فلسطين أون لاين

​زوجته لـ"فلسطين": تلقى تهديدات كثيرة من "الموساد"

الأسير "أبو حبل".. عام في سجون "النمسا" وخشية من تسليمه للاحتلال

...
عبد الكريم أبو حبل
غزة - يحيى اليعقوبي

على أعتاب نيسان 2016، حطت قدماه، الأراضي النمساوية قادما من تركيا واليونان وقبل كل ذلك من شمال قطاع غزة، في رحلة لجوء قصيرة، أراد من خلالها الأسير المحرر عبد الكريم أبو حبل التعرف على البلدان بعد تسع سنوات من الأسر قضاها في سجون الاحتلال.

قدم أبو حبل 28 عاما طلب اللجوء السياسي للنمسا، إلا أن طلبه قوبل بالرفض، ولم يقف الأمر على الرفض فقد حققت معه السلطات النمساوية لمدة خمس ساعات، ما أثار شكوكه ومخاوفه من أمر ما قد يدبر له في بلاد يدخلها لأول مرة، "جهزت أغراضي وبدي أنزل مع أول فتحة لمعبر رفح" هذا ما قاله لزوجته سائدة أبو حبل قبل اعتقاله بيوم واحد.

في السابع عشر من يوليو/ تموز 2016م، وما إن هم أبو حبل بالرحيل عن "النمسا" حتى اعتقلته سلطاتها في ذات اليوم في عملية مشتركة مع استخبارات الاحتلال "الموساد"، وتكمل زوجته رواية التفاصيل لصحيفة "فلسطين": "تفاجأ عبد الكريم أن من يحقق معه هو جهاز استخبارات الاحتلال الإسرائيلي "الموساد" بحضور الشرطة النمساوية".

كيف وصلوا إليه؟

وهكذا بدأ أبو حبل، والكلام لزوجته، رحلة تحقيقات مع جهاز "الموساد" استمرت ثمانية أشهر، استخدم فيها كافة أنواع وأشكال التعذيب، وفق ما أخبرهم به الأسير المحرر في مكالمة هاتفية وحيدة أجراها مع عائلته، في مايو، أيار الماضي بواسطة قنصل سفارة السلطة هناك.

في هذه المكالمة الهاتفية، كشف لهم أن من كان يحقق معه هو "الموساد" الإسرائيلي، الذي وضع أمامه ملف حياته بعد الإفراج عنه كاملا.

في بداية الاعتقال تلقت عائلة أبو حبل تطمينات من سفارة السلطة بالنمسا، بأنها إجراءات روتينية وسرعان ما تنتهي، لكن الاتهام لأبو حبل بالتحريض على الاحتلال، أضيفت إليه اتهامات أخرى كالانتماء لحماس، والتخطيط لعمليات عسكرية هناك، الأمر الذي نفاه الأسير المحرر خلال التحقيقات معه كما نفته عائلته.

كان من المفترض، تبعا لكلام أبو حبل، أن تكون جلسة محاكمة زوجها في سبتمبر العام الماضي، ولكن تأجلت إلى ديسمبر/ كانون أول من ذات العام، ومن ثم تأجلت إلى فبراير/ شباط 2017، حتى حددت الفترة ما بين 18 إلى 24 يوليو/ تموز الجاري فترة جلسات محاكمة.

ولأبو حبل، حكاية مع الاحتلال ومع شهر "يوليو" تحديدا، إذ اعتقله في 12 يوليو/ تموز 2004، وأمضى 9 سنوات حتى أفرج عنه في 12 يوليو 2013، وقصف بيتهم في شهر يوليو 2014، واعتقلته السلطات النمساوية بشهر يوليو 2016م.

