فشل ائتلاف الاحتلال الحكومي في "الكنيست" الإسرائيلي أخيرًا، في تمرير "قانون الأبارتهايد" الذي يقضي بسريان القوانين الإسرائيلية على المستوطنين بالضفة الغربية المحتلة ما وضع حكومة نفتالي بينيت على "المحك"، وجعل إمكانية انهيارها قائمة في أيّ لحظة، حسب مراقبين.
وجاء فشل "الكنيست" في تمرير سريان القانون في إثر معارضة النائب عن "القائمة الموحدة" مازن غنايم ما أفقده الأغلبية. وفي أعقاب معارضته انسحب نواب القائمة الموحدة وحزب "ميرتس" من الجلسة وتغيّبوا عن التصويت وامتنعوا عن معارضة القانون الذي يُرسّخ نظام الفصل العنصري في الضفة الغربية.
وأيّد القانون 52 من أعضاء كتل الائتلاف، وعارضه 58 عضو "كنيست"، في حين لم يمتنع أيٌّ من الحاضرين عن التصويت، وذلك في ظلّ رفض أحزاب اليمين في المعارضة دعم هذا القانون الذي مدّد "أحكام الطوارئ" في الضفة الغربية.
يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي د. عمر جعارة: إنّ القانون يعني فرض قوانين الاحتلال على المستوطنين في الضفة الغربية، معتبرًا إياه "قمة في اليمينية والتطرف".
وأوضح جعارة لصحيفة "فلسطين" أنّ وزير القضاء بحكومة الاحتلال جدعون ساعر طلب تمرير القانون مصحوبًا بالتهديد بالانسحاب من الائتلاف الحكومي إن لم يتم ذلك، ومع ذلك فشل في تمريره بسبب أربعة أصوات معارضة مهمة.
وبيّن أنّ الائتلاف الحكومي لا يستطيع تمرير أيّ قوانين في ظل وجود مثل هذه المعارضة، مشيرًا إلى أنّ تمرير مثل هذا القانون يُعدُّ إنجازًا لـ"بينيت".
وبحسب جعارة، فإنه لا يجوز تطبيق القانون الإسرائيلي على الإسرائيليين على أرضٍ محتلة مثل الضفة طبقًا للقوانين الدولية، معتبرًا تمرير هذا القانون شكلًا من أشكال الضم وشرعنة الاستيطان المبرمج وصولًا للاستيلاء التام على الأرض، عدا عن أنه يُشكّل ضربة قوية للسلطة أيضًا.
ولفت إلى أنّ "ساعر" يريد تثبيت الوجود الإسرائيلي على الأراضي المحتلة، بزعم وضع حدٍّ لعربدة المستوطنين ضد الفلسطينيين، مضيفًا أنّ هذه التحركات تضع مستقبل حكومة الاحتلال في أزمة للسقوط، بمعنى بدء الإشارات في الإعلام العبري للتجهيز لإجراء الانتخابات الخامسة في قادم الأيام.
وأشار إلى أنّ فشل تمرير القانون هو الأكبر الذي يمرُّ على حكومة بينيت، إذ جعلها على المحك و"قد يكون القشة التي ستقصم ظهرها"، معتبرًا وجود التناقضات داخل الخريطة السياسية الإسرائيلية "كنزًا للفلسطينيين".
يُشارُ إلى أنّ حكومة الاحتلال دخلت مرحلة صعبة مع استمرار فشلها في تمرير القوانين في "الكنيست" في ظلّ فقدانها الأغلبية فيه، واستقالة عديد المسؤولين من مكتب رئيسها بينيت.
إسقاط الحكومة
وقال النائب السابق في "الكنيست" د. عبد الله أبو معروف: إنّ "قانون الأبارتهايد" يُعبّر عن مدى ممارسات الاحتلال القائمة على التمييز العنصري في الضفة الغربية، معتبرًا أنّ فشل تمريره يأتي في سياق محاولات أحزاب المعارضة إسقاط حكومة بينيت وإحراجها بشكل أكبر.
ورأى أبو معروف في حديث لـ"فلسطين"، أنّ هدف القانون تكريس التمييز العنصري لصالح المستوطنين غير الشرعيين في مستوطنات الضفة الغربية، إذ يسعى لجعلهم "مواطنين" عنوة، منبهًا إلى أنه "لا يجوز سريان القوانين الإسرائيلية على الإسرائيليين في أرض الفلسطينيين الأصليين".
وشدّد على أنّ هذا القانون غير شرعي ومخالف للقوانين الدولية التي رفضت شرعنة الاستيطان، ومنعت المحتل من ممارسة أيّ تغييرات جغرافية أو ديموغرافية في الأراضي المحتلة، مشيرًا إلى أنّ الاحتلال يريد إحكام الاستيلاء المطلق على الضفة الغربية وفرض سياسة الأمر الواقع.
وتوقّع إقدام الاحتلال على تمرير القانون مرة أخرى حتى نهاية الشهر الجاري، في ظل استمرار المحاولات لإيجاد مخرج قضائي.
وفي 13 يونيو/ حزيران 2021، أعلن رئيس "الكنيست" نيل حكومة بينيت الثقة بأغلبية صوت واحد، في ختام جلسة عاصفة شهدت مشادات وصراخًا غير مسبوق.
وحصل الائتلاف الحكومي على تأييد 60 عضوًا مقابل معارضة 59؛ وهو ما أنهى حقبة حكم الرئيس السابق لحكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو التي امتدت على مدار 12 عامًا متواصلة؛ ليصبح زعيمًا للمعارضة في "الكنيست".
وضمّ الائتلاف الذي سُمي "التغيير" ثمانية أحزاب مختلفة الأيديولوجيا، من اليمين واليسار والوسط والقائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس، واتفقوا على "إزاحة نتنياهو".
وعلى مدار عام من حكم "بينيت"، عانى ائتلافه انشقاقات وتمردًا، وخسر الأغلبية في "الكنيست"، في حين شهد مكتبه استقالة أربعة مسؤولين كبار في الفترة القصيرة الماضية.