خمسة عشر عامًا من الوجع والألم والحصار الذي يضيق خناقه على أهالي قطاع غزة، والذي ألقى بظلاله على مختلف قطاعات الحياة، كانت حاضرة في معرض يهدف لتسليط الضوء على أثر 15 عامًا من الحصار على غزة، بحضور 15 شابًا وشابة عانوا ويلات الحصار، وشاركوا بعرض قصصهم وأحلامهم وطموحات التي حرمهم الحصار من تحقيقها، ونشر مقاطع فيديو وصور توضيحية عن الحصار.
المعرض المقام أمس، في فندق المشتل، لصالح مؤسسة أوكسفام الدولية الذي أطلقت خلاله حملة لتسليط الضوء على 15 عاما من حصار غزة، شارك فيه عدد كبير من المؤسسات الدولية والمحلية والشركات والجمعيات، وعدد من المسؤولين الأوروبيين والفلسطينيين، أبرزهم ممثل الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية، سفين كون فون بورغسدورف.
أحلام مبتورة
ما إنْ تحط قدميك في المعرض تلفت نظرك لوحات تعريفية باللغة الإنجليزية للنجوم الذين عايشوا حصار طمس أحلام رسموها على مدار سنوات، فتالا بسيوني (17 عامًا) كانت تقف أمام لوحتها لتتحدث عن معاناتها مع الحصار، وتقول لصحيفة "فلسطين": "أنا مهتمة بالسياحة والسفر، ولكن الحصار يمنعني من خوض المغامرة، فهذا المعرض هو فرصة لأبين معاناتي بشكل شخصي ومعاناة الشباب في غزة بصعوبة التنقل والسفر ليس للخارج فقط، بل أيضًا للشطر الثاني من الوطن".
بينما استعرضت الشابة وسام أبو عواد تجربتها مع فرص العمل بغزة؛ لكونها خريجة بكالوريوس إدارة أعمال، منذ خمس سنوات ولم تحصل حتى الآن على فرصة عمل، وتقول: "رغم ذلك إلا أن شغفي وحبي للعمل لم يتوقف، واستثمرت وقتي بتطوير مهاراتي واكتساب معارف جديدة، ولدي شغف كبير للمبادرات والعمل التطوعي".
تعيش أبو عواد في بقعة جغرافية صغيرة فيها مئات آلاف الخريجين الذين لا يجدون فرصة عمل لهم بسبب الحصار المفروض عليهم.
وعلى ستار أسود معلق على حائط وضعت صورًا تحاكي الحصار البري والبحري والجوي، وتجسد حياة الغزيين في ظل الحصار وما يعيشونه من واقع صعب.
بيسان النتيل -من مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي- بينت أن مشاركة المؤسسة جاءت على هيئة مجموعات من قصص الأطفال التي تحاكي أحلامهم وواقعهم المعاش، وكتبوا بعض نصوصها، إلى جانب إصدارات لشباب تحدثوا فيها عن معاناتهم.
أما الشابة روان حزيق (22 عامًا) فشاركت بلوحة منحوتة تنقل فيها حاجة القطاع الماسة لأن يكون لديه مطار، مستخدمة أسطورة طائر العنقاء لعل حلم الغزيين يتحقق بإعادة بنائه.
وقالت: "هناك الكثير من الأجيال الجديدة التي لا تعرف شيئًا عن مطار غزة والدولي، ويجب توعيتهم لحماية الهوية الفلسطينية من الاندثار".
إنهاء الحصار
أما المشاركة سوسن الخليلي وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة فقد عرضت مطرزاتها ولوحاتها، وقالت: "جاءت مشاركتي لأبين أن الإعاقة ليست في الجسد بل بالحواجز التي يضعها البعض أمامنا كالحواجز البيئية والسلوكية والمجتمعية".
وأضافت: "الحصار له أثر سلبي على توفُّر المواد الخام الخاصة بالتطريز أو الألوان التي نحتاجها للرسم، ورغم ذلك نستمر في سبيل المحافظة على التراث الذي يحاول الاحتلال سرقته".
بينما شرح رئيس الاتحاد الفلسطيني للشراع والتجديف خلدون أبو سليم حلمه ببناء منتخب وطني قادر على خوض منافسات دولية وعربية ومحلية في رياضات مائية مختلفة.
وأوضح أنهم يواجهون نقصاً في المعدات والقوارب التي يحتاجونها في تطوير تلك الرياضة، وتسهل ممارستها بين فئات المجتمع الرجال والنساء والأطفال وذوي الإعاقة.
وبين مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا أن المعرض يعرض الصمود الأسطوري للغزيين في وجه الحصار، ورسالة للمجتمع الدولي أن يتحرك للضغط على الاحتلال الإسرائيلي من خلال الأفعال وليس الأقوال لإنهائه.
ويشير مسئول العلاقات العامة في مؤسسة أوكسفام صهيب جرار، بأن المؤسسة اختارت 15 من الشباب الغزي كممثلين عن مئات الآلاف من الشباب الذين عاشوا الحصار مما أثر على أحلامهم وطموحاتهم ومهنهم، والمنتجات المحلية التي لا يستطيعون أصحابها تسويقها بسبب الحصار.
وضم المعرض قسمًا لعرض المنتجات المحلية، تم افتتاحه بالشراكة مع 54 مؤسسة دولية وأهلية وشركات وجمعيات تعاونية.