من القضايا أمام القضاء النظامي، "وكان لا بد من تدخل المجلس التشريعي لإنشاء المحكمة".

وبين أن معظم الدول تأخذ بنظام "المحكمة الجنائية الكبرى" لتكون أكثر تخصصا وسرعة ودقة ومهنية وشفافية وعدالة في هذه القضايا، وإصدار الأحكام بما يتناسب مع القانون والواقع لتكون أكثر ردعا في أحكامها للحد من زيادة الجرائم، بسبب المدة الطويلة التي تتخذها المحاكم في إجراءات التقاضي".

وذكر أن إقرار القانون يحتاج إلى تعيين قضاة جدد، وإنجاز القانون من قبل المجلس التشريعي، مؤكدا أن المجلس في طريق إنجاز الأمرين، قبل انتهاء إجازة المحاكم (الإجازة الصيفية) من خلال تعيين قضاة جدد وإنجاز القانون، أو قد تزيد لمدة شهر آخر.

وحول تعارض القانون مع النظام الفلسطيني من عدمه، أكد الغول أن قانون محكمة "الجنايات" لا يتعارض مع القوانين الفلسطينية وهو موجود بالضفة الغربية، حيث أصدره رئيس السلطة محمود عباس بطريقة غير شرعية بما يسمى "قرار بقانون" من خلال تشكيل هيئة إلا أنه لم ينفذ على أرض الواقع.

وأضاف: "في غزة سيكون القانون بطريقة قانونية ورسمية وشرعية يصدر عن المجلس التشريعي، ويكون واجب النفاذ وسيتم تنفيذه فورا في المحاكم الفلسطينية"، مؤكدا أن القانون سيكون رادعا بصورة كبيرة ويعطي القضايا أهمية خاصة وينجزها بوقت قياسي دون المساس بالإجراءات القانونية بحق المتهم في الدفاع عن نفسه.

تحضير البيئة

من ناحيته، أكد وكيل وزارة العدل في قطاع غزة المستشار محمد النحال أنه بمجرد إقرار مشروع القانون من المجلس التشريعي، ستتولى وزارة العدل تحضير البيئة المناسبة للمحكمة من حيث المكان والعاملين من أجل انجاز القضايا الجزائية الكبرى.

وأوضح النحال في تصريحات لـ"فلسطين"، أن وزارته تعمل ليل نهار من أجل انجاز المشروع، وأن "التشريعي" يأخذ على عاتقه أن يكون مشروع المحكمة ضمن أولوياته.

وتوقع أن يتم انجاز المشروع خلال أشهر، مشيرا إلى وجود رؤية متوافق عليها بين الحكومة والسلك القضائي ووزارة العدل، وأنه سيتم قريبا اكتمال المشروع، بعد تعديل المسودة التي قدمت.

وعن تعيين قضاة جدد، ذكر أن وزارته تقوم بإجراءات تعيين قضاة لرفد السلك القضائي لمحاكم الصلح، وهذا ليس له علاقة بموضوع محكمة الجنايات.

ولفت إلى أن قضاة "الجنايات" المخولين بالحكم بالقضايا الكبرى التي يكون الحكم فيها أكثر من ثلاث سنوات هم من محاكم "البداية" وهم موجودون ، منوها إلى أنه سيتم تكليف بعض القضاة من محاكم البداية بالعمل بـ "الجنايات".

أمن مجتمعي

أمين عام المجلس التشريعي وأستاذ القانون بالجامعات الفلسطينية د. نافذ المدهون، يقول: "إن الهدف من تشكيل الجنايات الكبرى، وضع إجراءات خاصة للجرائم التي تثير المجتمع، وتحتاج لمعالجة سريعة".

وأضاف المدهون لصحيفة "فلسطين": "لو ترك الأمر في هذه الدوائر للخطوات العادية فإنها ستأخذ وقتا، لكن المهم في "الجنايات" اختصار اجراءات التقاضي، بحيث تكون مدة الجلسات محددة ويلتزم فيها القضاة حتى يتم الفصل بالقضايا بسرعة مع الحفاظ على حق المتهم بالدفاع عن نفسه".

وتابع: "نحن أمام جرائم الإطالة فيها تمس أمن المجتمع، وتشكل خطرا على أسرة الجاني والمجني عليه، وتحتاج إلى سرعة في التقاضي".

وأكد المدهون أنه اذا ما تم التوافق بين الجهات القضائية وأجهزة العدالة كوزارة العدل والنيابة العامة فلا يجب أن تتجاوز مدة إقراره ثلاثة أشهر.

عضو الهيئة التنسيقية لشبكة المنظمات الأهلية في غزة محسن أبو رمضان قال: "نؤيد وجود جهات قضاء عادل ونزيه ومستقل، وقوانين تستند لمبادئ حقوق الإنسان، وإن أي تشكيلات قانونية خارج إطار هذه المسألة بحاجة لنقاش".

وأضاف أبو رمضان لـ "فلسطين": "إن الوجهة الرئيسة للمنظمات الأهلية إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني، ووحدة النظام السياسي على المستوى التشريعي والتنفيذي والقضائي"، مشيرا إلى انه لم يتم عرض القانون حتى اللحظة على شبكة المنظمات الأهلية.

حاجة ماسة

سهام الشوا المحامية المختصة في القضايا الشرعية والنظامية، ترى أن وجود محكمة "جنايات" باعتبارها محكمة مختصة سيساعد في فهم القضايا، أفضل من وجود هيئة تنظر بالقضايا المدنية والجزائية، مؤكدة أن المحكمة ستعطي حق الدفاع الأفضل من الوضع الحالي، وتخفف من عبء الضغط على القضاة وتسرع إجراءات التقاضي.

وقالت الشوا لصحيفة "فلسطين": "إن أهم المشاكل التي يواجهها المحامون حاليا طيلة مدة التأجيل في القضايا، وطيلة الفترة الزمنية بين الجلسات لذلك يصدر الحكم بعد عام أو ثلاثة أو عشرة أعوام.

ويؤيد المحامي علي الناعوق المختص في قضايا الجرائم الكبرى كلام الشوا، موضحا أن المبدأ من تشكيل محكمة الجنايات مفيد، وأن المحكمة كان معمولًا بها بفلسطين منذ عهد الانتداب البريطاني إلى أن جاءت السلطة إلى فلسطين عام 1994م وقامت بإعادة تشكيل القوانين بالأخذ بالنظام المصري.

وقال الناعوق لـ"فلسطين": "إن السلطة وفق القانون الذي أعادت تشكيله جعلت اختصاص قضايا القتل من قبل محكمة البداية، لكن الوضع الحالي أثبت أن وجود محكمة مختصة بقضايا الجنايات يخدم العدالة ويجعلها قادرة على البت بهذا النوع من القضايا".

وأعرب الناعوق عن تأييده الشديد لإنشاء المحكمة، لتسريع البت في القضايا، مشيرا إلى أن قضايا القتل في الوضع الحالي والتي تثير الرأي العام تتضمن جلسة واحدة كل أسبوع.

وشدد على وجود حاجة ماسة لتطبيق القانون، نظرا لوجود ضغط على المحاكم وقلة عدد القضاة، مؤكدا أنه عندما تكون هناك محكمة غير مختصة فإنها تكون أقل كفاءة للنظر في قضايا الجرائم.