قال مدير الإدارة العامة لشرطة مكافحة المخدرات في قطاع غزة العميد أحمد القدرة: إن إدارته تخوض حربًا خفية مع الاحتلال الإسرائيلي رغم شح الإمكانيات في القضاء على آفة المخدرات.
وأوضح في حوار مع صحيفة "فلسطين" أمس، أن موضوع المخدرات يتنامى عالميًّا يوما بعد يوم، ويتمدد في حجم الكميات وفي نوعية المواد المخدرة وخطورتها وأثرها على صحة الإنسان، لافتًا إلى أن قطاع غزة يعاني من هذه الآفة كبقية دول العالم.
وتابع القدرة: "عملنا يقوم على مذهبين أساسيين، محاربة العرض في المواد المخدرة ومحاربة الطلب عليها".
وأشار إلى أن محاربة العرض تتمثل بشكل أساسي على العمل تجاه ندرة وجود المواد المخدرة في سوقها، وخلق صعوبة لدى من يحتاج إليها من خلال ارتفاع ثمنها وصعوبة الوصول إليها وللبؤر المُعلنة لترويجها، قائلًا: "وهذا جهد أساسي نقوم عليه من خلال العمل على منع التهريب ومراقبة المنافذ والحواجز والمعابر، والضبطيات والكمائن وتفتيش منازل المطلوبين وأوكارهم وإلقاء القبض عليهم".
وأضاف: "الشق الثاني والمتعلق بمحاربة الطلب عليها هو مذهب يتعلق بالتوعية، وفي هذا الإطار، لو نجح المهربون بتسريب المواد المخدرة إلى قطاع غزة فإنه يتوجب على أبناء شعبنا النأي بأنفسهم عن شرائها وتعاطيها"، مشيرا إلى أن المكافحة تعمل في توازن بين المذهبين.
ولفت القدرة إلى أن قطاع غزة المحاصر منذ عقد ونصف من الزمن، مُستهدف بالمخدرات، عبر محاور عدة، وهي المحور البحري وهو محور فاعل جدًا، ومحور الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر عبر أنفاق التهريب التي لجأ إليها السكان لكسر الحصار وتم استغلالها سلبيًّا في تهريب المخدرات، ومحور الحواجز والمعابر مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأشار مدير الإدارة العامة لشرطة مكافحة المخدرات في قطاع غزة، إلى أن المخدرات المضبوطة في قطاع غزة يتم تحريزها وفقا للقانون إما لدى هيئة القضاء العسكري وإما للنيابة العامة، تبعًا للقضية ومكانها، قائلًا: "يتم إتلاف المواد المخدرة عبر لجنة يشكلها القضاء، تشارك فيها وزارة الصحة والنيابة العامة وإدارة مكافحة المخدرات وجهات حقوقية، في محارق خاصة تشرف عليها الصحة".
وأوضح القدرة أن قانون المخدرات رقم (7) عام 2013، قانون حاسم ذو عقوبات شديدة وفيه تفاصيل كثيرة تؤدي إلى ردع حقيقي لتجار المخدرات ومروجيها، قائلا: "رغم أن تطبيقه جاء متأخرا، لكننا نشهد أحكاما قضائية رادعة تتراوح في مجملها بين 10 – 15 سنة سجن للمدانين في قضايا المخدرات، وأحكام بالسجن المؤبد للبعض".
رسائل توعية
ودعا القدرة إلى التوعية المجتمعية، فـ"الوقاية خير من قنطار علاج"، قائلًا: "ندرك أن ضيق الحال عند البعض يدفعهم للتفكير في تعاطي المخدرات لكن ذلك لم يسهم في حل مشكلاتهم بل زادها".
وأكد أهمية تفعيل دور الفرق الشبابية والتطوعية ومنظمات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني والهيئات الحكومية والرسمية، في التوعية بشكل مكثف من أجل حراسة أبناء شعبنا والنأي بهم عن آفة المخدرات.
