قائمة الموقع

"ملكات السهل" يحرسن دير بلوط بزراعة الفقوس

2022-06-26T08:50:00+03:00

عند الساعة الخامسة فجرًا، كانت الشمس ترمي خيوطها بخجل على دونمات الفقوس الممتدة على سهل قرية دير بلوط غرب سلفيت، تحني "ملكات السهل وحارساته" ظهورهن يقطفن الثمار في سلال بلاستيكية، وقبل أن تحتد حرارة الشمس ينسحبن للراحة في بيوتهن.

في ساعات العصر تدب الحياة مجددًا في السهل، إذ تنتشر المزارعات لاستكمال قطف الفقوس، وعيونهن ترتقب أي هجمات للمستوطنين وخنازيرهم من المستوطنات الثلاث المحيطة بدير بلوط وقضمت جزءًا كبيرًا من أراضي القرية.

ورغم كل المخاطر المحدقة في ظل الاحتلال والمستوطنين تحافظ نساء الدير على حراسة السهل، وزراعته بمحصول الفقوس الذي يحظى بشهرة واسعة على مستوى فلسطين.

وعلى مدار سنوات استولى الاحتلال على 26 ألف دونمٍ من أراضي قرية دير بلوط لصالح المستوطنات وجدار الضم والتوسع العنصري.

وتقطع المزارعة ابتسام موسى مسافة الطريق الواصلة بين بيتها والسهل بعشر دقائق، وتصل مع ساعات الصباح الأولى إلى الأرض التي تزرعها فقوسًا برفقة زوجها.


 

تصادق موسى الأرض منذ 40 عامًا فلم يبرح المنجل يدها منذ ذلك الحين، فمع بداية شهر مايو يبدأ موسم جني ثمار الفقوس الممتدة على مساحة ثلاثة دونمات ونصف الدونم استأجرتها هذا العام.

تقول موسى (52 عامًا) لـ"فلسطين": "نبدأ بقطف الفقوس من مايو ونستمر حتى بداية يوليو، ومن ثم في شهر أغسطس تترك الأرض دون زراعة لكي ترتاح، في حين تقوم بعض المزارعات بزراعتها بالقمح أو البقوليات والبصل".

وتضيف: "منذ سبع سنوات بدأت نحو 450 سيدة بزراعة السهل بالفقوس بدعم من الجمعيات الزراعية، لكي نحافظ على الأرض وعدم تركها للمستوطنين والاحتلال خوفًا من مصادرتها".

وبحسب موسى فإن الفقوس الذي يزرعنه بعليٌّ، لا يحتاج إلى كثير من الماء، وإنهن ذهبن لهذا الخيار بسبب المعوقات التي يفرضها الاحتلال على الزراعة إذ يمنع حفر الآبار أو مد خراطيم مياه للري في السهل.

تشير موسى إلى أن مزارعي القرية كانوا في القدم يروون أراضيهم من الآبار الموجودة في الوادي القريب من السهل، ولكن الاحتلال استولى عليها بعد احتلال القرية، ويقوم اليوم ببيع الماء للمزارعين.

وزراعة الفقوس هي مصدر دخل تعيل به موسى أسرتها، فقد تخرج جميع أبنائها في الجامعة، ومنهم من يساعدها في الأرض برفقة زوجها وهو مدير مدرسة متقاعد.

قطف ثمار الفقوس يتم على فترتين، وفق ما تذكر موسى، تمتد الأولى من الخامسة فجرًا حتى التاسعة، أما الفترة الثانية فتمتد من الساعة الثالثة والنصف عصرًا حتى أذان المغرب، لافتة إلى أن الفقوس يتم قطفه يومًا بعد يوم.


 

وتلفت إلى أن المخاطر تواجههم من كل جانب، ولا سيما الخنازير التي يطلقها المستوطنون لكي تأكل الفقوس، وتتلف المزروعات، وفي أوقات تصاعد الأحداث يتعرضون لمضايقات من المستوطنين لذا يتوقفون عن زيارة أراضيهم خوفًا على حياتهم.

مردود اقتصادي ونفسي

أما المزارعة الخمسينية ربيحة محمد، فيعد الفقوس مصدر رزقها الأساسي كما جميع نساء القرية، "ففي القرية الزراعة هي مهمة النساء، والرجال يذهبون إلى وظائفهم، وهذا الأمر طبيعي لنمط الحياة هنا".

وتتابع محمد: "معظم نساء البلدة ورثن زراعة الفقوس عن أمهاتهن، في حين يذهب الرجال إلى العمل في الوظائف المكتبية أو عمالًا في الأراضي المحتل عام 1948م".

وتبدأ ربيحة الموسم الذي ينطلق بحراثة الأرض، وإضافة الزبل العربي، وزراعة البذور وتغطيتها بعلب بلاستيكية، خشية اقتراب الخنازير البرية والطيور، ثم التعشيب، وانتظار القطاف.

وتلفت ربيحة إلى أن الواحد يدر نحو 3000 شيقل، فيما تباع أول قطفة بعشرة شواقل للكيلو، ثم تتهاوى الأسعار إلى أقل من ثلاثة شواقل للكيلو، والمعضلة التي تواجه ربيحة أنها لا تمتلك أرضًا، وتدفع نصف العائد للمالك.

وتختم حديثها: "زراعة الفقوس لا تدر مردودًا ماديًّا فحسب، بل تدر مردودًا نفسيًّا واجتماعيًّا أيضًا، فالعمل في السهل يقوي العلاقات الاجتماعية بين النسوة، وبه يفرغن طاقاتهن السلبية، وضغوطات حياتهن اليومية".

اخبار ذات صلة