يسعى الاحتلال الاسرائيلي لتشكيل حلف (أمني عسكري) مع عدد من دول المنطقة في إطار تعزيز الموقف الاسرائيلي في مواجهة التهديدات وعلى رأسها ما يعتبره الاحتلال التهديد الإستراتيجي وهو؛ (الخطر الإيراني)، لذلك شهدت المنطقة الخليجية زيارات ولقاءات مكثفة على كافة المستويات لترتيب هذا الأمر، وقد جاء ذلك في ظل رغبة أمريكية في صناعة هذا التحالف لحماية أمن الاحتلال الاسرائيلي ومواجهة التهديدات المتزايدة في المنطقة خصوصا في ظل تنامي قدرة طهران وازدياد تأثيرها ونفوذها في عدة ساحات.
وقد اختتم رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت مؤخرا زيارته للعاصمة الإماراتية أبو ظبي والتي التقى خلالها الرئيس محمد بن زايد آل نهيان، وحظي الملف الإيراني بنصيب وافر على طاولة الملفات التي ناقشها الطرفان، وفي ذات السياق فقد كشفت وسائل إعلام تابعة للاحتلال الاسرائيلي؛ إن تل أبيب نشرت منظومة رادار في عدة دول بالشرق الأوسط ضمنها الإمارات لمواجهة (لتهديدات الإيرانية)، هذا يعني؛ أن الحراك والجهد الاسرائيلي نجح في تحقيق المراحل الأولى من هذا المشروع، من خلال البدء في بناء منظومة عسكرية يمكنها اعتراض الصواريخ وإسقاط الطائرات المسيرة والقيام بمهمات مختلفة.
وقد كشف المتحدث باسم حكومة الاحتلال بأن بينيت ناقش مع محمد بن زايد 1/(التعاون الأمني) بين الجانبين، 2/والتحدي الإيراني وتداعياته، 3/وقرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يشكل إشارة تحذير لإيران، مثل هذه اللقاءات تأتي كثمرة لمسار التطبيع والذي لا يحمل في مضمونه وأهدافه أي خير للمنطقة وإنما هو بوابة لمخاطر جديدة، بل وسكة للدخول للمنطقة وتوسيع النفوذ الاسرائيلي على حساب أمن واستقرار المنطقة، لكن بكل أسف بعض الأنظمة المطبعة تشعر بأن التقارب مع الاحتلال هو فرصة ثمينة لتحقيق أهداف إستراتيجية أبرزها: نيل الرضى الأمريكي، وتعزيز نفوذهم، وحماية أنظمتهم الحاكمة، لكن في الحقيقة فإن الاحتلال لن يحارب نيابة عنهم ولن يساهم في حماية عروشهم، وما يبحث عنه فقط مصالحه.
واللافت أن زيارة بينيت هي الثانية له إلى الإمارات منذ الإعلان عن تطبيع العلاقات بين البلدين في عام 2020 تحت رعاية ودعم الولايات المتحدة، والأولى بعد تولي محمد بن زايد منصب الرئاسة إثر وفاة أخيه غير الشقيق خليفة بن زايد آل نهيان في منتصف مايو/أيار الماضي، وكان ابن زايد وبينيت التقيا أيضا بمصر في مارس/آذار الماضي، هذا ما أعلن عنه وقد تكون هناك لقاءات أخرى عقدت بعيدا عن وسائل الإعلام لمستويات أمنية وعسكرية مختلفة، والتي أثمرت عن هذا التطور في المنطقة والذي كشفت عنه وسائل الإعلام الاسرائيلية التي تحدثت عن نشر منظومة رادار في عدة دول عربية، وهذا تطور لافت وخطير يمكن أن يورط دولا خليجية بمواجهة مباشرة مع طهران.
وقد كشفت مؤخرا القناة 12 الإسرائيلية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي نشر (منظومة رادار) في عدة دول في الشرق الأوسط بما في ذلك "الإمارات والبحرين"، وذلك ضمن رؤية للتعاون المشترك في مواجهة "تهديدات إيران الصاروخية، وخلق منظومة للإنذار المبكر، باعتقادي فإن الاحتلال يرى من خلال هذه الخطوة بأن الرادارات وأي أجهزة ومعدات سيتم نشرها لاحقا في دول المنطقة أنها يمكن أن تحقق أهداف مختلفة أبرزها: تعزيز الأمن الاقليمي، ووضع حدا للمخاطر الايرانية، وإفشال أي محاولات لشن هجمات جديدة أو محتملة على المصالح الإسرائيلية أو الخليجية، وهذا يتضح من خلال ما كشف عنه الاحتلال بأن هذه المنظومة نجحت في توفير إنذار مسبق قبل أشهر عدة عندما أطلقت إيران طائرات مسيرة مفخخة باتجاه (إسرائيل)، والتي أسقطت فوق الأجواء العراقية.
وفي هذا السياق، فقد أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال" (Wall Street Journal) الأميركية أن مشرّعين أميركيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري تقدموا بمشروع قانون إلى الكونغرس، وينص على أن تعمل وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) مع إسرائيل وعدد من الدول العربية من أجل دمج الدفاعات الجوية لإحباط ما وصفته التهديدات الإيرانية، وهذا يبين بأن واشنطن تسعى لإقامة تحالف (أمني عسكري) يضم كيان الاحتلال وعددًا من دول الخليج ويشمل ذلك دول لا تربطها بإسرائيل علاقات دبلوماسية.
يأتي هذا التعاون والتقارب بين دول خليجية والاحتلال في ظل هجمة ممنهجة على القدس والأقصى وتنامي العدوان في مختلف الساحات ضد الفلسطينيين، في ظل صمت عربي مطبق، وتخاذل واسع النطاق عن القيام بأي دور رسمي لحماية الفلسطينيين وردع الاحتلال عن مواصلة العدوان، وبالتالي؛ فإن هذه الأنظمة ستحصد قريبا ثمرة التقارب مع العدو والتي لن تجلب لها سوى الخراب والدمار، لأن من ينسلخ عن أمته ويتخلى عن قضاياها ويتأمر مع عدوها المركزي فإنه يسير إلى الهاوية حتى وإن خيل له أنه يسعى للنجاة.