كما دعا المواطنين للمساهمة مع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، في الإدلاء بالمعلومات والإبلاغ عن مروجي المخدرات وتجارها ومتعاطيها، لافتا إلى أن إدارته تحفظ سرية المعلومات وآلية وصولها والتعاطي معها بعيدا عن أي اختراق أو كشف لمصدرها.
وأكد القدرة أهمية نبذ مروجي المخدرات وتجارها، الذين يأبون إلا الاستمرار في تدمير المجتمع، محملا الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية المباشرة عن انتشار المواد المخدرة في قطاع غزة.
ولفت إلى أن الفترة الأخيرة شهدت ضبطيات مكثفة في حاجز كرم أبو سالم الذي تدخل البضائع من خلاله إلى قطاع غزة من طرف الاحتلال الإسرائيلي، وهذا يدلل على حرب الاحتلال الشرسة ضد أبناء شعبنا في غزة لإغراقه في وحل المخدرات، قائلا: "تم ضبط كميات من عشبة الماريجوانا وهي مخدر خطير جدا، مصدره الأساسي الاحتلال، وهي عبارة عن عشبة مستنبتة".
وأوضح أن الاحتلال يمنع استيراد أجهزة الكشف الحديثة عن المخدرات، ويمنع إجراءات تفتيش وتطوير للمعابر تساهم في الكشف عن المخدرات، سيما أنه هو المتحكم في حركة دخول الشاحنات والبضائع إلى قطاع غزة.
وقال القدرة: "طواقمنا بحاجة ماسة للخروج إلى المجتمع الدولي وتلقي مهارات الكشف عن المخدرات ومواكبة التطور في هذا المجال، خصوصا أن جرائم المخدرات من أكثر الجرائم تطورًا وتسارعًا في العالم".
ولفت مدير الإدارة العامة لشرطة مكافحة المخدرات في قطاع غزة إلى أن شح الإمكانيات في أيدي العاملين يزيد الصعوبات في مواجهة الآفة، "لكننا نتوكل على الله بقدر ما نستطيع، ونغلب الجانب المتعلق بالكادر البشري وهو رأس المال الحقيقي، ونعمل على تدريبه وزيادته".
وقال: "حرب المخدرات كبيرة جدا، ومن خلال متابعتنا نجد أن هناك ضبطيات كبيرة في العالم العربي والإسلامي للمواد المخدرة، وهذا الأمر يؤدي إلى نزف كبير في الموارد المالية إضافة إلى تدمير شباب الأمة، وهذا يدلل على وجود حرب حقيقية ضدهم".
وأضاف: "الاحتلال الإسرائيلي يتحمل بشكل أساسي المسؤولية عن ذلك، لدعمه بشكل غير علني التجارات غير المشروعة في إطار سياساته الكبرى لإفساد شبابنا وتدميرهم".
وتابع: "السنوات الثلاث الأخيرة شهدت هجومًا على العالم العربي والإسلامي، والاستهداف يزيد يومًا بعد يوم، والأخطر في هذا الأمر هو طبيعة المواد المخدرة الأكثر فتكًا بالشباب".
وفي رسالته للشباب الذين يستسهلون تعاطي الحبوب المخدرة الحديثة، قال: "الحبوب المخدرة أشد خطرا وفتكا وإضرارا بالإنسان من المواد المخدرة التقليدية مثل الحشيش، وكلها خطيرة"، مشيرا إلى أن حرب المخدرات على شباب أمتنا يديرها الاحتلال وبعض ضعاف النفوس وبعض التجار والمستغلين والمستفيدين.
ولفت القدرة إلى أن النصف الأول من العام الحالي شهد إنجاز نحو 400 ضبطية مخدرات، مشيرا إلى أن الضبطيات يصل عددها 1000 ضبطية كل عام، يتم ترحيلها إلى الجهات المختصة.