لم تكن أحداث يوليو مع عبد الكريم مصادفة، وعن ذلك تقول زوجته: "تلقى عبد الكريم تهديدات كثيرة من مخابرات الاحتلال، كان أحدها في العدوان الأخير على غزة"، "احنا مش ناسيينك اطلع من بيتك قبل ما تموت".. هذا ما هدد به ضابط الاحتلال أبو حبل قبيل قصف منزله، أما بالنمسا فقال له ضباط الموساد "اعتقلناك بشهر سبعة.. هذا التاريخ لن تنساه".

وأكثر ما كانت تخشاه زوجة الأسير أبو حبل، هو أن يتم ترحيله إلى الاحتلال الإسرائيلي، وأن يكون الحكم بالسجن عشر سنوات أو عشرين، أو حتى الحكم عليه بالمؤبد.

ولم يكن الواقع مخالفا لتلك المخاوف، إذ أصدر القضاء النمساوي، أمس حكما بالسجن المؤبد على أبو حبل، بتهمة الدعوة عبر الإنترنت إلى تنظيم عملية انتحارية لدى الاحتلال.

غياب التفاعل

بدا واضحا على صوتها مرارة معاناتها من هذه القضية التي تعتبر أنها لم تجد تفاعلا رسميا أو شعبيا أو حقوقيا كافيا معها إذ إنها دقت أبواب مؤسسات حقوقية فلسطينية وعربية ولكنها لم تجد آذانا صاغية، فتقول: "تواصلت بالأمس مع خارجية السلطة برام الله حتى نعرف الحكم النهائي بقضيته، فأبلغت أن المسؤول الذي يتابع الملف في إجازة، والأمر المؤسف أن السفارة أبلغتني أنها لن تستطيع فعل أي شيء لأنها مهمشة بالنمسا وغير معترف بها".

"اتهامات الاحتلال والنمسا باطلة، ولم يكن لديه أي تحركات هناك، والهدف من الاعتقال معاقبة الأسرى المحررين بأن يبقوا ملاحقين" بهذا ترد زوجته على الاتهامات السابقة، متسائلة: "كيف لدولة تدعي الديمقراطية (النمسا) أن تنفذ أوامر الاحتلال بهذا الشكل؟.

حكم قابل للاستئناف

وقال بيان صادر عن محكمة منطقة كرمس في النمسا التي أصدرت الحكم، إن "طالب اللجوء (27 عاما) الذي اعتقل عام 2016 في مركز للجوء في منطقة فالدفيرتل، هو عضو في حركة حماس، ودعا عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى تنفيذ عمليات إرهابية في إسرائيل"ّ.

وأضاف البيان، الصادر أمس، أن "المتهم يحاكم بشأن تهم أخرى أيضا، حيث لم يمتثل للقوانين وقواعد الانضباط خلال وجوده في سجن جوزيف شتاد بفيينا، ولفق اتهاما ضد طبيب السجن"، مشيرا، إلى أن الحكم ليس نهائيا إذ يمكن للمتهم استئنافه.

وحذر مركز الأسرى للدراسات، أمس، من إمكانيات تسليم النمسا اللاجئ الفلسطيني عبد الكريم أبو حبل 28 عاما من مخيم جباليا والمعتقل في أحد السجون بمدينة كريمس المحاذية لنهر الدانوب .

وشكك مدير المركز رأفت حمدونة في بيان صحفي وصلت فلسطين "نسخة " عنه من لائحة الاتهام الموجهة للمعتقل أبو حبل في النمسا والتي تشير إلى قضايا خارج النمسا ومتعلقة بدولة الاحتلال كالقيام بعمليات عسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي، والانتماء لحركة حماس ، وقضايا أخرى تحت عنوان " ممارسة الارهاب " .

وطالب حمدونة السلطة ووزارة خارجيتها وهيئة شؤون الأسرى بمتابعة قضية أبو حبل خوفاً من تكرار تجربة المعتقل ضرار أبو سيسي الذي تم تسليمه للاحتلال من خلال تعاون أمنى بين الاحتلال والسلطات الأوكرانية في 18 فبراير/شباط 2011.