بينما كان طالب هندسة البرمجيات بشار أبو شمالة يتصفح "فيسبوك"، وقع على خبر احتفاء إحدى الدول العربية باستيراد عدة رادارات من الصين، فانتابه الفضول باحثًا عن ماهيَّتها وطريقة عملها حتى تمكن من تطوير خوارزمية ذكاء اصطناعي لتشغيل جهاز رادار لقياس سرعة السيارات.
وبحسب إدارة المرور والنجدة فإن لديهم جهازًا واحدًا فقط في قطاع غزة لقياس سرعة السيارات التي تسير على الطرقات (الرادار)، وتغيب هذه الأجهزة بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض عليه.
ويوضح بشار أن فكرة عمل الجهاز تكمن في تحويل الكاميرا الإلكترونية العادية التي لا يتجاوز ثمنها 20 دولارًا، إلى كاميرا متطورة باستخدام الذكاء الاصطناعي، قادرة على اتخاذ القرار وقياس سرعة المركبات والمسافات وتحديد لون ورقم السيارة".
ويقول الشاب العشريني لـ"فلسطين": إن جهاز الرادار فكرة مطورة عن رادار صنعه تقليدًا لأحد الأنظمة الأوروبية، ولكنه فشل لأن شوارع قطاع غزة وتخطيطها العمراني ليس واحدًا، وكذلك تشهد ازدحامًا كبيرًا، وليست مقسمة حسب نوع المركبات.
ويتابع: "لذا فكرت برادار يتناسب مع طبيعة طرقات وشوارع القطاع ويكون أيضاً رخيص الثمن لكي تتمكن الجهات المعنية من استخدامه بسهولة".
ويشير بشار إلى أنه اعتمد في مشواره البحثي لصنع الجهاز على ولعه بمادتي الرياضيات والفيزياء، مستعينًا بالعديد من المراجع البحثية في الذكاء الاصطناعي لشركة "مايكروسوفت"، ومشاهدة مقاطع فيديو عبر منصة "اليوتيوب".
تكثر أعداد الإصابات التي توردها الإدارة العامة لشرطة المرور والنجدة، مع الأرقام المرتفعة لحوادث السير المسجّلة.
وارتفعت حوادث السير أخيراً لتبلغ 2461 حادثاً في عام 2021، لقي فيها 53 شخصاً مصرعهم، 31 منهم دون 18 عاماً. وتعرّض 1315 آخرون لإصابات بجروح مختلفة، 51 منها خطرة و506 متوسطة و758 تُعَدّ جروحاً طفيفة. وقد تضررت بفعل حوادث السير تلك 3527 مركبة من مختلف الأنواع، من بينها 325 دراجة نارية.
ولا يقتصر الأمر على الإصابات بجروح مختلفة قد يؤدّي بعضها إلى إعاقات دائمة أو مؤقتة، إذ تُسجّل كذلك حالات وفيات وإن لا تُعَدّ مرتفعة.
ويقول المفتش العام لحوادث المرور في الإدارة العامة لشرطة المرور والنجدة في قطاع غزة مصطفى الشاعر إن "السبّب الأوّل لحوادث السير هو السرعة الزائدة، خصوصاً في ساعات الليل، حينها يُسجَّل النصيب الأكبر من إجمالي الحوادث.
أمّا السبب الثاني فهو القيادة بعكس السير، والثالث تجاوز الإشارة الحمراء، خصوصاً في شارع عمر المختار الذي يربط قطاع غزة من شماله إلى جنوبه. والسبب الرابع هو القيادة من دون رخصة".
ويعتقد بشار أن الجهاز الذي صنعه سيوفر رقابة عالية على الطرقات ويحد من حوادث السير.
ويكشف أنه لم يرغب في الحديث عن الرادار على الملأ، ولكن مجريات الأحداث من حوله جعلته يصل إلى مرحلة تتطلب إثبات الحقوق.
وتقدم بشار إلى وزارة الاقتصاد الوطني في قطاع غزة، للحصول على براءة اختراع لـ"الرادار"، وهو امتياز خاص يتم منحه رسميًا لمن يقدم اختراعًا خلال فترة زمنية محددة، بشرط أن يتم الاطلاع عليه من قبل العامة.
ويطمح طالب هندسة البرمجيات لتوظيف البرمجة في حل المشاكل المحلية التي تواجه غزة بعيدا عن الأنظمة الكلاسيكية، كما يريد الإلمام بكل جوانب علوم البرمجة وترك بصمة في مجال خوارزميات الذكاء الاصطناعي.
ويوجه بشار رسالة إلى المسؤولين والشباب في قطاع غزة: "الحصار ليس شماعة للبطالة في القطاع، بل عليكم البحث عن مجال عمل عبر الإنترنت والذكاء الاصطناعي"، داعيًا إلى إقامة نوادٍ برمجية لأن الإنترنت مورد اقتصادي ومالي مهم للشباب وللدولة أيضًا.